خلصت قراءة منتدى «وعد» السياسي، أمس الأول الأربعاء (27 يناير/ كانون الثاني 2016)، حول تداعيات الاتفاق النووي الإيراني ورفع العقوبات عن إيران ومستقبل هذا الاتفاق، إلى التأكيد على أهمية «إعادة النظر» في العلاقات الخليجية الإيرانية وفق ما تتطلبه المرحلة الحالية من جهة، والاتجاه إلى إجراء إصلاحات سياسية حقيقية في دول المنطقة.
إيران الثورة أم الدولة؟
وتحدث كل من الأستاذة الجامعية منيرة فخرو والباحث السياسي فؤاد سيادي في منتدى جمعية العمل الوطني الديمقراطي «وعد» تحت عنوان «قراءة في تداعيات ما بعد الاتفاق النووي الإيراني ورفع العقوبات» حيث قدمت فخرو مدخلًا مثيرًا للتأمل متسائلة «أول ما خطر ببالي عن كتابة هذه الورقة عن الاتفاق النووي الإيراني ورفع العقوبات هو: هل تتغلب إيران الدولة على إيران الثورة، أم ستظل تتأرجح بين الدولة والثورة كعهدها قبل الثورة؟ وهل سيمنح العالم لها الفرصة للعب على الحبلين؟» لتجيب بالقول «الدلائل تشير إلى أن إيران تمضي قدما نحو (الدولة)، فهي اليوم توقع عقد الصفقات الاستثمارية والتجارية والصناعية».
لاعب أساسي في المنطقة
ولفتت إلى أن الرئيس الإيراني حسن روحاني قام خلال أيام بزيارة إلى إيطاليا، والتقى بابا روما ذلك لأن الفاتيكان ينظرون باهتمام إلى المسيحيين السوريين ومستقبلهم، وهذه إشارة إلى دور إيران كلاعب أساسي في شئون الشرق الأوسط، زد على ذلك عقود زيادة التبادل التجاري بين الصين وإيران والتي تصل إلى 60 مليار دولار سنويًا، وهي -أي إيران- رابع دولة مصدرة للنفط وثاني دولة مصدرة للغاز، ولديها صناعة سيارات من المتوقع أن تزدهر مع الاستعانة بالخبرات بالغربية، وكل ذلك يعكس ترجيحًا لتغلب الدولة على الثورة.
علاقة الساحلين العربي والفارسي
واستدركت في جانب مهم لتثير محورًا كبيرًا «على الضفة الأخرى من الخليج، كيف سينعكس ذلك على دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية المختلفة مع إيران وتحركاتها للتدخل في شئون الدول العربية ودعم الحركات المعارضة»، ولعل الإجابة تتداخل فيها العديد من الأمور منها المصالح بين ضفتي الخليج، وعلاقة الساحلين العربي والفارسي بكل مقوماتها التي من الصعب فصلها حضاريًا واجتماعيًا، مستوحية عدة صور منها زيارات العتبات المقدسة في إيران والعراق بالنسبة للطائفة الشيعية وخصوصًا في البحرين والمنطقة الشرقية، وكذلك ارتباط شريحة من الطائفة السنية مع الساحل الفارسي سواء من نزحوا قديمًا أم حديثًا، فهناك علاقات متداخلة بين دول الخليج وإيران والعراق.
أين الإصلاحات السياسية؟
وفيما يتعلق بنظرتها للتداعيات على المديين القريب والمتوسط، قالت فخرو إيران اليوم تتصل بالغرب والدول الصناعية على صعيد مشاريع التنمية والتحديث لبناء «إيران حديثة»، وذلك سوف يؤدي للانفتاح على دول الخليج العربي والوصول إلى تفاهم يزيل الخشية والقلق، لكن بالمقال، ماذا فعلت دول الخليج؟ هل بدأت إصلاحات سياسية؟ فالمنطقة تمر بحالة احتقان ومنها البحرين إثر الاجراءات التعسفية بكتم صوت المعارضة وتعريض الطائفة الشيعية للتعسف وتجريد بعض المواطنين من الجنسية واعتقال القيادات السياسية والدينية، وكل تلك الاجراءات تدل على انعدام العدالة، بالإضافة إلى التجنيس السياسي الذي يمضي بوتيرة واضحة من خلال منح الجنسية لوافدين من دول عربية وباكستان وتمنحهم الامتيازات التي يحرم منها الكثير من المواطنين، وهل ستبقى السلطة في البحرين على حالها أم ستراجع نفسها في المستقبل؟ والدلائل حتى الآن تشير إلى أن النظام مستمر في طريق مرسوم ولن يسمح بأي انفتاح، والخوف كل الخوف من استمرار انحدار أسعار النفط إلى مستويات غير مسبوقة فتزيل (ورقة التوت) التي تغطي الأنظمة، وعندئذ لن تأتي (أميركا) للنجدة، بل ستتركنا وحدنا لكي نحل مشاكلنا لكن بأي طريقة؟ هذا ما ستكشف عنه الأيام القادمة.
ليس كل العقوبات
وفي ورقته، تناول الباحث السياسي فؤاد سيادي الحديث عن أن الاتفاق النووي بين إيران ودول (5+1)، وكنتيجة أساسية له، رفع العقوبات الاقتصادية لكن لم ترفع كل العقوبات! وأوضح بالقول أن الاتفاق ينص على السماح لمفتشي الأمم المتحدة بتفتيش المواقع العسكرية الإيرانية، ويحق لإيران -في بعض الحالات- الاعتراض على منع التفتيش في بعض مواقعها، فالعقوبات سارية المفعول ويمكن أن تعاد خلال 65 يومًا من يوم التوقيع على الاتفاق إذا حدث وخرقت إيران أي شرط، ومن العقوبات أيضًا حظر توريد الأسلحة لمدة 5 سنوات، وحظر على الصواريخ لمدة 8 سنوات، والسماح بتخصيب اليورانيوم بكميات محدودة، ذلك لأن الغرب وأميركا ومن خلال الأمم المتحدة يريدون فرض بعض القيود على إيران.
مفاعل إيراني في الخمسينات
وذكر أن الاتفاق النووي كان حصيلة مفاوضات طويلة ولا يمكن استثناء دور أميركا أصلًا في تأسيس المفاعل النووي الإيراني، فهو ليس مشروعًا حديثًا بعد الثورة الإيرانية بل منذ فترة الخمسينات، فأميركا هي التي بنت المفاعل في ذلك الوقت حين كانت إيران قاعدة رئيسية في المنطقة إلى جانب اسرائيل لمواجهة المد السوفييتي.
وللتوضيح بشكل أعمق قال سيادي: «يجب أن نشخص العقوبات الاقتصادية على ايران بأنها لأغراض سياسية بحتة لا تتعلق بالتقنية فقط، بل بتجاوز إيران صلاحيات ومعايير الانتاج على الصعيد النووي، أو تجاوزاتها لأغراض عسكرية، ولو رجعنا لتاريخ الأزمة بين إيران وأميركا فهي بدأت في العام 1979 بعد انتصار الثورة الإيرانية، ولاحظنا أن أميركا وبعض الأنظمة التابعة لها والغرب، هم من وقفوا في الجانب السلبي للثورة الإيرانية، رغم أنها لم تكن ثورة كوجهها الحالي، فقد شاركت فيها كل التيارات والمكونات التي كانت مضطهدة في فترة الحكم الشاهنشاهي الدكتاتوري الحليف لأميركا».
الشاه حليف أميركا
ولفت إلى أن فرض العقوبات بدأ من الجانب الأميركي منذ أن أدركت أميركا أنها فقدت ركيزة في المنطقة بعد سقوط شاه إيران، هذا من وجهة نظري، لأن أميركا لها دور سلبي وهو در الهم وليس البناء أمام نضالات الشعوب، حتى وإن ساهمت في بناء وتطوير بعض المجتمعات فهي لا تبنيها إلا من خلال مصالح لفرض هيمنتها، والجانب الآخر أن الغرب أو تاريخ الاستعمار بشكل عام دائمًا ينظر إلى المجتمعات والشعوب الأخرى بهدف جعلها شعوبا مستهلكة تعتمد على الاستهلاك، وهي من تغذي دور العجلة الاقتصادية التي ينتجها الغرب وأميركا. وبالتأكيد، فالغرب وأميركا لن يكونوا سعداء وهم يرون إيران تتحول من دولة استهلاكية إلى دولة منتجة.
4 مجموعات عقوبات
وعدد المجموعات التي عملت على فرض العقوبات على إيران وهي 4 مجموعات، فهناك المجموعة الأولى التي صدرت بشأنها قرارات في الفترة من 2006 إلى 2008 من قبل مجلس الأمن، وصدر في ذلك 9 قرارات تشدد العقوبات على إيران وخاصة فيما يتعلق بتخصيب اليورانيوم، أما المجموعة الثانية فتقودها أميركا وبدأت في فرض عقوبات، ليس منذ عام 2006، بل منذ عام 1979 على خفية احتجاز الرهائن الأميركيين في طهران، ومنذ ذلك الوقت، بدأت بتطبيق العقوبات عليها، والمجموعة الثالثة هي الدول الأوروبية، تبعتها المجموعة الرابعة وهي تتكون من الدول العربية والإسلامية والخليجية، وهي قد لا تمثل مجموعة بحد ذاتها لكنها تشكل مجموعة تابعة للمجموعات الثلاث السابقة تملي عليها مواقفها.
الغرب «يسيل لعابه»
إلى ذلك، كما يصف سيادي، فإن إيران أعجزت أميركا والغرب عن إسقاط نظامها بكل امكاناتهم رغم الحصار والعقوبات لتقويض امكانات النظام، وإذا كانت إيران استطاعت أن تصمد وتبني نفسها، فلن نتفاجأ اليوم وهي تملك قدرات هائلة انكشفت بعد رفع العقوبات، ولم نكن عنها سابقًا ومنها على سبيل المثال: صناعة الأسلحة، فلا دولة عربية واحدة عندها إمكانية تصنيع الأسلحة، والغرب اليوم (يسيل لعابه) بعد توقيع الاتفاق، وحصلت إيران على رصيد بمليارات الدولارات، فالغرب أذكى من الدول العربية، حين نقول أن (الغرب داس على كرامته) للحصول على الفرص الذهبية، فيما العرب مستمرون في وصف إيران بالدولة العدوة، وهذا الإحساس ينمو وأنها الخطر الأول، رغم أنني أعتقد أن دول المنطقة عليها أن تتكامل مع إيران من ناحية القدرات والإمكانات، وهذا من شأنه أن يزيل كل المخاوف من تصاعد النفوذ الإيراني، فإيران قد تستخدم قدراتها في تقوية نفوذها سواء العسكري أم السياسي في بعض دول المنطقة، ولكن، كيف سنواجه ذلك؟ هل بالندية وزرع الكراهية أكثر؟ هل نواجه تلك القدرات باتهام كل من ينادي بحقوقه بأنه تابع لعدو خارجي؟
واختتم بالتأكيد على أن الموضوع -أي العلاقة بين إيران ودول الخليج العربي- تحتاج إلى إعادة نظر لما فيه مصلحة المنطقة بشكل عام، والتعاون بين المنطقة العربية وإيران لتكوين قوة، فلو توحد الجميع، وخفت الاحتقانات والمشاكل بين دول المنطقة، لأصبحت دول المنطقة بما فيها إيران أقوى قوة اقتصادية.
العدد 4892 - الخميس 28 يناير 2016م الموافق 18 ربيع الثاني 1437هـ
بما يمكن وصف بعض ...
لا أجد تعليق مناسب .... فحتى الانسان غير الضليع في الاقتصاد و السياسة يمكنه رؤية الوضع بفهمه و كلمانه البسيطةكما ذكرتم بتفصيل و دقة
المال سيذهب وهو في طريقه للذهاب وعضلاته تنكمش وتذبل
بالنسبه للوضع الخليجي لا أعتقد سيتحسن لأنه القرار السياسي وبالاخص السياسه الخارجيه ليست بأيديهم ولا بأيدي الدول العظمى بل بيد الدوله الكبرى الخليجيه إن صح التعبير بإستثناء سلطنة عمان طبعا ،، وإذا استمرت سياستهم الغبيه هذه فهم الخاسرون بلا شك ..لو كان القرار السياسي والسيادي بيد كل دوله لصار الحال أفضل بكثير .
اذا تخلفنا عن الركب
اذ نواصل التفكير بمعادات ايران فسنبقى في حالة عدم استقرار هم يشدو الحبل ونحن كذالك والنتيجة ضياع الاستثمار الاقتصادي وتخلف المنطقة .