العدد 4896 - الإثنين 01 فبراير 2016م الموافق 22 ربيع الثاني 1437هـ

أعلام في التّسامح والسّلام... شبكة «سلام كوم» العراقيّة

سليم مصطفى بودبوس slim.boudabous [at] alwasatnews.com

-

هل أصبحت صناعة الحروب والقتل ديدنَ هذا الإنسانِ الجديد اليوم؟ وهل آمن هذا «الإنسانُ» الغريب بالعنف والترهيب وكفر بالمحبّة والسلام؟ وهل قرّر أن يبنيَ صرحَه المجيدَ على جماجمِ الأبرياءِ الضعفاءِ؟ وهل يعرفُ هؤلاء حقّاً من يقتلون أو لماذا يقتلون؟

أسئلة يتناقلها العاقلون، على اختلاف دياناتهم وعقائدهم ومذاهبهم ومبادئهم وأفكارهم، وقد كفروا بهذا «الإنسان» وأنكروا جرائمه، وآمنوا بالتسامح والسلام. ولا شكّ أنّ أوّل من يقف لصدّ هذا الانتشار المحموم للقتل والحروب الطائفيّة هو أكثر من اكتوى بنارها، ولا ريْب أنّ العراق، ومنذ عقود، يكتوي بنار هذه الحرب بأشكالها المختلفة وأسبابها المتعددة. ولصدّ موجة الاقتتال الطائفي والعرقيّ تحرك العقلاء في العراق، وكانت لهم العديد من المبادرات لإحلال السلام. من ذلك أنهم أنشأوا شبكة «سلام كوم» التي ترقى بوصفها مبادرة عملية إلى أن تكون علَمًا من أعلام التسامح والسلام يستدعي المقامُ التعريفَ بها والإشادة بأهدافها.

في مجتمع مصابٌ بمرض خطير يهدّدُ الاقتتالُ فيه حياة الآمنين، لا يمكن أن يكون العلاج إلاّ نشر السلام. ولمّا كان العراقيون قد جربوا السياسيين، رجال الدين، العشائر... فلا ضيْر أن تُعطى الفرصة للشباب، فقد يكون بأيديهم نشر السلام بما يمتلكونه من حب للحياة وتطلّع للمستقبل ورغبة في النجاح في هذه المهمّة.

في هذا السياق جاءت شبكة السّلام العراقية (سلام كوم)، وهي مبادرة عراقية شبابية تقوم على أساس إشراك الشباب وتمكينهم وحشدهم من أجل السلام، وفي سبيل نشره في المجتمع. ونواةُ هذه الشبكة الشبابُ العراقيُّ من مختلف المدن والمحافظات العراقية إضافة الى مؤسسات المجتمع المدني التي تعنى بشئون الشباب، وهو مشروع ينفذه معهد صحافة الحرب والسلام الدولي من خلال الشبكة العراقية للإعلام المجتمعي (شبكة أنسم).

ويأتي هذا المشروع استجابة لحاجة الشباب العراقي في هذه المرحلة، وكيفية إبعادهم عن التطرف والطائفيّة؛ ذلك أنّ الشاب العراقي لا يحتاج إلا إلى فرصةٍ وتمكينٍ لينشر السلام والمحبة وليكون سفيرَ سلام في مجتمعه.

ويهدف مشروع تحشيد الشباب العراقي من أجل السلام إلى احترام عقائد شرائح المجتمع العراقي المتنوعة، ونشر أفكار التسامح والتعايش السلميّ بين مختلف هذه المكوّنات، كما يرمي المشروع إلى الحثّ على نبذ التطرّف بكافّة أشكاله، ورفض اللّجوء إلى العنف لحل الخلافات مهما كان نوعها، فضلاً عن دعم أفكار الشباب الإبداعيّة في مجال السلام من خلال شبكة السلام العراقيّة (سلام كوم). كما يؤكد القائمون على المشروع أنّه يركّز على بناء وعي شبابي قادر على استباق الفكر الطائفي المتطرف العنيف والتصدي له.

ويعمل هذا المشروع، الذي تبنّاه معهد صحافة الحرب والسلام بالعراق، على تأهيل الشباب العراقي ومساعدته على مقاومة التطرف والانخراط بصورة فاعلة في الحياة السياسية وتعزيز النشاط الديمقراطي المؤيد للسلام وتمكين الشباب من التواصل إقليمياً ووطنياً لتعزيز هذه القيم.

وقد اجتمع الشباب العراقي، بمختلف انتماءاتهم، العام الماضي، واستطاعوا وضع خطط لبناء مستقبل جديد للبلد، وتطوّعوا ضد الإرهاب إعلامياً، وساعدوا النازحين وأظهروا الصورة الإيجابية عن وحدة شباب العراق، وأكّدوا أنّهم فعلاً «سبائك» من ذهب وقع عليها بعض الغبار، وكل ما يحتاجه هو نفض الغبار عن هذه السبائك ليتجلّى للناس معدنها الأصيل.

ولعلّ أوّل من أولى هذه المبادرة الشبابيّة عناية وأشاد بها هو رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري حيث قال بمناسبة الإعلان عن نشأة هذه الشبكة: «إنّها فرصة مثاليّة للعبور إلى حالة التنمية ونشر قيم التسامح والمحبة والتضامن... كما تمثِّل حلاًّ استراتيجيّاً لتمكين المجتمع من إيجاد أدوات فاعلة لإحداث تغيير حقيقي في مناطق الصراع، وطرح الحلول العاجلة للأزمات».

و عن هذه المبادرة أيضاً، قال عماد الشرع مدير العلاقات العامة لمعهد صحافة الحرب والسلام بالعراق: «إنّ المبادرة تحاول تحصين الشباب من أفكار التطرّف والوصول إلى الشباب الذي قد يكون تأثّر بأفكار التطرّف». ولعلّ أهميّتها تكمن أيضاً في محاولة شباب (سلام كوم) الحوارَ مع أولئك الذين في طريقهم إلى الاقتناع بأفكار التشدّد، والانضمام إلى الجماعات الإرهابيّة، من أجل إيصال رسالة السلام إليهم، وتبيين خطأ مبادئ (داعش) ومؤيّديهم.

تُمثّل شبكة (سلام كوم) الشبابيّة فرصة مثالية لعبور العراقيين مرحلةَ التدهور إلى حالة من التنمية البشرية تقوم على أساس نشر روح التسامح والمحبة والتضامن، وتوصل رسالة إلى العالم بشأن وحدة الشباب العراقيّ. كما إنّها تقدّم درساً ونموذجاً يُحتذى في عديد الدول العربيّة ممّن داهمهم أو يداهمهم خطر الدواعش. فشبكة (سلام كوم) دعوةٌ للشباب العربيّ إلى الاقتداء بها، ونشرها في بلدانهم، وتوحيد جهودهم لمحاربة الإرهاب والعنف والتفرقة.

إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"

العدد 4896 - الإثنين 01 فبراير 2016م الموافق 22 ربيع الثاني 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 3:16 م

      هذا الواقع المرير جعلك تطرح هذه الأسئلة:
      هل أصبحت صناعة الحروب والقتل ديدنَ هذا الإنسانِ الجديد اليوم؟ وهل آمن هذا «الإنسانُ» الغريب بالعنف والترهيب وكفر بالمحبّة والسلام؟ وهل قرّر أن يبنيَ صرحَه المجيدَ على جماجمِ الأبرياءِ الضعفاءِ؟ وهل يعرفُ هؤلاء حقّاً من يقتلون أو لماذا يقتلون؟
      فمن يجيب

    • زائر 1 | 12:13 ص

      عسى يستفيدوا منها:
      شبكة (سلام كوم) دعوةٌ للشباب العربيّ إلى الاقتداء بها، ونشرها في بلدانهم، وتوحيد جهودهم لمحاربة الإرهاب والعنف والتفرقة

اقرأ ايضاً