رفض مساعد وزير الخارجية، عبدالله الدوسري أي تشكيك في التزام الحكومة البحرينية بتعزيز وحماية حقوق الإنسان، وجديتها في تنفيذ التوصيات، مشيرا إلى الإسراع في إنجاز توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، واتخاذ مبادرات إيجابية تمثلت في تدشين صندوق لتعويض المتضررين من أحداث 2011 في إطار مبادرة التسوية المدنية بميزانية تجاوزت 26 مليون دولار، وتخصيص 9 ملايين دولار في مايو/ أيار 2011 لبناء دور العبادة على نفقة الدولة بعد تصحيح أوضاعها، وتنفيذ برامج تعليمية وتربوية لتعزيز قيم التسامح والوحدة الوطنية، وإجراء حوار التوافق الوطني، وتطبيق مرئياته في جميع المحاور.
جاء ذلك وفقاً لما نشرته صحيفة «الشرق الأوسط اللندنية» أمس الثلثاء (26 يناير/ كانون الثاني 2016).
وأكد الدوسري أن حماية وتعزيز حقوق الإنسان والحريات العامة يمثل جوهر المشروع الإصلاحي للملك حمد بن عيسى آل خليفة منذ تدشين ميثاق العمل الوطني، وتأسيس المؤسسات الدستورية والحقوقية في إطار الفصل بين السلطات وسيادة القانون.
وأضاف الدوسري أن البحرين لديها خصوصيتها الحضارية في احترام الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، كونها التزاما دينيا وأخلاقيا نابعا من قيم ومبادئ الشريعة الإسلامية، وثوابت دستورية وقانونية في ظل كفالة المساواة بين المواطنين في الكرامة الإنسانية وفي الحقوق والواجبات دون تمييز بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة، وذلك قبل أن تكون التزامات وتعهدات طوعية.
وأشار إلى تواصل مسيرة الإنجازات الحقوقية والإنسانية في ضوء المبادرات الإصلاحية التي يقودها الملك حمد منذ توليه مقاليد الحكم، واتخاذ خطوات ملموسة على صعيد ترسيخ مبادئ الملكية الدستورية، وإرساء دعائم دولة القانون والمؤسسات، في ظل كفالة الحريات الشخصية والدينية، وحرية التعبير والنشر، وتكوين مؤسسات المجتمع المدني، وتعزيز المشاركة الشعبية في إدارة الشئون العامة وممارسة المواطنين رجالاً ونساء حقوقهم في الترشيح والانتخاب، وإجراء الانتخابات البرلمانية والبلدية لأربع دورات متتالية منذ العام 2002، وأحدثها في نوفمبر/ تشرين الثاني 2014 في إطار من النزاهة والشفافية، وبنسبة مشاركة عالية بلغت 52.6 في المئة في الانتخابات النيابية الأخيرة.
وأكد مساعد وزير الخارجية نجاح البحرين في تجاوز أحداث 2011 بفضل حكمة قيادتها، والتجاوب الشعبي مع المسيرة الإصلاحية، وتنفيذ قرابة 100 في المئة من توصيات لجنة تقصي الحقائق، بل وإنجاز المزيد من الإصلاحات الدستورية والتشريعية التي تعدت نطاق التوصيات المذكورة، بإرادة ذاتية وطنية، وقناعة تامة، بما يتوافق مع قيمها واحترامها لحقوق الإنسان وكرامته، وانضمامها للمواثيق والمعاهدات الدولية، وفي مقدمتها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والاتفاقيات الدولية الخاصة بالقضاء على التمييز العنصري والتمييز ضد المرأة، وحماية حقوق الطفل، ومناهضة التعذيب.
وأشار الدوسري إلى تنفيذ جميع التوصيات الداعمة للعدالة الجنائية من خلال حظر التعذيب في قانون العقوبات، وإنشاء وحدة التحقيق الخاصة بالنيابة العامة، وأداء مهامها بجدية وكفاءة بالتحقيق في شكاوى التعذيب والمعاملة غير اللائقة.
وأشار إلى تنفيذ البحرين التوصيات المتعلقة بتفعيل دور المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان وفقا لمبادئ باريس بموجب القانون رقم 26 لسنة 2014 بإنشاء المؤسسة وتشكيل مجلس المفوضين، هذا إلى جانب حماية وتعزيز حقوق الإنسان توج بحصولهما على جائزة «شايو» من مندوبية الاتحاد الأوروبي بالرياض مباشرة الأمانة العامة للتظلمات بوزارة الداخلية اختصاصاتها منذ العام 2013، وسط تقدير دولي لجهودهما لعام 2014، وتعاطيهما بحرفية ومهنية مع الأوضاع الحقوقية بإصدار تقريرين سنويين، فضلاً عن إنشاء مفوضية حقوق السجناء والمحتجزين، ومكتب مستقل للمفتش العام ومكتب المعايير المهنية في جهاز الأمن الوطني، وغيرها من الضمانات الحقوقية والتشريعية.
وفيما يتعلق بحرية الرأي والتعبير ولاسيما في وسائل الإعلام، أشار مساعد وزير الخارجية إلى إنشاء وتشكيل الهيئة العليا للإعلام والاتصال في يونيو/ حزيران 2013، والعمل على إعداد مشروع قانون جديد ينظم القواعد المتعلقة ببث وإعادة بث الإعلام المرئي والمسموع، والإعلام الإلكتروني، ويسمح للقطاع الخاص بتأسيس مؤسسات تلفزيونية وإذاعية، ويدعم حرية الرأي والتعبير، مع حظر أي دعوات إلى العنف أو الطائفية أو الكراهية أو ما يعد خروجا على النظام العام أو ما يخالف مبادئ حقوق الإنسان، وفقا للدستور والمواثيق الدولية.
وفي ضوء التحديات الداخلية والخارجية، أشار الدوسري إلى حرص البحرين على تطبيق الإجراءات القانونية في مواجهة أعمال العنف والإرهاب، والتصدي للتدخلات الأجنبية في شئونها الداخلية، وخصوصا التي تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار والإثارة الطائفية، مع تطبيق المعايير الحقوقية في قانون الإجراءات الجنائية، رافضا أي محاولات للتشويه أو الانتقاص من الإصلاحات السياسية والديمقراطية والإنجازات الحقوقية المحققة والمتواصلة ولاسيما في بعض المنظمات الأجنبية، والنابعة من اعتمادها على معلومات مغلوطة أو مضللة أو مصادر أحادية الجانب تطغى عليها الاعتبارات الآيديولوجية أو الحزبية.
وفي مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، أشار مساعد وزير الخارجية إلى حفاظ البحرين على مكانتها الدولية بتبوئها المرتبة الرابعة عربًيا والـ(45) عالمًيا ضمن الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة جدا وفقا لتقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لعام 2015، وصدارتها للقائمة العربية في مؤشرات الصحة والتعليم والحرية الاقتصادية، وإنجازها للأهداف الإنمائية للألفية لعام 2015، ومتابعة تنفيذ أهداف خطة التنمية المستدامة.
ونوه إلى إشادة التقارير الدولية بتحسن المستوى المعيشي للمواطنين، وتميز البحرين في رعاية الطفولة بموجب قانون الطفل رقم (37) لسنة 2012، وحماية حقوق المرأة وتمكينها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وتوليها المناصب التشريعية والقضائية والتنفيذية، ونجاح مشروع إصلاح سوق العمل في خفض معدل البطالة إلى 3.1 في المئة، وتطبيق التأمين ضد التعطل، وحماية حقوق العمالة الأجنبية، ومكافحة الاتجار بالأشخاص بموجب المرسوم بقانون رقم (1) لسنة 2008، وهو ما أشاد به مدير عام المنظمة الدولية للهجرة في يناير/ كانون الثاني 2016 باعتبار البحرين نموذجا عالميا لأفضل الممارسات المتبعة للعمالة الوافدة، ومكافحة الاتجار بالأشخاص.
ونوه إلى تنفيذ البحرين لتعهداتها الطوعية من خلال آلية الاستعراض الدوري الشامل لمجلس حقوق الإنسان الدولي، وبالشراكة مع المفوضية السامية لحقوق الإنسان، موضحا أنها من أوائل الدول التي خضعت للاستعراض الدوري الشامل بنظام القرعة في العام 2007، وتم انتخابها عضوا بالمجلس لدورتين، وأعلنت قبولها لعدد 145 توصية بشكل كامل و13 توصية بشكل جزئي من أصل 176 توصية نتاج الدورة الثانية للمراجعة الدورية لعام 2012، رغم أن الكثير منها مكررة، مع رفض التوصيات المخالفة للشريعة والمتعلقة بعقوبة الإعدام، وسط إشادة دولية واسعة بقبول المملكة للتوصيات، وحرصها على تنفيذها.
وأضاف أن البحرين قدمت تقريرا طوعيا مرحليا في سبتمبر/ أيلول 2014 تم إعداده بالتعاون مع المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني، وجار إعداد التقرير الوطني لتقديمه للدورة الثالثة لآلية الاستعراض الدوري الشامل بمجلس حقوق الإنسان في نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، على أمل استعراضه خلال الربع الأول من العام المقبل واعتماده قبيل نهاية العام ذاته ضمن الإطار الزمني المحدد ووفق الإجراءات المعتمدة لدى الأمم المتحدة.
وأضاف أن البحرين في ظل المشروع الإصلاحي تشكل نموذجا إقليميا ودوليا رائدا في ترسيخ حقوق المواطنة، وصيانة حرية الفكر والوجدان والدين والمعتقد، ودعم التسامح والحوار بين الحضارات والثقافات والأديان والمذاهب، بفضل المبادرات الرائدة للملك حمد بن عيسى آل خليفة في تنظيم مؤتمرات دولية للحوار الإسلامي المسيحي، والتقريب بين المذاهب، والحوار بين الحضارات والثقافات، وتدشين «جائزة عيسى لخدمة الإنسانية»، و«جائزة اليونيسكو - الملك حمد بن عيسى آل خليفة لاستخدامات تكنولوجيات المعلومات والاتصال في مجال التعليم»، واقتراح إنشاء واستضافة أول محكمة عربية لحقوق الإنسان، مما توج بمنح الملك حمد بن عيسى آل خليفة جائزة منظمة التعايش بين الأديان والحضارات بواشنطن في سبتمبر 2014، واستحقاقه أوسكار ووسام التفرد في الإبداع من قبل اتحاد المبدعين العرب كأفضل شخصية وطنية على مستوى الوطن العربي لعام 2015، وغيرها من مظاهر التقدير الدولي لمكانة المملكة وقيادتها الحكيمة.
وأشار الدوسري إلى دعم البحرين للجهود الإقليمية والدولية في مكافحة التطرف والإرهاب من خلال مشاركتها الفاعلة في التحالف الدولي ضد التنظيمات الإرهابية، واستضافتها لاجتماع دولي حول سبل مكافحة تمويل الإرهاب في نوفمبر 2014، وقمة الأمن الإقليمي «حوار المنامة» لأحد عشر عاًما بمشاركة دولية بارزة، ودعم ومتابعة من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء الموقر.
العدد 4890 - الثلثاء 26 يناير 2016م الموافق 16 ربيع الثاني 1437هـ