العدد 4893 - الجمعة 29 يناير 2016م الموافق 19 ربيع الثاني 1437هـ

#لا_لمحاكمة_الشعب

هاني الفردان hani.alfardan [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

دخل الشارع العام البحريني في جدلية واسعة الأسبوع الماضي بعدما أشيع وأعلن عن قيام الأمانة العامة لمجلس النواب بتحريك دعاوى قضائية ضد أعداد من المغردين عبر مواقع التواصل الاجتماعي بتهمة «الإساءة لمجلس النواب».

تاريخياً، التوجه الجديد من قبل مجلس النواب لم يكن موجوداً قبل انتخابات 2014 وغدا خطوة حديثة بعد تغيير هيكلية الأمانة العامة لمجلس النواب.

قبل كل شيء لا أحد يقبل إهانة أي فرد في المجتمع والتعدي عليه فضلاً عن «سبه أو شتمه»، إذ إن ذلك غير مقبول شرعاً وتشريعاً، ويجب أن يحاسب من يقوم بذلك.

وقبل كل شيء أيضاً، فإن حق الانتقاد سواء كان للأفراد الذين يضعون أنفسهم في واجهة الشأن العام، أو حتى مؤسساتهم أمر مباح في أطره المحددة التي لا تخرج لمساحة التجريح الشخصي البعيد عن العمل المؤسسي.

أبرز حادثة تعلقت بملاحقة مجلس النواب لمغرد كانت في يوليو/ تموز 2015 عندما نشر موقع مجلس النواب تغريدات للرد على أحد الناشطين في «تويتر»، بعد أن تطرق الأخير في تغريدة له عن اعتقال أحد الأشخاص بسبب انتقاده النواب، متسائلاً «ما إذا كان انتقاد من ننتخبهم يقود للاعتقال فكيف بمن ينتقد الوزراء»، إذ رد مجلس النواب بالقول إن الإساءة طالت النائب وأسرته ووالده ووالدته.

ولم تحدد تغريدات مجلس النواب اسم النائب الذي طالته الإساءة، إلا أن الإساءة طالت النواب بصورة عامة، وأن الشكوى مقدمة باسم عدد من النواب، بعد أن أساء لهم أحد المغردين؛ بسبب موقفهم من الموازنة العامة للدولة للسنتين الماليتين 2015/ 2016.

مجلس النواب البحريني يؤكد على أنه «يرحب دائماً بالانتقاد البناء وحرية الرأي والتعبير المسئولة، على أن لا يتجاوز ذلك إلى السب والقذف واستخدام عبارات مسيئة».

الجديد في القضية، توجه الأمانة العامة لمجلس النواب رفع دعاوى قضائية ضد أعداد من المغردين لم يكشف عنهم، ولكن الحديث يتجاوز الأكثر من عشرة مغردين على خلفية اتهامهم بـ «إساءتهم» للنواب بخصوص مواقفهم من قرار رفع أسعار البنزين على المواطنين.

قبل أي موقف أو أي قرار، لابد من الإطلاع على التغريدات، لمعرفة ما إذا كانت بصدق يمكن أن تصنف في خانة الإساءة والسب والقذف «إلى مسئول» أو أنها انتقاد لشخصية نيابية وضعت نفسها في محل المساءلة كونها مرتبطة بالشأن العام.

هناك خلط كبير لدى الجميع بين حرية الانتقاد المباحة وبين الإهانة والسب المحظورين عرفاً وشرعاً وقانوناً، والخلاصة أن القذف مجرّم قانوناً ومعاقب عليه، والقذف في القانون هو أن تنسب فعلاً مجرماً لشخص كأن تنسب إليه أنه سارق أو مرتش أو يقوم بعملية غسيل أموال أو غيرها من الجرائم، كما أن السب معاقب عليه بالقانون والسب هو إهانة الشخص أو الحطّ من كرامته.

والواقع يؤكد أن العامة من الناس غير قادرين على التفريق بشكل واضح ودقيق بين «حرية التعبير» و «السب» مثلاً، وذلك يعود بشكل رئيسي لثقافة التمسك بالرأي وعدم قبول الرأي الآخر، وهناك نقف قليلاً مع بعض النواب الذين يتعرضون لمثل هذا النوع من السب والقذف غير المقبول أصلاً.

ولكن الانتقاد أمر عادي للشخصيات العامة ومن يعمل في الشأن العام، ومن يضع نفسه في ذلك الموقع لابد عليه أن يتحمل كل ما ينسب إليه، وأن لا ينظر للأمور كونها شخصية أو تعرض شخصي له، وإلا فعليه أن يجلس في منزله ويبتعد عن ما يمس حياة الناس لكي لا يُتعرض له لو لم تعجبهم أعماله ومواقفه.

يجب على النواب أن يؤمنوا بحق الناس في مساحة أكبر من حرية الرأي، والانتقاد والاعتراض، وخصوصاً أن أفعال النواب وتصريحاتهم ومواقفهم وقراراتهم ستؤثر بشكل مباشر على الناس في حياتهم وعيشتهم بل تمسهم بشكل قد يجعل بعضهم في موقع الحاجة والضائقة المالية.

الغريب في قرار مجلس النواب، إحالة أعداد من المغردين إلى النيابة العامة، هو أن جل النواب غير راضين عن ذلك الفعل الذي يؤدي إلى محاكمة مواطنين بتهم الإساءة لمجلس النواب، ولكن ذلك يتم باسمهم!

الأغرب من ذلك أن من يتعرّض حالياً للمحاسبة من المغردين من قبل مجلس النواب، كانوا من بين المؤيدين لتوجه مجلس النواب لمحاكمة آخرين ممن يختلفون معهم، وها هم يكتوون بنارها الآن.

نرفض «السب والشتم» بشكل عام، ونرفض محاكمة أي مواطن انتقد أداء مجلس النواب ومواقفه وتصريحاته وتوجهاته، فإن ذلك جزء من الرقابة الشعبية على الأداء النيابي، وهو جزء من الحراك السياسي في أي بلد يصف نفسه بالديمقراطي.

إقرأ أيضا لـ "هاني الفردان"

العدد 4893 - الجمعة 29 يناير 2016م الموافق 19 ربيع الثاني 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 25 | 12:30 م

      عذرا

      نعتذر للاجيال وجودهم لانهم الغو السعب باكمله وملو جيوبهم انتهى ، فلما الزعل انام لم تخدمو الشعب وانما مسحتموه باستيكه

    • زائر 24 | 12:15 م

      يقال الضرب في الميت حرام يعني تقدر تشبه مجلس النواب بالشخص المريض في العناية المركزة مثل نبات الملفوف

    • زائر 23 | 10:54 ص

      فرق شاسع بين النقد وحرية التعبير والشتم والقذف الذي يطلقونه low class people وهولاء موجودين في كل القوميات والطوائف والالوان ، فلا يوجد خط احمر ولا برتقالي الكل من يمارس سياسية وشأن عام قد ينتقد باخلاق عالية

    • زائر 21 | 4:08 ص

      نعم،، أحسنت ع هذاالمقال

      بدلاً من أن يكون مجلس النواب مجلس يدافع عن حقوق الشعب ،، أصبح مجلس يزجُهم للمحاكم. !!!!

    • زائر 17 | 2:05 ص

      من حق النواب رفع قضايا على بعض المغردين.

      اذا كان المغرد سيسلك طريق السب والقذف ويدعي انها حريه شخصيه مع انها قلة ادب وعدم تربيه فمن حق النائب ان يرفع قضيه ضد هذا المغرد الذي تجاوز حقه .

    • زائر 16 | 1:37 ص

      خبز خبزتوه اكلوه

      اللي صوتوا ليهم اقول ليهم حسبي الله عليكم مو على النواب لانكم اللي مصلتوهم للمجلس

    • زائر 22 زائر 16 | 4:33 ص

      صوتوا لو ما صوتو

      كانو بيوصلون
      حتى بالتزكية فهمت
      ليش تتحسب على الأوادم
      كفاية لي فيهم
      صوتوا ميتين ماصوتوا نفس الشي
      ما فرقت يعني من أول ماسوو المجلس لحد ماتولته الوفاق لحد ما انسحبت وصارت تكميلية ولحد الحين
      يعني يوم صوتوا الناس الوفاق وش صار ولما صوتوا لغيرهم وش صار
      اختك مثلك
      المجلس هذا يتكنسل
      ما جاب لنا إلا القرضه والطحنه على ماميش
      مشكل
      العورة تعيب على أم ودكه

    • زائر 14 | 1:03 ص

      من خرج وقال علمائنا خط احمر و الا عيسى الحين صارو نواب البحرين وايد حساسيين
      لا تكيلون بمكيالين

    • زائر 12 | 12:35 ص

      تقارير فساد ازكمت الانوف
      وضع المواطن يسير من سيء الى أسوأ
      وبرلمان حضوره كما هو غائب
      وضع اقتصادي متدهور ومرعب ومخيف
      كل هذا وعلى المواطن ان يضع لسانه في لهاته ولا يتكلم ولا يكتب

    • زائر 11 | 12:28 ص

      تحصين كل المسؤولين ضد أي نقد أو انتقاد هو دليل الضعف في المواقف ودليل على انهم فعلا مستحقين للانتقاد وانما يشرعنون قوانين تحمي سوء اعمالهم.
      اصبح الآن انتقاد الوزارات والوزراء ممنوع وانتقاد النواب ممنوع وانتقاد أي مسؤول رسمي ممنوع ، ماكو إلا تخصص اطباء لقطع السنة الجمهور وكل من ينتقد

    • زائر 10 | 12:23 ص

      نحن دائما نقف ضد الشعب لكننا لا نقبل ان يقف الشعب ضدنا ، هذا شعار النواب و الحكومه
      اما بخصوص زائر رقم ظ§
      لماذا ننتقد اشخاص قطعوا الطرق للدفاع عن الحقوق ولا ننتقد التجنيس الذي أكل في البلد ؟؟
      في الختام هذا البرلمان هو نتيجة جهاد هؤلاء في التسعينات وقد تسلق لكراسيه من لا من لم يدفع قيمته

    • زائر 9 | 12:00 ص

      الكاسر

      الشرة مو على النواب الشرة على من انتخبهم
      وقال بصوتك تقدر

    • زائر 8 | 11:21 م

      ليش

      يسألوني مارحت تصوت لنائب المنطقة ؟ أصوت وهذه ما يستحمل تقول له ليش يصيح ويقول سبيتني
      والقهر لما تروح تطلب مساعدة زواج يقول لك صوت في الأنتخابات ياأخي المره الجاية بصوت وبقول حريقه

    • زائر 7 | 11:18 م

      الأخ هاني ليش ماتنتقد الي يقومون بأعمال قوم لوط من قطع الطرق وتعطيل الناس عن اعمالهم

    • زائر 15 زائر 7 | 1:07 ص

      ههههههه

      قوم لوط عاد مرة وحدة
      كلش ماكو ربط في الموضوع

    • زائر 20 زائر 7 | 2:18 ص

      ..

      و انت ليش ما تنتقد الي يسمونهم رجال الامن و الي يسوونه في القرى و طلق مسيلات الدموع عالمنازل و غيرها من هالبلاوي

    • زائر 6 | 10:46 م

      نواب البحرين وايد حساسيين ،،، ليش ما تراعون مشاعرهم؟

    • زائر 5 | 10:45 م

      هؤلاء لا يمثلون الشعب، وتصرفاتهم ضد الناس وحقوقهم....

    • زائر 4 | 10:43 م

      تسلم على هذا المقال

    • زائر 3 | 10:34 م

      احنا مع الانتقاد ولكن يجب ان لا يتجاوز هذا الانتقاد التعدى والتطول ووالسب والشتم عليه وعلى اهله لذلك يجب ان يحاسب لانه هذا لا يعد حرية

    • زائر 13 زائر 3 | 12:49 ص

      زائر 3

      ولا يتجاوز لأهله ولشخصه وسبه
      احنا لنا حق ننتقد موقف نرفض موقف
      بس مو نسب ونشتم ونشوه سمعه
      ونحرق بيوت كله باسم الحريه

    • زائر 18 زائر 3 | 2:09 ص

      كلامك صحيح.

      ياما قلنا وانتقدنا اداء نائب او وزير.. ولكن لا جرحنا ولا شتمنا ومحد رفع قضايا ضدنا لان الانتقاد البناء يبني ويعمر بعكس الطريقه الثانيه وهي الشتم وقلة الادب.

    • زائر 2 | 9:45 م

      خل يصيرون رجال ومحد بينتقدهم!

      ماذا استفدنا منهم غير مزيد من الظلم الواقع على المواطن بتأييد منهم وسكوتا عن حقوق المواطن مقابل الاثراء على حسابه تبا لهم اذا

    • زائر 1 | 9:45 م

      هم نفسهم الحكومة و لا فرق في أي قرار . الله يكون في عون المستضعفين

اقرأ ايضاً