مع انطلاق موقع «تويتر» قبل خمسة أعوام، توفّرت للجمهور منصةٌ كبيرةٌ لتبادل الأفكار وتداول المعلومات والأخبار والتعليقات.
«تويتر» كان منصّةً متأخرةً توقيتاً، تم إطلاقها بعد منصات أخرى كالـ «فيسبوك»، الذي لعب دوراً كبيراً في تشكيل رأي عام عربي في الفضاء الإلكتروني، قبل أن يفاجئ الحكومات بأجهزتها ومؤسساتها واستخباراتها، بنزول الملايين في عددٍ من العواصم العربية، للمطالبة بالحرية والكرامة وفرص العيش الكريم.
المفاجأة كانت صادمةً للحكومات، فقد كانت تنام على ما تبثه أجهزة إعلامها الرسمية، من تقارير وكتابات وردية عن حقيقة الأوضاع. فجمال مبارك الذي كان يعدّه أبوه لحكم مصر، تحدّث بسخريةٍ عن شباب «الفيسبوك» و6 أبريل، وهو الذي كان يعلّق فوق رأسه شعار «فكر جديد». أما الرئيس الليبي المطاح به معمر القذافي، فكان يلفظ اسم الموقع بالمقلوب، فيسمّيه «البوك فيس».
في ذلك الفضاء الافتراضي، تشكّلت أكبر حركة احتجاج جماهيرية، ضد سياسات الأنظمة العربية، قبل أن تنزل إلى الشوارع والميادين. واحتاجت هذه الأنظمة إلى أكثر من عامين، حتى تستوعب الصدمة وتمتص الضربة، وتعيد ترتيب أوراقها، فتعيد تأهيل كوادرها للدفاع عن سياساتها، وإشهار الحرب على الأحزاب والقوى المعارضة، سواءً القديمة أو الشبابية الحديثة التي تصدّرت المشهد السياسي العربي في العام 2011.
بعد خمسة أعوام من ذلك التاريخ، وفيما يحتفل العرب بتلك الأيام كذكرى، كلٌّ بطريقته، يتعرّض الفضاء الإلكتروني إلى ضغوطٍ متزايدة، لإغلاق هذه النافذة، تطبيقاً للمثل القديم: «الباب الذي تأتي منه الريح سدّه واستريح». ولكن هل سيكون في ذلك خلاصٌ نهائي من المشكلة؟ وهل سيحلّ ذلك ما تعانيه الشعوب العربية من مشاكل وأزمات حياتية آخذة بالتزايد؟
هناك من المحللين من يذهب إلى أننا انتقلنا إلى المرحلة الثانية من الربيع العربي، فالمرحلة الأولى التي بدأت مطلع 2011، تم قمعها بعنف، وإفراغها من محتواها الشعبي، واستطاعت الأنظمة استعادة زمام المبادرة. ففي مصر استعاد النظام السابق نفوذه، تحت تلك التسمية الغرائبية العجيبة: «الدولة العميقة». وفي تونس، عاد رموز النظام السابق للحكم، في حفلة مديحٍ صاخبةٍ تتغنّى بالديمقراطية الجديدة، التي تسمح بعودة الرموز السابقين، وتضمن استمرار التهميش للغالبية الشعبية. أما اليمن وسورية وليبيا وسواها، فتم إغراقها في الدم والخراب والسجون والحروب الأهلية.
المرحلة الثانية، وهي نتيجةٌ طبيعيةٌ لإخفاقات المرحلة الأولى، تنطلق اليوم بعناوين أخرى، ويكون العامل الاقتصادي محرّكها الأول. فإذا كانت «الكرامة» و «الحرية» عناوين للمرحلة الأولى، فإن عناوين المرحلة الثانية ستتركز على فرص العمل وإنهاء التمييز والمحسوبيات والوساطات، التي تمنح النخب الحاكمة امتيازاتٍ كبرى على حساب الفئات الأخرى.
اليوم، يتم التحكم في «تويتر» و «الفيسبوك» وغيرها من المنصات ومواقع التواصل الاجتماعي، وإشاعة الرعب من استخدامها، بعد أن أصبحت ملاحقات المغرّدين في الدول العربية أخباراً يومية، فينتهي النشطاء والمعارضون والناقدون للفساد إلى السجون، وتصدر الأحكام ضدهم لمجرد تعبيرهم عن آرائهم في قضايا وطنهم وما يمس حياتهم وحياة شعوبهم.
في الأعوام الثلاثة الماضية (2012- 2015)، شهدنا تراجع الاهتمام بمواقع التواصل الحية، تحت هذه الضغوط والتخويف، وانسحب الكثيرون من متابعتها إيثاراً للسلامة، بعد اعتقال العشرات وتوجيه تهمٍ بعضها يثير الضحك لفرط غرابته. وخلال هذه المرحلة برزت القوى المضادة للدفاع عن مواقعها ومصالحها «العميقة»، بكل شراسةٍ واستذئاب. وكانت إحدى الملاحظات اللافتة، أن اللغة السابقة كانت في غالبها لغةً سياسيةً ناقدةً للأنظمة والأوضاع السياسية الكابتة للحريات. أما في المرحلة الحالية، فأنت لا تقرأ نقداً ولا رأياً، وإنّما تقرأ شتائم وبذاءات، للدفاع عن مصالح، تصدر من أجهزة وقوى تدافع بشراسةٍ عن مصالحها وامتيازاتها «العميقة جداً».
يمكن أن تسد هذه النوافذ وتُحكم إغلاقها، لكن المتاعب المقبلة ستكون تحت ضغط العامل الاقتصادي الذي بدأت تئن منه الشعوب، مع انهيار أسعار النفط واستمرار سياسات المحسوبية والفساد والاستئثار.
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 4889 - الإثنين 25 يناير 2016م الموافق 15 ربيع الثاني 1437هـ
هذه هي المشكلة وهذا هو الدرس الذي لا يريد البعض فهمه: يمكن أن تسد هذه النوافذ وتُحكم إغلاقها، لكن المتاعب المقبلة ستكون تحت ضغط العامل الاقتصادي حيث بدات الشعوب تئن وتصرخ، مع انهيار أسعار النفط واستمرار سياسات المحسوبية والفساد والاستئثار. فهل يمكن ان يستمر كل هذا ؟
حتى اله الحين ساكت بتسمعة يتكلم لانة اله قبله كانو يدفعون عن حقوقهم بس هو للحين ماعش المرحلة اله كل هالناس تتكلم عنه لكن الحين من بعد رفع الدعم عن اللحم والبترول وبكرة عن الكهرباء واله بعده عن المواد الاغذائية اهني الناس شوي الشوي تنفجر و هذه قنابل مؤقتة وفي اي لحظة قابل للنفجر وحتى لو ضيقوا على الناس لكن الى متى ومردها الناس بتطلع من الصمت اله هي فيه وتجارب في الدنيا واجد.
التوقيع:::::::::
(مواطن مهزوز)
الزمن غير الزمن . ومن يظن ان بإمكانه خنق الاصوات او حبسها ويحيل دون معرفة العالم فإنه واهم مهما بلغ
خنق الأصوات بهذه الصورة سوف يجعل بعض الحكومات في محطّ السخرية العالمية وإن بدى الآن ان ذلك ممكننا ويمكن تبريره الا أن واقع الحال يثبت ان هذه الطريقة فاشلة ولن تجلب الا الأسى لصاحبها