هذه الأيام يُعقد مؤتمر حقوق الأقلّيات الدينية في الديار الإسلامية بالمملكة المغربية، وشارك أكثر من 150 عالماً ومفتياً في هذا المؤتمر، وغيرهم من الأقلّيات غير المسلمة وممثّلي الأمم المتّحدة، وهذا المؤتمر يعتبر من المؤتمرات المهمّة في الساحة العربية هذه الأيام، ذلك أنّ الجميع يستخدم الدين للترويج إلى أفكاره، ويستغل الدين ويتاجر به من أجل مآرب شخصية بحتة بعيدة عن الخير العام.
ما همّنا في هذا المؤتمر هو دعوة ملك المغرب محمّد السادس إلى منع العبث في تأويل النصوص، وخاصة تلك التي تتعلّق بنصوص الجهاد وغيرها، وهذه دعوة إلى جميع علماء المسلمين، فالعالم هو الذي يقوم بتأويل النصوص، ويتبعه بسطاء النّاس وعوامهم، فإن قام العالم بتأويل نص عن الجهاد، نعلم بأنّ هناك عدد غير بسيط سيتبعه، وخطورة العالم تكمن في مدى قناعاته حول الجهاد بالتحديد.
منذ الثمانينات ابتُلينا بعلماء متأسلمين، علماء استغلّوا الدين أبشع استغلال، وأوّلوا النصوص إلى ما يناسب أغراضهم وأهدافهم، فأصبحنا في فوضى بينهم وبين تأويلهم، ففي ليلة وضحاها أصبح الجهاد أهم من جهاد الوالدين، وفي ليلة وضحاها أصبح التصوير من المحرّمات، وفي ليلة وضحاها أبعدونا عن الأهل والأصحاب، باسم الدين، فلا يجوز الاختلاط، ولا يجوز السلام، وسمعنا لا يجوز أكثر ممّا كنا نسمع بأنّه يجوز! فالعطر أصبح من الكبائر على النساء فقط، وازداد الشك، فما إن ترفع المرأة نظرها حتى أصبحت في نظهرهم كافرة.
يا سبحان الله، هؤلاء بالذّات لا تثقوا بهم، ولا تأخذوا منهم نصاً ولا تأويلاً، فما كان في يوم من الأيّام حراماً، أصبح اليوم حلالاً، فما يناسبهم يخرجون له حديث ويؤكّدون على صحّته، وما لا يناسبهم يخرجون لنا حديثاً أيضاً ويؤكّدون على صحّته، هؤلاء سيحاسبهم الله شر حساب، أضاعوا الدين وأضاعوا القيم، وجعلوا النّاس تتذبذب في دينها وقناعاتها.
وبسبب هؤلاء خرج لنا ما يسمى بـ «داعش»، وقد وصفهم الرسول (ص) قبل 1400 سنة، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: «إذا رأيتم الرايات السود فالزموا الأرض، فلا تحركوا أيديكم ولا أرجلكم، ثم يظهر قوم ضعفاء لا يُؤبه لهم، قلوبهم كزبر الحديد، هم أصحاب الدولة، لا يفون بعهد ولا ميثاق، يدعون إلى الحق وليسوا من أهله، أسماؤهم الكنى، ونسبتهم القرى، وشعورهم مرخاة كشعور النساء، حتى يختلفوا فيما بينهم، ثم يؤتي الله الحق من يشاء».
فعلاً أسماؤهم الكنى، ونسبتهم القرى، وشعورهم مرخاة كشعور النساء، أبوبكر البغدادي، وأبومصعب الزرقاوي، وهم أصحاب الدولة الإسلامية! صنعهم أولئك المحرّضون على الجهاد وعلى القتل، حتى يستفيدوا مادّياً قبل أي شيء آخر، وقد استفادوا من الدمار الذي زرعوه في كل مكان!
لنحاول الذهاب اليوم إلى فرنسا أو أوروبا أو أميركا، حالة خوف وهلع من المسلمين، بسبب هؤلاء، وإن كان هناك من يبتسم أو يتحدّث، إلاّ أنّ الكثير منهم يخاف من الإسلام والمسلمين والعرب، وهذا كلّه بسبب «داعش» ومن يتبع «داعش» ومن يحرّض لها ويأوّل النصوص، ليستبيح الدم والعرض!
كفانا استغفالاً وتغافلاً عما يقوم به رعاع الدين، أولئك الذين يقولون سبحان الله والحمد لله وهل من مزيد؟! طبعاً هل من مزيد في المال والجاه والسلطان، ومتى حصلوا على هذه الثلاث، فالدين بعيد كل البعد عنهم!
نشكر المملكة المغربية وملكها محمّد السادس على هذا المؤتمر، ونتمنّى أن تزيد المؤتمرات في كشف لعبة المرتزقة بالأديان، ولندعو إلى التسامح والتعايش مع الجميع، فهو أفضل من إباحة الدماء وهتك الأعراض.
إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"العدد 4890 - الثلثاء 26 يناير 2016م الموافق 16 ربيع الثاني 1437هـ
لا يعد اليوم ولا يحسب دين غير الإسلام. فالدين عند الله الإسلام إلَا أن بعض أنصار الدواعش ومساعديهم قد لا يعرفون الإسلام أو لدى البعض منهم تأخر أو ما يشبه الجاهليه يعني العصبيه. فهل يعقل اليوم وفي القرن الحادي والعشرين والبعض يضن والآخر يعتقد أن النبي محمد صلوات الله عليه وعلى آله لم يبشر السيد المسيح عيسى بن مريم عليه السلام أن النبي بعده محمد عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام؟؟؟
اذا كانت الأكثرية تضطهد فكيف بالأقليات اسألوني انا