العدد 4896 - الإثنين 01 فبراير 2016م الموافق 22 ربيع الثاني 1437هـ

مع عملية الاستحواذ... تَحوُّل في استراتيجية «سوثبي»

بلغت مبيعاتها العام 2015 ستة مليارات دولار...

آمي كابيلازو، آلان شوارتزمان وآدم شين
آمي كابيلازو، آلان شوارتزمان وآدم شين

بالاستحواذ على شركة استشارات فنية للزبائن من أصحاب الملايين الذين يحتاجون إلى مشورة في توجههم نحو اقتناء أعمال فنية كجزء من الاستثمارات، تكون دار سوثبي للمزادات قد رسَّخت توجُّهها نحو التحوُّل الاستراتيجي في هذا المجال. الدار دفعت ما يقدَّر بـ 85 مليون دولار لمؤسس الشركة التي لا يتعدَّى عمرها في السوق 22 شهراً، المدير التنفيذي لمنافستها «كريستيز».

الهيمنة على سوق المزادات يتحدد في الشركتين: كريستيز وسوثبي، وما بعدهما لها حصص تزيد أو تنقص، لكن بينها وبين العملاقين مدى طويل من الفوارق، سواء على مستوى حجم المبيعات، أو على مستوى الانتشار العالمي الواسع لكل منهما.

قبل عشرة أعوام إلا قليلاً، انضمت دبي إلى المدن التي تحرص عليها الشركتان، فكان أن عمدت «كريستيز» إلى تدشين مزادها بتاريخ 24 مايو/ أيار 2006، باعتباره الأول في منطقة الشرق الأوسط.

النتائج فاقت التوقعات بحكم أن الاستثمار في هذا المجال، وفي هذا الجزء من العالم مازال بكْراً، ولم يصبح مكرَّساً وراسخاً؛ إلا أن إجمالي المبيعات خلال المزاد الأول وصلت إلى 8,489,400 ملايين دولار أميركي.

سكوت ريبرن، وتقرير من لندن كتبه لصحيفة «نيويورك تايمز» يوم الاثنين (22 يناير/ كانون الثاني 2016)، نورد أهم ما جاء فيه.

مبالغ كبيرة دُفعت في إجراءات استباقية، ورد فعل ينشأ عن المنافسة في عالم الفن، تناقتله الأخبار هذا الشهر؛ حيث دفعت دار المزادات الشهيرة «سوثبي» مبلغاً وصل إلى 85 مليون دولار أميركي لشراء شركة استشارية فنية عمرها 22 شهراً، كان قد شارك في تأسيسها المدير التنفيذي لمنافستها «كريستي».

وفي إعلان الصفقة الذي تم يوم 11 يناير/ كانون الثاني 2016، قالت «سوثبي» إن مديري الشركة، وممثلية الفن والشركاء، و 12 من موظفيها سيبدؤون العمل على الفور لدار المزاد التي تمتدُّ سنواتها إلى 271 سنة، والتي شهدت سقوط أسهمها بأكثر من 50 في المئة منذ يونيو/ حزيران، وعمدت إلى الاستغناء عن 80 من موظفيها العام الماضي خلال المضيِّ في عملية الاستحواذ. وكانت مبيعات المزاد للدار الشهيرة قد وصلت إلى 6 مليارات دولار في العام 2015، بانخفاض بلغ 2 في المئة، عن النتائج التي تحقَّقت في العام 2014، بوصول عمليات البيع في المزادات إلى 6.1 مليار دولار، وفقاً لتقرير لجنة الأوراق المالية والبورصات الذي صدر يوم الجمعة.

شراء ثلاث مؤسسات

ممثلية الفن والشركاء، ستتم إدارتهم من قبل الرئيسة السابقة للفن المعاصر في دار كريستيز ايمي كابيلازو. إضافة إلى المستشار الذي يحظى باحترام وتقدير كبيرين، بين كبار جامعي ومتذوقي الأعمال الفنية آلان شوارتزمان، جنباً إلى جنب، هوارد راشوفسكي من دالاس، وبرناردو باز من البرازيل؛ وآدم شين، وهو المؤسس المشارك لبنك الاستثمار «»Centerview.

وبحسب ما قالت مستشار الفن ويندي كرومويل، من مقرها في نيويورك: «من الواضح أن دار سوثبي للمزادات في حاجة إلى استراتيجية جديدة». وأضافت «قاموا بشراء ثلاث مؤسسات متمكِّنة، وهو قرار تجاري ممتاز. ولكن من وجهة نظرِ خبيرة، فإن الأمر يكشف عن صراع شائع يعجُّ به هذا المجال».

كما قام فريق «سوثبي» بتعزيز مكانتها باستقطاب الرئيس السابق لـ «كريستيز» للأميركتين مارك بورتر، الذي سينضم إلى فريق العمل مع كابيلازو وشوارتزمان لقيادة شعبة جديدة للفنون التشكيلية في دار سوثبي للمزادات. وسيُصبح شين رئيساً لدعم الصفقة بـ «سوثبي» في جميع أنحاء العالم.

وسيركِّز القسم الجديد في المقام الأول على مبيعات الأعمال الفنية من القرنين العشرين والواحد والعشرين، من خلال المزادات والصفقات الخاصة، وكذلك «تطوير الأعمال الاستشارية داخل دار سوثبي للمزادات»، بحسب ما قالت الشركة.

كما أنشأت ممثليَّة الفن، والمديرون الشركاء أيضاً صندوق الفن، والذي يبلغ رأس ماله نحو 52 مليون دولار. وعمدت سوثبي إلى الشراء انطلاقاً من نظرة توخَّت مصلحة إدارتها، ولكن تبقى حقوق المساهمين والأصول ضمن 10 من مستثمريها. ولم تقرر «سوثبي» بعد ما إذا كان اسم ممثلية الفن، سيتم الاحتفاظ به من قبل الشركاء.

ارتفاع الأسهم بنسبة  7 %

تلقت أسهم «سوثبي» دفعة فورية بعد الشراء، وارتفعت بنسبة 7.2 في المئة، بوصولها الى 23،23 مليون دولار في 11 يناير الجاري.

كثيرون في تجارة الأعمال الفنية يرون كابيلازو على أنها القنَّاص الكبير الذي تحتاجه «سوثبي» كي تتحدَّى الهيمنة التي يمثلها رئيس دار كريستيز الدولية للفن المعاصر بريت غروفي، والذي تمتع مؤخراً بقدرة مُلفتة على تأمين أعمال فنية لعدد من مزادات الدار المهمة.

في العام 2015، ارتفعت المبيعات المسائية لدار كريستيز للفن المعاصر في نيويورك ولندن إلى مليار و500 مليون دولار، مقابل مليار و100 مليون دولار لدار سوثبي للمزادات، وفقاً للبيانات التي قدَّمها المحلِّلون في شركة آرتتاكتيك في لندن. كما أن هناك مبلغاً إضافياً يُقدَّر بـ 1.2 مليار دولار من مبيعات عملين رئيسيين وهما من الأعمال الممتازة في الفن الحديث والمعاصر، أضيفت إلى هيمنة «كريستيز».

وبحسب ما قال مدير الاستثمار في مجموعة صندوق الفنون الجميلة في لندن مورغان لونغ: «عملتْ آيمي مع بريت غروفي، وهي تعرف تماماً كيف تُدار الأمور في سوثبي». مضيفاً «إذا كنتَ تريد أن تستحوذ على الأعمال بعيداً عن كريستيز، لابد أن يتوافر لديك الشخص المناسب للقيام بذلك».

وأعلنت دار سوثبي للمزادات يوم الثلثاء أنه في مايو/ أيار المقبل ستدخل للمرة الأولى نداً لند مع منافسيها بشكل محتدم في نيويورك مع «الأسبوع الضخم» الذي سيتم فيه عرض أنماط وأساليب من كريستيز لأعمال من القرن العشرين والقرن الواحد والعشرين. وفي 9 مايو سيتم تنظيم بيع مسائي لعدد من الأعمال الفنية التي تنتمي إلى الفنين الانطباعي والحديث».

التوجُّه نحو المبيعات الخاصة

وبالنظر إلى ما وراء نقل المعركة إلى دار كريستيز، يشير الاقتناء إلى تحوُّل في دار سوثبي للمزادات بعيداً عن المزادات التقليدية باتجاه المبيعات الخاصة الأكثر ربحية وكذلك الخدمات الاستشارية.

المشكلة المعروفة على نطاق واسع مع المزادات الراقية هي أنها تحقق القليل جداً من المال لبيوت المزادات. الحد الأدنى المضمون للأسعار، أو ما يطلق عليه ترتيبات «تعزيز المطرقة»، والتي تتيح لأصحاب الأعمال الفنية الكبيرة تذكرة بيع مجانية، وتسليم جزء كبير من الرسوم للمشتري، ما يدفع إلى تخفيض الأرباح. وكما قالت كابيلازو الأسبوع الماضي في مقابلة في العاصمة البريطانية (لندن): «لقد ارتفعت قيمة المزادات، ولكن هوامش الربح تتهاوى». وأضافت في المقابلة بمناسبة اجتماع عُقد مع عدد من موظفي «سوثبي»: «إن عمل المزاد في نهاية المطاف ليس قابلاً للقياس».

موضحة «أنتَ لا يمكنك أن تحظى بمزاد كل شهر؛ ولكن يمكنك القيام بعمليات بيع خاصة كل يوم».

وقالت كابيلازو إنها مازالت تعتبر المزادات «(بطاقة دعوة إلى سرادق)، إلا أن إحداث أعمال للمبيعات الخاصة هو مفتاح النمو لدى سوثبي في المستقبل، وهو ما سيحقِّق الربحية». وعلى مدى العامين الماضيين مثَّلت المعاملات الخاصة ما بين 9 و 10 في المئة من إجمالي مبيعات «سوثبي».

ولكن الراديكالية المتزايدة - ويحتمل أن تكون إشكالية - تتمثَّل بالخروج على نموذج المزاد التقليدي، من خلال مشروع سوثبي في الاستشارات الفنية.

وهناك تيار منتظم من الدخل يتأتَّى من الزبائن الذين يدفعون أموالاً للحصول على المشورة في «المسائل المتصلة بمجموعة من العقارات ومحافظ الأصول، والمكاتب العائلية والمؤسسات» (كما هو الحال مع ممثلية الفن، التي تقوم بتقديم أوصاف وتفاصيل لهم على موقع الشبكة)، كل ذلك يمثل جذباً واضحاً لدار سوثبي للمزادات.

%5 من إجمالي الإنفاق على الاستشارات

ولكن كم من كبار زبائن سوثبي يريدون الدفع نظير مثل هذه الخدمات، بالنظر إلى أنهم يتلقون فعلاً مجموعة من النصائح المجانية من دار المزاد؟ وكيف يتم تقييم المشورة من الخبراء الذين يمكن أن يُنظر إليهم على أنه من مصلحتهم توجيه مزيد من الأعمال التجارية نحو أقسام المبيعات في سوثبي؟ إن تقديم مشورة مُحايدة هي مسألة كبيرة، كما أنها سريَّة أيضاً»، كما قالت المستشارة في نيويورك، كرومويل: «ربما سينجذب بعض الزبائن للخدمات الجديدة التي تقدمها دار سوثبي للمزادات، ولكن آخرين، يدخل في ذلك الزبائن الحاليون، الذين يُمكن أن يديروا ظهورهم لمثل تلك الاستشارات».

ولا تريد كابيلازو الإفصاح عن عدد الزبائن الذين يتلقَّون استشارات، ممن جلبتْهم إلى دار سوثبي للمزادات، أو مقدار ما يدفعون مقابل الخدمات. وفقاً لمستشارين آخرين، يمكن أن يتحمَّل جامعو الأعمال الفنية من الأغنياء ما بين 5 إلى 10 في المئة من إجمالي الإنفاق السنوي على الفن.

وينظر آخرون إلى توسُّع سوثبي بما يمكن أن يطلق عليه في الصناعة المالية بـ «إدارة الثروات» كاستجابة متبصِّرة لعالم يمتلك فيه أغنى 1 في المئة من السكَّان ثروات تتجاوز قيمتها أكثر مما يملك 99 في المئة من السكَّان. وقال أحد هواة جمع الأعمال في نيويورك لاري وَارش إن «هناك مجموعة متزايدة من الأسَر والأفراد الذين يحتاجون إلى الخبرة والتوجيه». مضيفاً «إن الأمر مرتبط أكثر بتنويع الأصول بدلاً من الأعمال المرتبطة باللوحات التي يتم تعليقها على الحيطان».

وأدَّى تباطؤ النمو في الصين، والاضطراب في أسواق السلع والأسهم إلى انخفاض الطلب على الفن، ولاسيما في المناطق الأقل اعتياداً على جمع الأعمال. ويوم الجمعة، وفي محاولة لتعزيز مخزونها أعلنت، دار سوثبي أنها ستبدأ برنامجاً لإعادة شراء حصَّة بقيمة إجمالية تصل إلى 325 مليون دولار. كما تقوم الشركة أيضاً بالتعامل مع إشكالية ضمان دُفع لمزاد جمَعه رئيسها السابق أ. ألفريد توبمان، ويصل إلى 515 مليون دولار في العام الماضي، واستردت الدار 437,8 مليون دولار من ذلك الاستثمار. وتتضمَّن الأعمال المتبقية تقديراً أقل بـ 24 مليون دولار.

العملاقان

يُذكر أن دار سوثبي للمزادات هي رابع أقدم دار مزاد في العالم مع 90 موقعاً في 40 بلداً. تأسست في 11 مارس/ آذار 1744 في العاصمة البريطانية (لندن). إنجليزية المنشأ، فيما يقع مركزها الرئيس حالياً في الولايات المتحدة الأميركية، وتحديداً في مدينة نيويورك. تُعدُّ من أكبر سماسرة الفنون الجميلة والزخرفية، المجوهرات والعقار والمقتنيات. وتقسَّم استثمارات سوثبي إلى ثلاثة أجزاء: مزادات، تمويل وبيع. وتتراوح خدمات الشركة بين الخدمات الفنية والمبيعات الخاصة.

وحتى ديسمبر/ كانون الأول 2011، كان لدى الشركة 1446 موظفاً حول العالم. مع مبيعات عالمية بلغت 6 مليارات دولار في العام 2015.

وفيما يتعلق بمنافستها دار كريستيز، التي تعمل في المجال نفسه، فيقع مقرها الرسمي في لندن ولها عدَّة مقرات أخرى في مدن كثيرة في العالم، وتم تأسيسها في 5 ديسمبر 1766 من قبل جيمس كريستي.

واكتسبت «كريستيز» بسرعة سمعة تنفيذ أكبر المزادات في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. في هذه المدَّة، كانت تقوم بانتظام بمزادات لقطع من التراث الوطني للمملكة المتحدة، ومنها قطع تابعة إلى العائلات الأرستقراطية، وكذلك العائلة البريطانية المالكة.

في الوقت الحاضر، غيَّرت «كريستيز» معاملاتها وأصبحت تبيع القطع الفنية والرسومات لفنانين ورسامين مشهورين مثل: بابلو بيكاسو، رامبرانت، ديانا أميرة ويلز، ليوناردو دا فينشي، فينسنت فان غوخ ونابليون الأول وغيرهم.

في العام 1995، أصبحت أول شركة مزاد عالمية تعرض أعمالاً فنية في العاصمة الصينية (بكين). وفي العام 1998، باعت في نيويورك وثيقة أرخميدس وهي إحدى أقدم وثائقه المكتوبة.

في يونيو/ حزيران 1998، اشترى الفرنسي فرانسوا بينو كريستيز بسعر 1.2 مليار يورو، بينما ابنه فرانسوا بينو هو عضو مجلس الإدارة، وأحد أغنى رجال العالم.

المقر الرئيس لسوثبي
المقر الرئيس لسوثبي
وصلت مبيعات سوثبي في العام 2015 إلى 6 مليارات دولار
وصلت مبيعات سوثبي في العام 2015 إلى 6 مليارات دولار




التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً