ينتظر أن ينتقل الاشتباك السياسي اللبناني الداخلي حول الموقف من تدخلات إيران في الدول العربية والتضامن مع المملكة العربية السعودية إثر حملة تيار «المستقبل» على «نأي» الخارجية بنفسها عن قرار منظمة التعاون الإسلامي في جدة الذي دان سياسة إيران التحريضية ضد الدول العربية والسعودية وتأييد إجراءات الأخيرة، إلى جلسة مجلس الوزراء المقبلة التي دعا إليها رئيسه تمام سلام الخميس المقبل، وفق ما نقلت صحيفة "الحياة" اليوم الأحد (24 يناير/ كانون الثاني 2016).
واعتبر وزير الداخلية نهاد المشنوق أن موقف وزارة الخارجية في مؤتمر جدة "هو نأي بالنفس عن العروبة خصوصاًً أن البيان الصادر عن وزراء خارجية منظمة التعاون لم يذكر لبنان أو أي تنظيم لبناني... وسنطرح الأمر على مجلس الوزراء".
وكان وزير الخارجية جبران باسيل رد على انتقاد ورفض زعيم تيار «المستقبل» سعد الحريري ورئيس كتلة «المستقبل» فؤاد السنيورة لموقف الخارجية اللبنانية في مؤتمر جدة بالقول إنه تجديد لموقف لبنان في مؤتمر وزراء الخارجية العرب قبل أسبوع في القاهرة، وأن هذا الموقف حظي بتوافق على طاولة الحوار الوطني، إلا أن الرئيس سلام اضطر إلى تصويب الموقف من دافوس التي عاد منها مساء أمس بالقول إن أصل التأزم بين إيران والسعودية هو التدخل الإيراني في شئون الدول العربية.
وقالت مصادر وزارية وسياسية لـ «الحياة» أنه على رغم أن باسيل كان نسّق الموقف في القاهرة مع سلام فإنه لم ينسق معه الموقف في جدة. وعلمت «الحياة» أن سلام وقادة «المستقبل» لم يقتنعوا بتبرير باسيل، وأن السنيورة أصلاً لم يقتنع بالملابسات التي عرضها وزير الخارجية في اجتماع هيئة الحوار الأسبوع الماضي حول الموقف الذي اتخذه في القاهرة بحجة الحفاظ على الوحدة الوطنية في وقت يخالف هذا الأمر مبدأ التضامن العربي والانسجام مع الإجماع العربي. وأكدت المصادر أن «ما عرضه باسيل في هيئة الحوار لا يعني أنه حصل على تفويض بالموقف الذي اتخذه».
ويضيف انعكاس الصراع الإقليمي، وانتقال الاشتباك حوله إلى مجلس الوزراء المقبل عنصراً جديداً على السجال حول الخيارات الإقليمية للمرشحين للرئاسة، بعد تبني رئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع ترشيح العماد ميشال عون مقابل دعم الحريري ترشيح رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية.
وفي إطار اتصالاته بالفرقاء كافة بعد اتفاقه مع جعجع من أجل تسويقه، أجرى عون أمس اتصالاً هاتفياً بالحريري الموجود في الرياض. وأفاد المكتب الإعلامي للحريري أن زعيم «المستقبل» كرر خلال الاتصال «ترحيب التيار بالمصالحة التي لطالما دعونا إليها وسعينا إلى تحقيقها بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر». وأشار الحريري «إلى المبادرات التي سبق وأطلقها، وآخرها مع النائب سليمان فرنجية، مؤكداً على ضرورة الحضور إلى المجلس النيابي لإنهاء الشغور في موقع الرئاسة».
وأفاد مكتب الحريري أنه أجرى اتصالاً بالنائب فرنجية «جرى خلاله تقييم آخر الاتصالات والجهود الجارية لوضع حد للفراغ الرئاسي وإعادة تفعيل عمل الدولة ومؤسساتها».
وقالت مصادر «التيار الحر» لـ «الحياة» إن اتصال عون بالحريري طبيعي نتيجة قرار بالتواصل مع كل المرجعيات بعد الاتفاق مع «القوات»، خصوصاً أن الحريري «سبق أن تباحث مع العماد عون في مسألة ترشحه للرئاسة وأن الاتفاق مع جعجع حقق جزءاً كبيراً مما كانا تداولا به».
وأكد عضو تكتل عون النيابي النائب إبراهيم كنعان لـ «الحياة» أننا دخلنا مساراً نريده إيجابياً ونعمل كي يتحول الاتفاق بين حزبينا إلى مصلحة وطنية شاملة ولا ننظر إلى الاتفاق مع القوات على أنه تفاهم مسيحي، بل سياسي. ومع تموضعنا المختلف نحن التقينا بالسياسة على جملة بنود نريد أن يتوسع الاتفاق حولها وهذه فرصة تاريخية كي نجمع أكبر قدر ممكن من الفرقاء عليها».
ومن جهة أخرى قالت مصادر مطلعة على اتصالات الحريري المتواصلة مع فرنجية لـ «الحياة» إن حرصه على الاتصال معه أمس بعد اتصال عون به، يعكس تأكيده على استمراره في دعم رئيس «المردة»، الذي يشدد يومياً في اتصالاته مع الفرقاء على أنه لن يتراجع عن ترشيحه.