أعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بعد لقائه نظيره الإيراني حسن روحاني في باريس أمس، أن أسس العلاقات الجديدة مع طهران تستند الى إيفائها التزاماتها في الاتفاق النووي المُبرم مع الدول الست. وحض إيران على تسهيل تسوية الأزمة في سورية، فيما اعتبر روحاني أن هذه المشكلة تتعلق بالإرهاب وتنظيم «داعش»، لا بأفراد ، وفق ما نقلت صحيفة "الحياة" اليوم الجمعة (29 يناير / كانون الثاني 2016).
أتى ذلك في ختام زيارة لروحاني الى باريس استمرت يومين، وشهدت توقيع أكثر من 30 مذكرة تفاهم لعقود مستقبلية، بما في ذلك عقد لشراء ايران 118 طائرة من طراز «آرباص»، قيمتها 25 بليون دولار. وأعلنت شركة «توتال» توقيع عقد لشراء نحو «200 ألف برميل يومياً» من النفط الإيراني الخام، كما وقّعت «بيجو - سيتروين» اتفاق شراكة قيمته 400 مليون يورو على مدى خمس سنوات، تأمل بأن يتيح صنع 200 ألف سيارة سنوياً في ايران.
هولاند الذي التقى روحاني في قصر الإليزيه نحو ساعتين، شدد على أن أسس العلاقات الجديدة مع طهران، تستند في شكل كامل الى احترامها التزاماتها في الاتفاق النووي. وأضاف في مؤتمر صحافي مع نظيره الايراني: «لدينا مسؤوليات وفرنسا لا تريد الهيمنة، لكنها تريد ان تكون مفيدة لخطة السلام ومكافحة الإرهاب الذي يضرب المنطقة والعالم. علينا ان نعمل لتسوية الازمات». وأسِف لـ «مفاوضات تأخرت» في الملف السوري، مشدداً على «ضرورة إدخال مساعدات انسانية الى سورية، وتسهيل مفاوضات لعملية سياسية انتقالية».
ودعا الى «تسهيل المصالحة في العراق»، لافتاً الى أن لايران «جزءاً من المسؤولية في أداء هذا الدور، كما في اليمن». وتابع: «بالنسبة الى لبنان، وهو بلد يعيش في هدوء هش، علينا ان نحمي سيادته وأن نشجع على ملء الفراغ الرئاسي فيه». وحض على «العمل لعودة الهدوء على صعيد العلاقات السعودية – الإيرانية». وأشار الى انه طلب من ايران ان تعمل لحماية الآثار والتراث في سورية والعراق، وتحميه من الارهابيين والمهربين.
وأعلن هولاند انه «ذكّر» روحاني بـ «تمسك فرنسا بحقوق الإنسان والحريات»، لافتاً الى ان ذلك «ينطبق على كل البلدان وجميع مناطق العالم». وتابع: «تحدثنا في كل شيء، لأن هذه هي القاعدة دائماً في السلوك الفرنسي». واعتبر ان «مكافحة الإرهاب يمكن ان تتم من دون المسّ بحقوق الإنسان».
أما روحاني فشدد على أن «ايران وفرنسا تحتاجان الى تعاون اقتصادي على كل المستويات»، معتبراً ان تعاونهما السياسي «يمكن ان يؤثر في دول مهمة لفرنسا، مثل لبنان». وذكر ان «هناك خلافاً بين السعودية وإيران»، تمنى تسويته «ديبلوماسياً». ولفت الى ان طهران ستفي التزاماتها في الاتفاق النووي، اذا فعلت الدول الست الأمر ذاته.
وسُئل روحاني إذا كان مستعداً لحل وسط في شأن مستقبل الرئيس السوري بشار الأسد، فأجاب: «الأمر في يد الشعب السوري ليتخذ قرارات حول بلده. المشكلة في سورية ليست في الأفراد، بل في الإرهاب وداعش».
وتحدث عن «مشكلات أمنية» في الشرق الأوسط، مشدداً على وجوب التصدي لـ «التعصب والإرهاب والتطرف»، خصوصاً عبر «تبادل معلومات استخباراتية».
وكان رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس رحّب بروحاني، مخاطباً إياه والوفد الإيراني باللغة الفارسية قائلاً: «أهلاً بكم في فرنسا». وقال خلال لقائه روحاني في مقر رابطة أرباب العمل الفرنسية (ميديف)، في حضور رجال أعمال فرنسيين وإيرانيين، إن فرنسا تسعى إلى «إعادة شراكة طموحة بعيدة المدى» مع ايران، تتيح «المساهمة في تطويرها»، وزاد: «يمكن إيران أن تعتمد على فرنسا وشركاتها».
اما روحاني فدعا الى «نسيان خلافات الماضي، من أجل بدء علاقة جديدة بين بلدينا»، وأضاف: «نعلن إرادتنا ورغبتنا القويتين في تجاوز المشكلات، واستعدادنا للعمل المشترك مع فرنسا».
وأثناء اجتماع هولاند – روحاني، شارك آلافٌ من أعضاء «مجاهدين خلق»، أبرز تنظيم معارض للنظام الايراني، في مسيرة في باريس، رُفِعت خلالها لافتات كُتب عليها «لا لروحاني»، فيما وقّع 61 نائباً فرنسياً رسالة مفتوحة وُجِّهت الى هولاند، تدين سجل طهران في حقوق الإنسان و «استراتيجية الفوضى» التي تنتهجها في الشرق الأوسط، وتحضه على «الطلب» من نظيره الإيراني «إطلاق السجناء السياسيين».