العدد 4894 - السبت 30 يناير 2016م الموافق 20 ربيع الثاني 1437هـ

تحديات تونس بعد خمس سنوات على ثورتها

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

اللقاء الذي أجراه رؤساء تحرير الصحف البحرينية مع رئيس الجمهورية التونسية الباجي قائد السبسي اشتمل على العديد من المواضيع المهمة، وبعضها كان مفاجئاً، ولا سيما فيما يتعلق بنظرته غير المتحمسة نحو «الربيع العربي»، والشراكة الأورومتوسطية. فبالنسبة للربيع العربي، فقد كانت تسمية انطلقت في الإعلام العالمي، ولكنها وصفت بحالة عربية عامة تأثرت بثورة تونس التي أطلق عليها ثورة الياسمين. وكما قال الرئيس التونسي، فإن روائح الياسمين لا تنحصر بحدود، وهي تعبر إلى أي مكان توجهها الرياح، وبالفعل وجهتها الرياح إلى عدد من الدول العربية، والتي مازالت آثارها، سلباً أو إيجاباً.

أما الشراكة الأورومتوسطية، فقد كانت قد بدأت تحت اسم «عملية برشلونة» في العام 1995، وكانت العملية تركز على مساعدة الدول المشاركة، والمطلة على البحر الأبيض المتوسط، وذلك من أجل تنمية الاقتصاد، وربط ذلك بدعم تحصل على تلك الدول من الاتحاد الأوروبي مقابل تحسين السياسات، بما يعود على المنطقة بالأمن والاستقرار وتعزيز حقوق الإنسان.

وقبل انطلاق ثورة الياسمين، كان مكان تونس من أكثر المستفيدين من برامج الدعم الأوروبية في هذا المجال، ولذا فإن اعتبار الشراكة نوع من الكذبة يعتبر مفاجئاً، ولاسيما أن تونس تحتاج إلى الدعم من كل الجهات لتخطي المشكلات التي تواجهها.

لقد أشار الرئيس التونسي، إلى أن المجتمع الدولي الذي منح التونسيين جائزة نوبل لنجاحهم في سلوك سبيل الحوار في مرحلة الانتقال نحو الديمقراطية، بقوله إن «الياسمين من الروائح والروائح لا تحترم الحدود ونحن ثورتنا ثورة داخلية لم تكن معدة للتصدير ونحن أبرياء من هذا الانتشار، وحتى في تونس فإن روائح الياسمين خفتت نوعاً ما، ومن يخشى ذلك فليطمئن وينم هادئاً، وأما عن جائزة نوبل فإن المجتمع الدولي ينظر لنا بنظرة إيجابية أكثر مما ننظر نحن لما أنجزناه بنفس الإيجابية، لكن نحن نحاول أن يلتحق الوضع الداخلي بالوضع الدولي وهنا نكون قد قمنا بواجبنا.

هذا تعبير جميل ويحمل في طياته معاني كبيرة، والأنموذج الحسن لا يمكن تصديره، ولكنه يجتذب السمعة الحسنة، ويؤثر في الآخرين، ولا سيما أن تونس حققت دستوراً توافقياً، وانتخبت حكومة ائتلافية، والتي حلّت محل «الحكومة الواحدة والحزب الواحد وحتى الصحيفة الواحدة»، وكيف أن هذا الوضع «خلق تغييراً جوهرياً في تسيير الشئون العامة في تونس، فبعد كل موضوع يقع تتم مناقشته في المجلس وتحاسب الحكومة بينما في السابق كان النظام رئاسياً وحقيقة النظام الرئاسي يعد الأفضل، طالما أن من يتصرف في رئاسة الدولة يكون مساءلاً، وفي الواقع تاريخياً من ترأس تونس لم يكن مساءلاً، وانزلق إلى نظام رئاسي وأصبح الرئيس يفعل كل شيء ويتدخل في كل شيء ولا يساءل في أي شيء».

لقد تحدث الرئيس التونسي عن تحديات تواجه حزب «نداء تونس: الذي قام بتأسيسه من أجل خوض الانتخابات، وقد فاز الحزب، ولكنه يواجه الآن مخاطر الانشقاقات وذلك بسبب هشاشة التركيبة، وربما بسبب حداثة التجربة. وقد نشرت مؤسسة كارنيجي بحثاً للكاتب سسكوت ويليامسون، أشار فيه إلى أن المشكلات التي يواجهها الحزب اليوم تتصدر الحياة السياسية حالية.

إذ اشار ويليامسون إلى أن الاضطرابات داخل «نداء تونس» تأتي في توقيت سيئ بالنسبة إلى البلاد، لكنها قد تولّد أيضاً فرصة لظهور حزب معارض فعال داخل البرلمان. وبحسب الكاتب فإن «الحزب الحاكم اختار وقتاً غير مؤاتٍ كي ينهار وتتداعى صفوفه»، في سلسلة من الأحداث التي لابد من ملاحظة نقاط التشابه بينها وبين ثورة 2011، عندما اندلعت احتجاجات في مختلف أنحاء تونس الأسبوع الماضي، إبان إقدام شاب على الانتحار بدافع الإحباط جراء عجزه عن إيجاد وظيفة.

التحدي الأكبر الذي يواجه تونس كان في طريقة الرد على الأحداث، منها اتهام أيادٍ خبيثة، وإطلاق وعود عامة بتأمين وظائف في الحكومة لأبناء بلدة القصرين، وفي نفس الوقت فرض حظر تجوال في مختلف أنحاء البلاد، مع استخدام «تكتيكات التخويف عبر التحذير من أن تنظيم داعش قد يستعمل التظاهرات للتدخل في البلد». الاحتجاجات اندلعت بعد أسبوع انقسام حزب نداء تونس إثر مغادرة أكثر من 24 نائباً صفوف الحزب، وازدادت حالة الفوضى داخل حزب نداء تونس، وهذا تتسبّب بتعاظم الغضب من النخب السياسية لدى الشعب التونسي، ووضع تعقيدات وعراقيل أمام الجهود الحكومية لإدارة شئون البلاد.

لقد أشار بحث كارنيجي إلى الأحزاب السياسية العلمانية في تونس منقسمة على صعيدَي الايديولوجيا والهوية الذاتية، وهي كانت قد وجدت صعوبة في تطوير برامج وهويات حزبية متماسكة، وافتقرت إلى الآليات التنظيمية لتسوية النزاعات الداخلية بطريقة فعّالة ومجدية. وفي حين نجح السبسي في توحيد عدد كبير من هذه الفصائل المتنافسة تحت راية نداء تونس، مستنداً في شكل أساسي إلى النفور من حركة النهضة الإسلامية ومن حكومة الترويكا، إلا أن ظهور التشنجات القديمة من جديد، بسبب اتهامات للرئيس أنه يسعى لتوريث الحكم لابنه، وهو أمر رفضه السبسي أثناء مقابلته مع رؤساء تحرير الصحف.

الخشية أن هذه الإخفاقات والتشنجات قد تدفع التجربة الوليدة، والتي نالت إعجاب المجتمع الدولي، إلى الانكفاء على ذاتها واللجوء إلى الأساليب التقليدية التي تسببت في ثورة 2011.

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 4894 - السبت 30 يناير 2016م الموافق 20 ربيع الثاني 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 2:23 م

      لسنا بحاجة لأستيراد الحريه

      الحرية فطريه في الإنسان ليست بحاجة إلى من يبرزها كحاجة الإنسان لطعام والأمن. وماتعيشه هذه الأمة بعد الديكتاتوريات بروز صغار الذئاب التي لم تتمكن من السيطرة في زمن الذئب الكبير ولكن الأن دخلت لسدة الحكم بلباس يغريك ظاهره ويخفي باطنه. والنهاية لشعوب المستضعفه والحكم لمن يقدم حاجة الشعب على مشتهيات نفسه. وإن غدا لنظره لقريب.

    • زائر 3 | 2:23 م

      لسنا بحاجة لأستيراد الحريه

      الحرية فطريه في الإنسان ليست بحاجة إلى من يبرزها كحاجة الإنسان لطعام والأمن. وماتعيشه هذه الأمة بعد الديكتاتوريات بروز صغار الذئاب التي لم تتمكن من السيطرة في زمن الذئب الكبير ولكن الأن دخلت لسدة الحكم بلباس يغريك ظاهره ويخفي باطنه. والنهاية لشعوب المستضعفه والحكم لمن يقدم حاجة الشعب على مشتهيات نفسه. وإن غدا لنظره لقريب.

    • زائر 2 | 11:01 م

      مكانك سر

      بعد قرون من الاستعماومنذو الخمسينيات حتى الان حكمت حكمت الشعوب العربيه من القوميين واللبرالييين والاسلاميين والكل وعد الشعوب بالمن والسلوى ولكن ارث هذه الامه في الجهل والتخلف لم يفضي لاي شيء بل زيادة الفقر والضلم والاطهاد لن تنجح ثورة تونس ولامصر ولاالعراق او اليمن وليبيا،الخلل فينا نحن الشعوب نحن لانعرف ماذا نريد نندفع وراء الشعارات الكاذبه ولانؤمن بالدمقرطيه والعداله البعض يريد طحن الاخر تحت مبررات مختلفه اذا مادم هدا هو الفكر الساءد والعقول مغيبه سنتجه للكثير من الكوارث والتخلف

اقرأ ايضاً