قال رئيس الجمهورية التونسية الشقيقة الباجي قائد السبسي: «إننا في تونس نُكبر في البحرين الوسطية والتفتح ونحن في تونس دائماً نسعى أن نكون أمة وَسَطاً»، جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال استقباله من قبل عاهل البلاد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة في قصر القضيبية، أمس (الأربعاء).
وأضاف الرئيس التونسي في كلمته أن «البحرين قوية بأصالتها وملكها ورجالاتها... وفي هذا الخضم الدولي الذي يتغير بسرعة والمتغيرات كثيرة لكن كثيراً منا لم يعِ ضرورة الأخذ بعين الاعتبار هذه المتغيرات، لأن مهما كانت قوتنا فنحن قوة صغيرة في عالم متغير، ولابد أن نعي ذلك وأن تكون سياستنا سياسة واقعية تأخذ بعين الاعتبار الواقع، وبهذا نحفظ لشعوبنا الكرامة ونحفظ لبلداننا الأمن والاستقرار، وأنا شخصياً على ثقة وأعني ما أقول أن البحرين في ملكها ورجالاتها تبقى دائماً سائرة في طريق التقدم والرقي، وهذا نحن نباركه وتونس التي تمر الآن بفترة سعيدة لأسباب، لأنها أقرب نقطة إفريقية من أوروبا والوضع في أوروبا يفرض على تونس الكثير من التحديات، ونحن نحاول بتوفيق من الله أن نتغلب عليها».
المنامة - بنا
استقبل عاهل البلاد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، (الأربعاء)، في قصر القضيبية رئيس الجمهورية التونسية الشقيقة الرئيس الباجي قائد السبسي، بحضور رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الامير خليفة بن سلمان آل خليفة، وذلك بمناسبة زيارة الرئيس التونسي لمملكة البحرين.
وقد جرت للرئيس التونسي مراسم استقبال رسمية لدى وصوله قصر القضيبية، حيث توجه جلالة الملك وضيف البلاد الكريم الى منصة الشرف، وعزف السلام الجمهوري التونسي والسلام الملكي البحريني، بعد ذلك تفقد جلالة الملك المفدى وسيادة الرئيس الباجي قائد السبسي حرس الشرف الذي اصطف لتحيتهما.
بعدها صافح الرئيس التونسي الوزراء، كما صافح جلالة الملك أعضاء الوفد الرسمي المرافق للرئيس التونسي.
ثم تفضل جلالة الملك بإلقاء كلمة سامية هذا نصها:
بسم الله الرحمن الرحيم
فخامة الأخ الرئيس الباجي قائد السبسي، رئيس الجمهورية التونسية، أصحاب السمو والمعالي والسعادة، الحضور الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
يطيب لنا بداية أن نرحب بكم أجمل ترحيب في مملكة البحرين، وأن نعرب لكم عن تقديرنا الكبير لزيارتكم المباركة، التي تأتي لتجسد عمق العلاقات التاريخية الوثيقة التي تربط بين بلدينا الشقيقين، وحرصنا الأكيد على أن تحظى علاقاتنا وروابطنا الأخوية التي تجمعنا بكم، بالمزيد من التقارب والنماء، وبما يسهم في تقوية أواصر التعاون والتواصل والتكامل بين دول وطننا العربي.
كما نود التأكيد على ما يمثله توقيت زيارتكم للبحرين من أهمية بالغة، بالنظر إلى ما تواجهه أمتنا العربية من مخاطر وتحديات تتطلب تكثيف أوجه التشاور المشترك، ورفع أقصى درجات التنسيق والتعاون المستمر، لمحاربة وصد التهديدات التي تستهدف استقرار المنطقة، والتي تستوجب أيضاً، حسن وسرعة التعامل مع المتغيرات الدولية واحتواء تداعياتها، ووضع الحلول المناسبة لحفظ أمننا الإقليمي، وسيادة بلداننا وصون منجزاتنا الوطنية، وتحقيق آمال وطموحات شعوبنا.
فخامة الرئيس،
يطيب لنا بهذه المناسبة أن نكرر ترحيبنا بكم في بلدكم الثاني، البحرين، وأن تقترن زيارتكم بإنجاز المزيد من اتفاقيات التعاون الثنائي، بمجالاتها الرحبة، والسعي إلى تفعيل نتائجها بما يعود بالنفع والخير على بلدينا الشقيقين، من خلال اللجنة المشتركة البحرينية التونسية، والتي تعتبر من أقدم اللجان التي تم إنشاؤها بين البحرين والدول الشقيقة. وتعبيراً لما تكنه البحرين وشعبها من مشاعر اعتزاز واحترام وامتنان لتونس وشعبها الشقيق، يسعدنا أن نمنح فخامتكم «وسام الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة من الدرجة الممتازة»، مقدرين لكم جهودكم ومساعيكم للانتقال بعلاقاتنا الأخوية إلى مستويات جديدة ومتقدمة من التعاون والتقارب، التي تتوجها اليوم زيارتكم الموفقة، بإذن الله، فأهلا بكم وعلى الرحب والسعة.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،،
ثم ألقى رئيس الجمهورية التونسية كلمة أعرب فيها عن شكره وتقديره لجلالة الملك على هذه الدعوة الكريمة لزيارة البحرين، وقال: «انني استجبت لهذه الدعوة على عجل لما أكنه من محبة وتقدير لجلالة الملك وشعب البحرين، واستذكر مواقف المغفور له بإذن الله تعالى صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان ال خليفة طيب الله ثراه»، وأضاف أن «تونس والبحرين هما دائماً معاً حتى انه من حسن الطالع لما كنا معا في القمم العربية كان مقعد تونس ملاصقا لمقعد البحرين وهذه إشارة للتقارب والتقارب الأعمق في مواقف كثيرة وفي الوضع الحالي».
وقال: «إننا في تونس نُكبر في البحرين الوسطية والتفتح ونحن في تونس دائما نسعى ان نكون أمة وسطا واستشهد بالآية الكريمة «وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً»، لذا فإن زيارتي للبحرين تأتي في اطار علاقاتنا الطيبة».
ووجه الرئيس التونسي الدعوة لجلالة الملك لزيارة الجمهورية التونسية وشكر جلالته على منحه وسام الشيخ عيسى بن سلمان ال خليفة، وقال انه يسعدني ان اقدم لجلالتكم الصنف الأكبر من وسام الاستقلال وهو أقدم وسام أسسه المغفور له الحبيب بورقيبة الذي كان معجباً بالبحرين.
وأضاف الرئيس التونسي في كلمته أن «البحرين قوية بأصالتها وملكها ورجالاتها.. وفي هذا الخضم الدولي الذي يتغير بسرعه والمتغيرات كثيرة لكن كثيرا منا لم يعي ضرورة الأخذ بعين الاعتبار هذه المتغيرات لأن مهما كانت قوتنا فنحن قوة صغيرة في عالم متغير ولابد ان نعي ذلك وان تكون سياستنا سياسة واقعية تأخذ بعين الاعتبار الواقع وبهذا نحفظ لشعوبنا الكرامة ونحفظ لبلداننا الأمن والاستقرار، وأنا شخصياً على ثقة وأعني ما أقول أن البحرين في ملكها ورجالاتها تبقى دائماً سائرة في طريق التقدم والرقي وهذا نحن نباركه وتونس التي تمر الان بفترة سعيدة لأسباب لأنها اقرب نقطة افريقية من اوروبا والوضع في اوروبا يفرض على تونس الكثير من التحديات ونحن نحاول بتوفيق من الله ان نتغلب عليها».
بعدها قام جلالة العاهل بمنح سيادة الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي وسام الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة من الدرجة الممتازة تقديراً لدوره في دعم مجالات التعاون المشترك بين البلدين، فيما قام الرئيس التونسي بمنح حضرة صاحب الجلالة الملك الصنف الأكبر من وسام الاستقلال تقديراً لدور جلالته وجهوده في دعم علاقات البلدين الشقيقين في المجالات كافة.
وبحضور حضرة صاحب الجلالة العاهل المفدى ورئيس الجمهورية التونسية، تم التوقيع على عدد من اتفاقيات التعاون ومذكرات التفاهم بين البلدين الشقيقين وهي:
1 - مذكرة تفاهم في مجال حماية البيئة والتنمية المستدامة بين حكومة مملكة البحرين وحكومة الجمهورية التونسية، حيث قام بالتوقيع عليها من الجانب البحريني الممثل الشخصي لجلالة الملك رئيس المجلس الأعلى للبيئة سمو الشيخ عبدالله بن حمد آل خليفة، فيما وقعها من الجانب التونسي وزير الشئون الخارجية خميس الجهيناوي.
2 - اتفاق تعاون في المجال الامني بين حكومة مملكة البحرين وحكومة الجمهورية التونسية، حيث وقعه من الجانب البحريني وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، ووقعه من الجانب التونسي وزير الشئون الخارجية خميس الجهيناوي.
3 - اتفاقية بين حكومة مملكة البحرين وحكومة الجمهورية التونسية للتعاون في مجال الدفاع ووقعها من الجانب البحريني وزير شئون الدفاع الفريق الركن يوسف الجلاهمة، ومن الجانب التونسي وزير الشئون الخارجية خميس الجهيناوي.
4 - اتفاقية النقل الجوي بين حكومة مملكة البحرين وحكومة الجمهورية التونسية، ووقعها من الجانب البحريني وزير المواصلات والاتصالات كمال أحمد، ووقعها من الجانب التونسي وزير الشئون الخارجية خميس الجهيناوي.
5 - برنامج تنفيذي لاتفاقية التعاون في المجال الصحي بين حكومة مملكة البحرين وحكومة الجمهورية التونسية وقعها من الجانب البحريني وزيرة الصحة فائقة الصالح، ومن الجانب التونسي وزير الشئون الخارجية خميس الجهيناوي.
بعد ذلك عقد جلالة الملك والرئيس التونسي اجتماعاً بحضور سمو رئيس الوزراء، وجرى خلال الاجتماع استعراض العلاقات الاخوية الوثيقة التي تجمع البلدين والشعبين الشقيقين وسبل تطوير وتنمية آفاق التعاون المشترك في مختلف المجالات.
واكد جلالة الملك أن مملكة البحرين والجمهورية التونسية لهما حضارة عريقة وان مملكة البحرين هي بلد التسامح والتعايش الاخوي بين مختلف الاديان منذ عصور طويلة فهي مركز للحضارات والاديان المختلفة في المنطقة وان شعبها المتعلم يحترم ويرحب بمختلف الاديان، وقال جلالته ان البحرين حرصت على التنمية في مجالات التعليم والصحة منذ القدم.
فيما اكد الرئيس التونسي سعادته بهذه الزيارة، وقال اننا نسعد بهذا اللقاء في هذا البلد الشقيق، مشيراً الى ان تونس تحرص كذلك على دعم قطاعات التعليم ومكافحة الأمية من خلال وضع مختلف الخطط والبرامج.
كما بحث جلالة الملك والرئيس التونسي آخر التطورات والمستجدات الاقليمية والعربية والقضايا موضع الاهتمام المشترك.
وقد أقام جلالة الملك مأدبة غداء تكريما للرئيس التونسي والوفد المرافق.
وكان نائب رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة في مقدمة مستقبلي الرئيس التونسي لدى وصوله الى البلاد في وقت سابق أمس في زيارة رسمية لمملكة البحرين.
وقد تشكلت بعثة الشرف برئاسة وزير الخارجية الشيخ خالد بن احمد آل خليفة.
العدد 4891 - الأربعاء 27 يناير 2016م الموافق 17 ربيع الثاني 1437هـ