تتباين التوصيفات، إزاء المرتبة التي تتبوأها البلاد القديم في تاريخ الحقبة الإسلامية في البحرين، لكنها لا تجد مناصاً من اعتبارها أحد الأعمدة الرئيسية للحقبة التي لاتزال سنواتها التي تزيد على ألف عام، بحاجة إلى المزيد من التحقيق والتوثيق. «الوسط»، جالت في الجانب الشرقي المتداخل مع البلاد القديم، والذي يحمل مسمى «الخميس»، لتقف على الثروات التاريخية المعزولة والمهددة بالانهيار والتلاشي، في ظل أدوار رسمية بدت متواضعة، واهتمام أهلي بدا خجولاً.
البلاد القديم - محمد العلوي
تتباين التوصيفات، إزاء المرتبة التي تتبوأها منطقة البلاد القديم في تاريخ الحقبة الإسلامية في مملكة البحرين، لكنها لا تجد مناصاً من اعتبارها أحد الأعمدة الرئيسية للحقبة التي لاتزال سنواتها التي تزيد على ألف عام، بحاجة إلى المزيد من التحقيق والتوثيق.
«الوسط»، جالت في جزء من المنطقة الممتدة على مساحة جغرافية شاسعة، تحديداً في الجانب الشرقي المتداخل مع منطقة البلاد القديم، والذي يحمل مسمى «الخميس»، لتقف على الثروات التاريخية المعزولة والمهددة بالانهيار والتلاشي، في ظل أدوار رسمية بدت متواضعة، واهتمام أهلي بدا خجولا.
على رغم ذلك، ظل الأمل حاضراً في الجولة الميدانية التي اقتربت من مسجد الخميس (المشهد ذي المنارتين)، وزارت مسجد الرفيع (جمالة)، إذ أعمال الترميم التي أتمتها «هيئة البحرين للثقافة والآثار» للمسجد «الأول»، وعملية الإنقاذ التي توَّجتها إدارة الأوقاف الجعفرية لحجر محراب المسجد «الثاني».
وإلى جانب المسجدين اللذين يتصدران قائمة المساجد الأقدم في البحرين، «تمتلك البلاد القديم، نحو 40 مسجداً، بعمر زمني يمتد إلى مئات السنوات»، على حد تأكيدات الباحث حسين مديفع، الذي رافق «الوسط»، في الجولة التي امتدت ساعة ونصف الساعة، من دون أن تتمكن من استيعاب أكثر من (7) مواقع ومساجد.
تحتضنها المساجد
حيثما يولّي القادم إلى البلاد القديم، وجهه، ثمت بيت من بيوت الله، منتشرة عند كل مدخل، لتحتضن المنطقة، من الغرب حيث مسجد الصبور، ومن الشرق حيث مسجد أبو زيدان، ومن الجنوب حيث مسجد الرحى، ومن الشمال حيث مسجد الخميس.
ثراء المنطقة التاريخي لم يخل من مفارقات، إذ الاهتمام الأهلي المحدود بالتوثيق، والاكتفاء بالجهود الفردية التي يتصدرها الباحث الحاج عبدالله السعيد، وقبله أخوه المرحوم حسن السعيد الذي ألف كتاب «العقد النظيم في تاريخ أوال والبلاد القديم»، من دون أن يحجب كل ذلك المطالبات والنداءات بتشكيل لجنة أهلية لحفظ تاريخ المنطقة وإرثها.
واختارت الجولة انطلاقتها من مسجد ناصر الدين، الموقع الذي تتواجد خارج أسواره، ساجة أثرية ضاعت ملامحها، بعد أن ظلت لسنوات مركونة وعرضة لعوامل التعرية والعبث والسرقة.
وتمثل الساجات، التي تتواجد بكثافة في مقبرة المنطقة المعروفة بمقبرة أبوعنبرة، مصدراً وشاهداً مهمّاً على فترات من الحقبة الإسلامية في البحرين، وتختص بقبور لعلماء دين ووجهاء، كما تحتفظ بمعلومات تشتمل على أسماء شخصيات بارزة وآيات قرآنية وأحاديث شريفة، إلى جانب أبيات من الشعر وتواريخ ترتبط بسنة رحيل صاحب الساجة.
تنقيب مؤجل
وعلى بعد أمتار، تحديداً في الجهة الخلفية لمركز شرطة الخميس، حال حاجز الحديد الذي يحيط بالموقع الأثري، دون الدخول إليه، فيما المعلومات التي ينقلها الباحث مديفع تشير إلى تعاقب 3 حقب زمنية على الموقع الذي كان معبداً، بجانبه عين ماء في فترة من الفترات، قبل أن يستقر في الوقت الحالي على هيئة تلة، باتت تعرف لدى الأهالي باسم مسجد أو تل الحسن.
وتشير المعلومات إلى إقدام «هيئة البحرين للثقافة والآثار»، على دفن الموقع حفاظاً عليه، حتى تحين لحظة التنقيب المؤجلة.
تلة أخرى تتموضع على يسار مركز الشرطة، وهي أطلال لمسجد الأدهم العبدي، الذي تهاوت جميع جدرانه، لتتبقى التلة والأساسات، شاهدةً على الأثر الذي يعود عمره إلى مئات السنوات.
وعلى رغم اللافتة التحذيرية التي تؤكد أثرية الموقع، فقد ظل مهملاً بمحيطه الذي كان مكاناً لإلقاء الفضلات والنفايات.
أبوزيدان... الانهيار الوشيك
ومن أمام مركز الشرطة، يقف بشموخ مسجد أبوزيدان فوق العين التي تحمل الاسم نفسه، في ثنائية تحتل مكانة بارزة في ذاكرة البحرينيين، لكنها اليوم في حالة يرثى لها، إذ المعاينة المباشرة للموقع المغلق، تشير إلى خطر الانهيار الذي بات وشيكاً لسقفي المسجد والاستراحة، المصنوعين من مادة «الدنجل».
إزاء ذلك، تساءل مديفع عن أسباب عدم مباشرة «هيئة البحرين للثقافة والآثار»، أعمال ترميم الموقع، على رغم الوعود المقدمة في هذا الصدد والتي ترتبط بالمنطقة المكونة من مسجد الخميس، والمدرسة المباركية العلوية، كما سجل استغرابه من إغلاق الموقع.
وعلى رغم الإهمال، ظل الموقع عصيّاً على الموت، محتفظاً ببعض من جماله، في ظل صمود ثلاثيته، العين والمسجد والاستراحة.
ذكريات الأهالي مع «أبوزيدان»، لخصها المواطن والفنان الشعبي محمد جميل صلاح، الذي التقته «الوسط»، في أحد أزقة المنطقة، فقال: «سبحنا في العين، وأتذكر الرحلات المستمرة لها من قبل الأهالي و»المعاريس» وعمري وقتها 7 سنوات»، قبل أن يستدرك ليعبر عن ألمه حيال حالها اليوم، بالقول «واقعها اليوم (يعور) القلب».
واستذكر صلاح، أبياتاً شعرية تقف على أطلال العين، فقال باللهجة الشعبية: «أبوزيدان إليه حوبة... كل من جاء غسل ثوبه... يا محلا الكشاتة لول... وألحين محد يمر صوبه».
العيون شقائق المساجد
وترتبط العيون ارتباطاً وثيقاً بالمساجد، مشكلة مصدراً للماء والوضوء في سنوات خلت، اختفى بعضها، فيما ظل البعض الآخر متشبثاً بالبقاء، من بين تلك عين الأدهم، والتي حملت اسمها نسبة لمسجد الأدهم العبدي، الذي تهاوى فيما «توارت العين خلف أحد المباني التابعة إلى إدارة الأوقاف الجعفرية»، كما يوضح الباحث مديفع.
وبين الممرات التي تكسوها الخضرة، إذ الأرض الخصبة للمنطقة التي لاتزال تحتفظ بها أرض البلاد، يختبئ مسجد صلاح الدين، الذي كان يستريح على تلة، كعشرات المساجد التي تعرف باسم مساجد التلال.
وبحسب معلومات يدلي بها الباحث جاسم آل عباس، فإن مساجد التلال التي تنتشر في مناطق عدة في البحرين، تؤرخ لتعاقب الحقبتين المسيحية والإسلامية، إذ اصرار البحرينيين في فترة التحول من الديانة المسيحية إلى الإسلام، على الاحتفاظ بأنقاض الكنائس بدافع الاعتقاد بقداستها، وبناء المساجد فوقها عوضاً عن التخلص منها.
«الرفيع»... فخر «البلاديين»
وقبيل الانتقال إلى مسجد الرفيع «جمالة»، كانت بوصلة الجولة الميدانية تؤشر ناحية «المويلغة»، المنطقة التي تحتل جزءاً كبيراً من جغرافية البلاد القديم، تاركةً البقية لمناطق من بينها، الصداغة، فريق أبوخفير، فريق أبوشجاع، وفريق بني...
وتشتمل المنطقة على مسجد المويلغة، الذي بدا في حاجة إلى الترميم بعد سقوط بعض من أجزائه، إلى جانب مسجد الشيخ إبراهيم الذي يحتل مكانة في ذاكرة «البلاديين»، إذ «اتخاذه في عقد الثمانينات منطلقاً للموكب السياسي»، كما يقول مديفع.
وعند مسجد الرفيع الذي يتوسط المنطقة ويتفاخر به الأهالي كثيراً، كانت النهاية. هناك حيث الموقع التاريخي الذي يتوسط المنطقة، ناطقاً بعراقتها عطفاً على عمره الممتد إلى السنة 15 هجرية، كما تؤكد إدارة الأوقاف الجعفرية.
وبعد 20 عامًا من المطالبات الأهلية، أعيد إلى المسجد حجر محرابه الأثري الذي لا يزال يحتفظ بنقوش إسلامية واضحة، حتى بعد تحوله إلى قطع منفصلة، حافظ عليها الحاج عبدالله السعيد، وأعادته «الأوقاف الجعفرية» إلى موقعه الطبيعي.
الجمري: 4 مدن أساسية للحقبة الإسلامية
وفي قبال نداءات التوثيق، يشير الباحث حسين الجمري في حديث مع «الوسط»، إلى أن منطقة البلاد القديم حظيت بأعمال تنقيب وبحث، تحديداً على يد مدير البعثة البريطانية انسول، الذي استقدمته الهيئة لإنجاز أبحاث عن المنطقة.
وبحسب حديث الجمري الذي يصف الحقبة الاسلامية بالحقبة المظلومة، في إشارة إلى التدمير الذي طال عدداً كبيراً من آثارها، فإن ما يمكن تسميته بالعمود الفقري للحقبة الإسلامية، يمكن أن يطلق على 3 مناطق بشكل أساسي، مشيراً إلى بداية ظهور الحقبة الاسلامية من نهاية القرن 9 إلى بداية القرن 10 هجرية، مؤكداً عدم وجود دليل لوجود اثار اسلامية في البحرين ما قبل ذلك، ذات قيمة وتدل على وجود مدن إسلامية في جزيرة أوال.
وأضاف «بعد ذلك، أي مع نهاية القرن الـ 10 ظهرت 4 مدن أساسية، البلاد القديم إحداها، الى جانب كل من باربار، عالي، والجنبية القديمة (فاران)».
واستدرك «لكن في هذه الفترة بالتحديد، غير معلوم مقدار أهمية كل منطقة، فالمناطق الثلاث (البلاد القديم، عالي، باربار)، وجد فيها الفخار السامرائي بكمية كبيرة، وهذا يدل على غنى المناطق واشتغالها بالتجارة».
وتابع «الفترة الثانية هي فترة القرامطة، والبلاد القديم كانت فترة أساسية فيها بسبب ذكرها في كتب التاريخ بما في ذلك حوادث مرتبطة بعين أبوزيدان، التي ذكر اسمها نصاً في دلالة على دور بارز للبلاد القديم في تلك الفترة».
ومع الانتقال إلى القرن الثاني عشر هجرية، يقول الجمري: «بعد ذلك اختلفت المعادلة، حيث بنيت مدينة جديدة وأضخم بعد هذا القرن، وهي موجودة في موقع قلعة البحرين، وقد كانت هي المدينة بل السوق التجارية في تلك الفترة، وكل ذلك وفقا للتنقيبات الاثارية».
أما دور البلاد القديم، فيوضحه الجمري بالقول: «بدأ دورها من بداية الحقبة التي شهدت رحيل البرتغاليين، ونتحدث هنا تحديداً عن مسجد الخميس الذي مثل منطقة مركزية آنذاك لقاضي القضاة أو رئيس الحسبة وفقاً لتسميات مناصب تلك الحقبة، التي بدأت من 1600م، فلذلك كان أي شخص يتسلم هذا المنصب (غالبيتهم من خارج البلاد القديم)، يجب عليه الانتقال إلى البلاد القديم».
وعلى رغم إشارة الجمري إلى صعوبة اعتبار البلاد القديم «العمود الفقري للحقبة الإسلامية في البحرين»، فإنه يعود ليؤكد أن المنطقة وبحسب المعطيات المنشورة، منطقة مهمة ورئيسية، منوهاً في الوقت نفسه إلى أن أحد مداخل الانتصار للحقبة الإسلامية يمر عبر هذه المنطقة التي تم التنقيب فيها بصورة كبيرة، حتى نالت نصيب الأسد من الدراسة والتنقيب من بين بقية المناطق المرتبطة بالحقبة الإسلامية، كما يشهد على ذلك مؤلف انسول الخاص بآثار البلاد القديم.
وأضاف الجمري أن «التوثيق موجود لثروات المنطقة، تحديداً من قبل بعثات التنقيب الأجنبية، لكن قد يكون هنالك تقصير من ناحية الإعلام عنها، أما الحديث عن تراتبية مناطق الحقبة الإسلامية في البحرين فيبدو صعباً؛ نتيجة غياب المعلومات الحاسمة لذلك»، منبهاً إلى ضرورة الالتفات إلى الغنى الذي تتصف به مناطق أخرى، لم يتم التنقيب فيها بالمستوى الكافي، كما هو الحال مع منطقة جدحفص، ومناطق أخرى.
العدد 4893 - الجمعة 29 يناير 2016م الموافق 19 ربيع الثاني 1437هـ
اذا محد ليه هالبيت خلوني اخذه اعيش فيه بدل ماهو مفلوت
وماذا عن ؟؟؟؟..
مدرسة المباركة العلوية التي غير تاريخ إنشاؤها و بناءها من 1919 م إلى عام 1929 م ....أين الحكومة من صيانتها .
بلاديه
بلاديُ الهوى قلبي ،، ومااحلاه ان يغدو هوى قلبي بلاديا
كفاني فخرا انها سميت ب البلاد القديم ،، اكبر دليل على انها مهد الحضاره في البحرين وسيبقى مسجد ذو المنارتين (مسجد الخميس) الشاهد الاكبر
ولد البلاد
لا يمكنهم محو تاريخنا يريدون باهمالهم أن يقضون على ما تبقى من آثار وتاريخ هذا الشعب شكرآ للوسط
هدم و اهمالها الآثار هي سياسة ممنهجة لمحاولة محو هوية شعب.
ليش ميبنون مكانه مسجد
ابرك .