أكد محللون اقتصاديّون أن الإجراءات التي بدأتها مملكة البحرين في إعادة توجيه الدعم للمواطنين وتعديل أسعار بعض السلع والخدمات، إنما جاءت نتيجة العجز الحاصل في الميزانية العامة للدولة بسبب انخفاض أسعار النفط العالميّة.
ولفت المحللون إلى أنه لخلق التوازن فإن سعر برميل النفط المتوقع يصل إلى 135 دولارا أميركيا، في حين أنه بات يباع بأقل من 30 دولاراً، مما يعني بأن الفارق الموجود يشكل تحديّا كبيراً لصنّاع القرار السياسي والاقتصادي في المملكة، وأن الحلول المطروحة تأتي لتخفيف ذلك العجز، وتحسين الوضع الماليّ، خصوصاً إن الحكومة البحرينيّة، حسب تصريحات مسؤوليها المتكررة، تؤكد بأنها ماضيّة في إنجاز المشاريع التنمويّة وتحقيق التنمية المستدامة رغم تلك التحديّات الماليّة.
وقال الرئيس التنفيذي للمصرف العالمي، رئيس مجلس أمناء مركز مينا للاستثمار زكريا هجرس إن التصنيف الائتماني لمملكة البحرين منخفض حالياً لدى وكالات التصنيف العالميّة مثل موديز وستاندرد أند بورز، وهي ما تعطي انطباعاً سلبياً عن الاقتصاد المحليّ لدى الأسواق العالميّة التي يمكنها إقراض البحرين، وهذا ما يجعل الاقتراض من الخارج يشكل عبئاً إضافيا على الميزانيّة العامة مقارنة باجراء الاصلاحات الداخليّة، والتي يمكنها خفض مستوى العجز وتقليل الحاجة إلى الاقتراض من الخارج لارتفاع تكاليف التمويل.
وبيّن هجرس أنه بالنظر إلى المصروفات الحكوميّة المتكررة فإن أكثر من نصفها يدخل ضمن بند الرواتب والقوى العاملة، والتي تؤكد الحكومة أنها لن تمس حقوقها، ولكن هناك حاجة إلى نظرة مستقبليّة أكثر شموليّة، تتكامل فيها الجزم من السياسات والاجراءات الاقتصادية والمالية لتفعيل آليات النمو الاقتصادي، ولعل تعزيز دور القطاع الخاص وزيادة قوته يشكل احدى الركائز الرئيسة، بحيث يكون وجهة مختارة ومحبذة لاستيعاب الأيدي العاملة البحرينية، وبالتالي خلق شراكة فعليّة مع الحكومة، مع إيجاد فرص أكثر جاذبيّة وامتيازات أفضل في القطاع الخاص وتوفير البيئة المناسبة لاستحداث أنشطة اقتصادية وتجارية جديدة تمهد لانطلاقة متسارعة.
وأثنى هجرس على نسبة نمو الاقتصاد البحرينيّ خلال السنوات العشر الماضيّة، وقال إنها نسبة عاليّة جداً، وتدل على أن سياسة تحرير الاقتصاد البحريني ساهمت في زيادة النمو، وجعل المملكة كوجهة استثمارية لما تتمتع به من مقومات عديدة.
من جانبه، أشار المدير العام لبنك الاسكان خالد عبدالله إلى أن التنوّع الاقتصادي في البحرين يمكنه المساهمة في تحسين الاقتصاد وتقليل الاعتماديّة على النفط، خصوصاً أن البحرين مقبلة على مشاريع كبرى تزيد قيمتها على 32 مليار دولار أميركيّ، وهي مشاريع إنما تقدر على خلق فرص عمل جديدة وإبداعيّة، إضافة إلى توفير قنوات إضافيّة وإيرادات ماليّة يمكنها أن تحقق المرجو في تنويع المصادر الماليّة والإيرادات غير النفطيّة لما يمكنها من تحقيق للاستقرار الماليّ على المدى البعيد ومع أي طارئ قد يحدث في الأسواق النفطيّة.
وأوضح عبدالله أن السوق البحرينيّة لاتزال محافظة على تنافسيّتها في المنطقة، رغم تعديل أسعار بعض السلع والخدمات، إضافة إلى الانفتاح الكبير الذي تشهده السوق المحليّة وتسريع الإجراءات التجاريّة وتسهيلها بما يسهم في استقطاب الأفكار التجارية بشكل مستمّر، وأن ما يلفت في ذلك هو النمو الذي يشهده الاقتصاد المحليّ رغم وجود تحديات بشأن أسعار النفط العالميّة.