لأول مرة منذ نفي الزعيم سعد زغلول في العشرينيات من القرن الماضي، منعت السلطات المصرية أحد المواطنين المصريين المقيمين في ألمانيا من دخول البلاد مدى الحياة.
واستوقفت سلطات أمن مطار القاهرة، الناشط الحقوقي ومدير أحد مراكز الدراسات عاطف بطرس، أثناء عودته إلى مصر ومنعت دخوله إلى الأبد، وذلك بسبب "تقرير أمني صادر من سفارة مصر بألمانيا". وقال مصدر أمني بمطار القاهرة، إنه تم منع عاطف بطرس من دخول البلاد، وعليه تم ترحيله مرة أخرى إلى ألمانيا وإبلاغه بعد دخول مصر للأبد.
وعاطف بطرس حاصل على الماجستير في الأدب الألماني من جامعة هاينرش هاينه دسلدورف بألمانيا عام 2000، وفي عام 2006 حصل على درجة الدكتوراه من جامعة لايبتسج، ويعمل في جامعة ماربورج في قسم الدراسات الشرق أوسطية، حيث تتركز أبحاثه في الأدب العربي المعاصر وتاريخ الفكر، وأخيراً تركزت أبحاثه عن "التحول والثورة في العالم العربي".
وقال الفقيه القانوني عصام الإسلامبولي: "إن القرار غير دستوري وغير قانوني، ويحق للمواطن الممنوع من دخول البلاد توكيل محام داخل مصر لرفع دعوى قضائية تطالب بإلغاء القرار فوراً لكونه غير دستوري. وأضاف أنه لا يجوز منع أي مواطن من دخول بلده حتى لو ارتكب جريمة أو فعلاً يعاقب عليه القانون، وعند ذلك يسمح له بالدخول وإحالته للمحاكمة، وأكد أن القرار سلبي ويضع الدولة في مأزق قانوني وخطأ دستوري، بحسب تصريحه لموقع "العربية" اليوم الاثنين (1 فبراير/ شباط 2016).
وأكد الإسلامبولي أن المنع من دخول الدولة تكون في حق مواطن غير مصري ولا يحمل الجنسية المصرية، فضلاً عن أنه لابد أن يكون دخوله يهدد الأمن القومي المصري، أو أن يكون ملاحقاً من الإنتربول، ويحق هنا للسلطات منعه حتى لا يتسبب في أزمة من اختراق الإنتربول السيادة المصرية.
فيما أكد الخبير القانوني ومدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية وأستاذ القانون بكلية الحقوق جامعة بيروت العربية فرع الاسكندرية أحمد مهران: "أن المادة 62 من الدستور تكفل حرية التنقل، والإقامة، والهجرة مكفولة. ولا يجوز إبعاد أي مواطن عن إقليم الدولة، ولا منعه من العودة إليه. ولا يكون منعه من مغادرة إقليم الدولة، أو فرض الإقامة الجبرية عليه، أو حظر الإقامة في جهة معينة عليه إلا بأمر قضائي مسبب ولمدة محددة، وفي الأحوال المبينة بالقانون.
وقال مهران إن هناك خلطاً لدى البعض، حيث يجب ألا يعاقب الشخص بناء على آراء شخصية ويواجه بعقوبات بناء على الأفكار التي ربما تكون مخالفة لتوجهات وسياسة الدولة، مؤكداً أن القرار غير دستوري ويتوجب الطعن عليه قضائياً. وتابع أنه لا يجوز حتى لو ارتكب هذا الشخص جرائم في الدولة التي يقيم على أراضيها وإحالته للمحاكمة وتسليمه إذا كانت هناك اتفاقية لتبادل المجرمين، وأضاف أن آخر من نفي هو الزعيم سعد زغلول وبقرار سياسي من سلطة الاحتلال البريطاني فلا يوجد في القانون أو الدستور المصري ما يعرف بالنفي، حتى إنه في التاريخ القديم كان يعزل الموظفين لمكان بعيد، وسمي هذا المكان فيما بعد باسم المنوفية نسبة لنفي الموظفين إليها.
وأشار مهران إلى أنه لا يوجد ضد بطرس حكم قضائي بإسقاط الجنسية أو التخلي عن الجنسية المصرية، ولذلك فالقرار غامض وسيسقط قضائياً، والقاعدة الفقهية تقول إن الأحكام القضائية تبنى على الجزم واليقين وليس على الشك والتخمين، ومن ثم يكون الشك غير كاف لقرار المنع من الدخول أو النفي. وأضاف أنه مستعد للدفاع عن هذا المواطن وبالمجان دفاعاً عن حق من الحقوق الشخصية للمواطن المصري.