في ظل المخاوف من «أزمة اقتصادية عالمية جديدة، وتوسع نطاق الحروب والنزاعات المسلحة، والتغيرات المناخية والبيئية، والفوارق الاجتماعية، وأزمة المهاجرين واللاجئين» يصبح، الأمن والاستقرار والرفاهية والتقدم، أبرز التحديات الكبيرة، التي تواجه المجتمع الدولي برمته، ويصبح من الضرورة بمكان، أن يتضامن العالم ويتحد، في مواجهة التحديات والمخاطر المحتملة، التي تتسبب فيها الانهيارات الاقتصادية العالمية، وتوسع نطاق الحروب والصراعات والتغيرات المناخية والبيئية، ومشاكل الهجرة واللجوء، وغيرها من القضايا الصعبة والحساسة، التي يمكن أن تعيق مسارات الأمن والاستقرار والسلام الدولية.
وكعادته السنوية، شدد منتدى دافوس الاقتصادي الدولي بسويسرا، الذي عقد في 20 كانون الثاني/ يناير 2016 تحت شعار «الثورة الصناعية والمهاجرين» بحضور أكثر من 2500 مشارك من 100 دولة عالمية، بينهم رجال الاقتصاد والمال والسياسيين والزعماء ورؤساء الحكومات، إضافة إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، على ضرورة تحقيق جميع الأهداف الكبيرة، التي رسمها منذ بداية تدشينه قبل عدة عقود، ويحاول أن ينطلق بـ «ثورة صناعية رابعة في أنحاء العالم، ومواجهة التحديات الجيواقتصادية وقضايا السلام والأمن الدولي والتعليم والصحة، والتغيرات المناخية والبيئة، وتبني خطوات جديدة على طريق معالجة مشاكل اللجوء والهجرة».
لكن الأمر الذي يظلّ يشغل كل المراقبين، هو: مدى قدرة المنتدى الاقتصادي الدولي، الذي ظل طوال عدة عقود من الزمن، يبحث في مختلف القضايا الاقتصادية العالمية، على تحقيق الوعود والالتزامات، الذي تعهد بها أمام المجتمع الدولي، تجاه التحديات المطروحة حالياً على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية والبيئية، في ضوء الصراعات والحروب والمنافسة التجارية وقضايا الهجرة وتزايد تأثر الفجوة بين الدول المتقدمة والدول النامية والفقيرة.
منتدى دافوس الاقتصادي، عبر عن تفاؤله بمستقبل مشرق للبشرية، يتحقق فيه الأمن والسلام والوئام والاستقرار والرفاهية، في مرات كثيرة، ورصد موازنات كبيرة من أجل تنفيد مشاريع التنمية الاقتصادية، وفتح الأسواق العالمية، وتسهيل التنقل وإزالة الحواجز الحدودية بين الدول، وخفض مستويات الضرائب على التبادلات التجارية، وتخفيض الجمارك وتعزيز التجارة الحرة، ومحاولات ردم فجوة الفوارق الاجتماعية والطبقية، ومكافحة الفساد والحروب والاضطرابات، وحل مشاكل البيئة والاتجار بالبشر، وغيرها من القضايا ذات الاهتمام الدولي المشترك، لكن هذا التفاؤل ظل يصطدم ـ بحسب ـ بعض الاقتصاديين ورجال الأعمال، بمطبات وعراقيل وحواجز كثيرة، في مقدمتها الحروب والتوترات الأمنية الخطيرة، التي تعصف اليوم بمناطق كثيرة حول العالم، والتباطؤ الحاد الذي يعاني منه الاقتصاد العالمي، وهبوط أسعار النفط، ولكن في مقابل ذلك يرى بعض المراقبين، بأن المنتدى ظل عبر تلك العقود الطويلة سبباً مباشراً لقلق الدول النامية والمجتمعات الفقيرة، لأن جميع مشاريعه السياسية والاقتصادية، تصب في كل الأوقات، في خدمة مصالح الدول الكبرى والغنية، وعلى حساب مآسي البلدان الفقيرة والنامية، ولذلك يخشون أن يكون مصير قراراته وتوصياته الأخيرة، كمصير سابقاتها، التي أصبحت صورة مكررة من اجتماعات المنتدى السنوية، ويحذرون من أنه إذا لم يكن هناك تعاون جوهري وحقيقي وشامل، في معالجة الأزمات والصعوبات الحادة كافة، التي تواجه المجتمع الدولي على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية، فإن العالم سيواجه سنوات أصعب من السنوات العجاف، التي عاشتها جميع الدول في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية.
إقرأ أيضا لـ "هاني الريس"العدد 4891 - الأربعاء 27 يناير 2016م الموافق 17 ربيع الثاني 1437هـ