العدد 4896 - الإثنين 01 فبراير 2016م الموافق 22 ربيع الثاني 1437هـ

قليلٌ من الكرم تجاه «الأونروا» أيها المليارديرية العرب

رضي السماك

كاتب بحريني

في مطلع الشهر الماضي أعلن مؤسس «فيسبوك» مارك زوكربرغ وزوجته بريسيلا تشيان التبرع بـ 99 في المئة من أسهمهما (45 مليار دولار) لصالح مؤسسة خيرية تُنشَأ باسميهما ويكون هدفها «تحسين الإمكانات البشرية وتعزيز المساواة».

وسبق هذين الزوجين الزوجان بيل غيتس وزوجته ميليندا بالتنازل عن 95 في المئة من ثروتهما لأعمال الخير، وهنالك أيضاً وارين بافيت الذي تنازل عن 99 في المئة من ثروته للأعمال الخيرية، ولاري إليسون مؤسس شركة «أوراكل» للتكنولوجيا الذي تنازل عن 95 في المئة لهذا الغرض. علماً بأن زوكربرغ وتشان كانا ضمن الموقعين الـ 138 من كبار أثرياء العالم من 15 دولة، على «ميثاق التعهد» الذي أطلقه غيتس وزوجته لإقناع كبار أثرياء العالم بالتنازل عن أكثر من نصف ثرواتهم للأعمال الخيرية، ولم يكن بين هؤلاء سوى ملياردير بريطاني من أصل عربي سوداني هو محمد إبراهيم الذي أعلن قبل عشر سنوات بالتبرع بنصف ثروته لأعمال الخير، في حين غابت كل أسماء المليارديرية العرب المعروفين عن التوقيع على قائمة أثرياء العالم المتعهدين بالتبرع بجزء كبير من ثرواتهم للأعمال الخيرية!

ومع أن ثمة تشكيك في أن التهرب من الضرائب على أرباح رأس المال هو الذي يقف وراء تبرعات هؤلاء المليارديرية الغربيين، إذ بحسب النظام الضريبي الأميركي تخفض الضريبة على الدخل الموجه للأعمال الخيرية بنسبة تصل إلى 50 في المئة، إلا أن ذلك لا يحجب المقارنة بين تبرعات المليارديرية الغربيين بالمليارديرية العرب، فتبرعاتهم للأعمال الخيرية مازالت شحيحة ومحدودة، إن على الصعيد الوطني الداخلي، وإن على الصعيدين القومي والإنساني، علماً بأن عدد المليارديرية العرب ليس بقليل وأحجام ثرواتهم ليست بصغيرة، ويستطيع من يشاء الاطلاع عليها موثقة بالأسماء والأرقام بالرجوع لقائمة فوربس للعام 2015.

قبل بضعة أسابيع وجهت وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» نداءً لإغاثة العجز في موازنتها المُقدّر للعام 2016، بحسب مفوضها العام بيير كرينبول، بـ 81 مليون كحد أدنى، ومما لا يخلو من دلالة أن هذا النداء تزامن تقريباً مع إعلان المليارديرية الأجانب المشار إليهم آنفاً بأحجام تبرعاتهم المذهلة للأعمال الخيرية، وكما نعلم فإن هذه الوكالة الدولية منذ تأسيسها غداة النكبة الفلسطينية العام 1948 تضطلع بتقديم خدمات إنسانية في منتهى الأهمية في إغاثة خمسة ملايين لاجئ فلسطيني، وعلى الأخص في مجالات الغذاء والكساء والدواء والعلاج والتعليم وغيرها من المجالات الاجتماعية الأخرى. وفي الشهر الماضي، تبرعت إيطاليا بـ 2,18 مليون يورو، لكن حتى هذه اللحظة مازال المليارديرية العرب، ولا سيما الخليجيين منهم، باتوا في حلٍ من أي التزامات قومية تجاه القضية الفلسطينية لا شأن لهم بها، دع عنك إعادة إعمار غزة، وفي تقديرنا فإن مبلغ العجز المذكور ليس عسيراً تدبيره بالشراكة من قبل الحكومات العربية المقتدرة والمليارديرية والمليونيرية العرب، علماً لو أنصفت الأمم المتحدة كل اللاجئين العرب اليوم لأدركت حاجتهم الملحة الماسة لأربع وكالات إغاثة جديدة على الأقل للاجئين: وكالة غوث اللاجئين السوريين، وكالة غوث اللاجئين اليمنيين، وكالة غوث اللاجئين العراقيين، وكالة غوث اللاجئين الليبيين. لقد أنفقت دول عشرات أو مئات المليارات من الدولارات لحض وتشجيع الشباب الخليجي للتوجه إلى افغانستان للجهاد المزعوم ضد السوفييت عوضا عن الجهاد ضد عدو العرب والمسلمين الأول والأخطر، العدو الاسرائيلي المحتل لفلسطين واراضي دول عربية، وذلك بغية صرف أنظارهم عن القضايا الوطنية الداخلية وعن قضية العرب المركزية «القضية الفلسطينية» لما لها من انعكاسات احتقانية محلية، وتم ذلك بدعم عسكري ومالي أميركي وذلك في أواخر سبعينات القرن الماضي، ولينقلب بعدئذ السحر على الساحر وليتحول أغلب هؤلاء بعد انسحاب السوفيات لجماعات ارهابية متطرفة عُرفوا ب «الأفغان العرب» وهي تشكل اليوم خطراً على الأنظمة العربية التي موّلتهم وعلى الغرب بزعامة الولايات المتحدة ذاتها معاً.

فمتى يا تُرى يحين الأوان لتستيقظ ضمائرهم ويكفِّروا ولو عن بعض ذنوبهم تجاه قضية العرب والمسلمين القضية الفلسطينية حيث أولى القبلتين وثالث الحرمين بالتبرع بما تجود به أيديهم ببضعة ملايين من الدولارات لـ «الأونروا»؟

إقرأ أيضا لـ "رضي السماك"

العدد 4896 - الإثنين 01 فبراير 2016م الموافق 22 ربيع الثاني 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً