آخر خبرٍ قرأته أثناء التحضير لهذا المقال، هو أن فرنسا والولايات المتحدة الأميركية، أبلغتا الجزائر بعمليات عسكرية كبيرة ستشنها دول غربية ضد تنظيم «داعش» في ليبيا قريباً.
ليبيا تقع بين ثلاث دول عربية، مصر في الشرق، وتونس في الشمال الغربي، والجزائر من الغرب. كما تتصل بالسودان وتشاد والنيجر من الجهة الجنوبية. ولكن فرنسا والولايات المتحدة لم تبلغا -كما يظهر من الخبر- غير الجزائر، بخصوص العمليات العسكرية الكبيرة المرتقبة.
قبل مئة عام، وقعت ليبيا غنيمة حرب ضمن أسلاب إيطاليا، في أعقاب الحرب العالمية الأولى. بريطانيا احتلت العراق وفلسطين وشرق الأردن وضمتهما إلى جانب مصر والخليج، وفرنسا احتلت سورية ولبنان الحالي، وضمتهما إلى جانب تونس والجزائر والمغرب.
كانت أكثر هذه الدول تابعةً للسلطنة العثمانية، وعندما تم الإجهاز عليها تقاسم المنتصرون الأوروبيون تركتها. وكانت إيطاليا من أواخر الدول التي دخلت النادي الاستعماري، ربما بسبب ضعفها أو قلة حيلتها الصناعية، فالتهمت أقرب مملكةٍ تقع قبالتها على الضفة الأخرى من البحر المتوسط (ليبيا)، إلى جانب التهامها الحبشة وجزءًا كبيراً من الصومال عُرف بالـ(Somalia Italianna).
كانت دولنا غنائم حرب، تقاسمتها الدول الأوروبية بينها كما كان السرّاق يتقاسمون سرقاتهم في مغارة علي بابا. ومن يقرأ تاريخ تلك المرحلة، سيكتشف كيف ضحك الفرنسيون والبريطانيون على زعامات العرب، بما أعطوهم من وعودٍ كاذبةٍ بالاستقلال للقتال معهم ضد السلطنة العثمانية في الحرب الأولى، بينما اتفق سايكس وبيكو سرّاً على تقسيم بلدانهم قبل نهاية الحرب. إنها أشهر اتفاقية ضد العرب؛ لندرك أن التاريخ لا يرحم المغفّلين.
في تلك الفترة كانت حركة استكشاف البترول تتسارع، وقد بدأت بإيران منذ ربيع العام 1901 مع وليام نوكس دارسي، الذي عُرف بـ «أب صناعة البترول في الشرق الأوسط». وبعدها انتقلت الحركة إلى شمال العراق، ثم أخذت تزحف على سواحل الخليج. كان الصراع محتدماً بين الامبراطورية البريطانية المسيطرة، والدولة العالمية الجديدة التي بدأت فيها صناعة السيارات على أوسع نطاق: الولايات المتحدة الأميركية، حيث كانت تقود عملية الانتقال السريع من البخار إلى النفط.
كان صراعاً عنيفاً لئيماً على طريقة عصابات المافيا، استخدمت فيها الرشاوى والحيل والتضليل، واستغلال شعوب فقيرة كانت تعاني من المرض والجهل والتخلف، وخَوَرِ القيادات وتنازعها على المصالح والحدود. وبعد مئة عامٍ، نكتشف أن الحال لم يتغيّر كثيراً، فالنفط لايزال يلعب دوراً كبيراً في سياساتنا، ويتحكم في حياتنا، ويحكم علاقاتنا مع الدول الاستعمارية الكبرى.
بعد إجهاض حركات الربيع العربي، وقمع آمال الشعوب العربية بتحقيق الحرية والكرامة، تم تسليط بعبع «داعش» على هذه المنطقة، تنفيذاً أميناً لاستراتيجية «الفوضى الخلاقة»، التي لا يُستخدم فيها جندي أجنبي واحد على الأرض، وإنّما تترك شعوب المنطقة تصفّي بعضها بعضاً، وتخوض في دماء بعض. هناك الآلاف من المتطوّعين للانخراط في مشاريع القتل والتدمير الذاتي، دون وعي ولا بصيرة.
لقد تُرك الليبيون خمس سنوات، بعد سقوط الدكتاتور معمر القذافي ليتفقوا، فلم يتفقوا على موضوع واحد. أصبح لديهم حكومتان متنازعتان، وبرلمانان متصارعان، وكلٌّ يدّعي وصلاً بليلى، والشعب الليبي يدفع ثمن هذا التناحر اللئيم على السلطة. هذه الظاهرة العربية تتكرّر في البلدان الأخرى، حيث يحكمنا الموروث السلطوي القديم في الاستئثار: «لا يجتمع سيفان في غمد»، فإما نحن وإما هم، ودونها قطع الرقاب.
طبعاً، لا يوجد شيعي واحد في ليبيا، لكي تُعلّق عليه جميع آثام المجوس والنصارى، ولكنها تركيبة عقلنا العربي، وموروثنا الراسخ من الاستبداد، الذي يرفض حتى الآن فكرة تداول السلطة أو المشاركة في صنع القرار.
في ليبيا، لا يوجد شيعي ولا مسيحي واحد، فكلهم من نسيج ديني ومذهبي واحد. للمرة الألف نقولها... إنها صراعات السياسة والمصالح المتضاربة وخلافات القبائل، وليست صراعات المذاهب والأديان.
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 4894 - السبت 30 يناير 2016م الموافق 20 ربيع الثاني 1437هـ
من الأول كانت واضحة: مطالبات شعوب بحريتها وحقوقها المسلوبة ولكنهم حرفوها إلى حروب طائفية قذرة لتضليل الناس وسلطوا التكفيريين على الشعوب العربية ، فإذا لم تضبط حولوها إلى حروب قبائل.
لو أن ليبيا قريب من أي بلد شيعي او أن له علاقة ببلد شيعي او يوجد به بعض الشيعة لأصبحت مصطلحات( المجوس الفرس الصفويين الروافض) هي عنوان لكل مقال.
انه فشلكم ايها العرب
طبعاً، لا يوجد شيعي واحد في ليبيا، لكي تُعلّق عليه جميع آثام المجوس والنصارى، ولكنها تركيبة عقلنا العربي، وموروثنا الراسخ من الاستبداد، الذي يرفض حتى الآن فكرة تداول السلطة أو المشاركة في صنع القرار.
انا مستغرب
لماذا اصحاب المذهب ... عندهم حساسية من اي مقال يكتب
هل لأنكم تعرفو ماذا فعلتم بالماضي ... الماضي لا يرحم
أي ماضي أي بطيخ ، الكاتب يتحدث عن إلقاء اللوم على من لا دخل له بالمشكلة ، يالله حياك عطنا هالماضي