حقاً لقد أسقط النواب نيابتهم واستجوابيهم الوزيرين، إما استباقاً برسم خط الرجعة عنهما، أو إلحاقاً بتحقق عدم دستوريتهما.
ففي يوم الإثنين الحادي عشر من يناير 2016، أعلنت الحكومة، عن رفع أسعار البنزين بفئتيه «الممتاز» و «الجيد» في السوق المحلية، من 100 فلس إلى 160 فلساً للتر من الأول، أي بنسبة زيادة 60 في المئة، ومن 80 فلساً إلى 125 فلساً للتر من الثاني، أي بزيادة نسبتها56.25 في المئة، كما أعلنت بدء تطبيق تلك التسعيرة عند الساعة صفر من اليوم التالي الثلثاء 12 يناير/ كانون الثاني 2016.
وعلى إثر ذلك ثارت الزوبعة في الفنجان، التي بدأت بتقاطر كثرة من المواطنين والمقيمين، إلى محطات تزويد الوقود في عدة مناطق، أبرزها ما أثير إعلامياً وعبر وسائل التواصل الرقمية، عن منطقتي الرفاع والمحرق، وللعاقل أن يسأل لماذا كان ذلك ولمدة أقل من يوم، لتبدأ المرحلة التالية من تلك الزوبعة لدى أعضاء مجلس النواب، وهي موضوع هذا المقال.
في يوم الأربعاء الرابع عشر من يناير 2016، تقدم غالبية مجلس النواب بما يفوق الثلاثة أرباع، بطلب استجواب وزير الطاقة ووزير المالية، مرفق به قائمتا الموقعين من أعضاء مجلس النواب، والتي احتوت كليهما على شطوبات بإلغاء اسم نائب وتوقيعه، ليعاد النائب ذاته باسمه ولكن بتوقيع مختلف، ففي قائمة مقدمي طلب استجواب وزير الطاقة، ورد اسم النائب خالد الشاعر وتوقيعه مشطوباً في خانة التوقيع رقم 25 ليعاد بتوقيع مختلف في خانة التوقيع رقم 28، وكذلك تكررت التفاصيل نفسها في قائمة مقدمي طلب الاستجواب لوزير المالية، في خانة التوقيع رقم 26 وخانة التوقيع رقم 29، وكلا القائمتين مختومتان بالختم الرسمي بالاستلام.
في هذه الجزئية هناك حالة تستلزم تقريراً من ديوان الرقابة، من حيث صحة الإجراءات في استلام وثيقة تحتوي تشطيبات واعتمادها في مستندات قرار نيابي، وإن جاز ذلك فلماذا لم تُختَم تشطيبات التغييرات بعلم الاستلام الرسمي، للفصل بين ما إذا تمت التغييرات قبل أو بعد التسليم.
ويتبدّى في الإجراء أيضاً التسرع النيابي وتسابق النواب على التواقيع، دون أي تدارس وتباحث لموضوع الاستجواب، أو أن نية الاستجوابين سبقت موضوع التصدي النيابي للقرار الحكومي زيادة أسعار البنزين، ولكنها سبقت لسبب ما، وأيقظها النواب في غير وقت صحوتها، وبالتسرع أيضاً، بما يُقَيِّم أداء النواب بردّات الفعل المتسرعة غير المدروسة، وغير المفهومة بلغة الرقابة والتشريع، فإذا ما كانت موضوعات الاستجوابين، بمخالفة الوزيرين للدستور والقوانين كانت قائمة، واستمرت مدة عام، منذ الأول من يناير 2015 إلى 14 يناير 2016، تاريخ تقديم الاستجوابين، كما هو أحد محاور استجواب وزير المالية أو ربما ما توافق بشأنه مع النواب، بخصوص تقديم مشروع الموازنة متأخراً عن الميعاد الدستوري، من الأول من يناير إلى 13 مايو/ ايار 2015، فماذا يعني ذلك غير إهمال النواب وتغاضيهم عن مخالفات الوزراء الدستورية، لسبب ما!!!، وغير أنهم قايضوها في وقتها مع الحكومة، بما لم ينالوه اليوم فأخرجوا أوراقهم العتيقة نتيجة الإفلاس.
وللأسف الشديد، فقد بات ضعف أداء النواب، مشوباً بجهالة غالبيتهم، وبما يُوَسِّع دائرة الشكوك حول جدوى أدائهم في المجلس، وخاصة المتمثلين بالموقعين على طلب استجواب الوزيرين، بالارتباط بتصريح النائب أحمد قراطة، منسق الإستجوابين كما هو مُعلن، حول تصريحه للصحافة، «على الحكومة أن تختار، (واحداً بين أمرين)، فإما أن تبقي قرارها الذي أعلنته منفردة برفع أسعار البنزين، أو أن تضحّي بوزرائها»، والمعنى أن على الحكومة أن تختار بين التضحية بوزرائها أو وقف قرارها زيادة أسعار البنزين، وأضاف «تلقينا مراراً تطمينات حكومية، من أن قرارات رفع الدعم لن تمس معيشة المواطنين، ولكننا تفاجأنا بأن كل القرارات التي صدرت أضرّت بشكل واضح بكل المواطنين» وأضاف «... إن قرار رفع سعر البنزين اتخذ في يوم وليلة ودون مشاورتنا».
ولتفصيل حتمية مآل الاستجوابين واحتمالية استمرارية أو تعديل قرار رفع أسعار البنزين، وقرارات حكومية أخرى قادمة، يحق لكل مواطن عاقل، يفهم حقاً المبدأ الدستوري بالفصل بين السلطات، أن يُسَلِّم بعجز النواب عن استقلالهم كسلطة رقابية وتشريعية، لتمثيل الشعب والدفاع عن مصالحه، لسبب جهل النواب بصفتهم وأدواتهم الدستورية، وأول الدلائل أنهم في حين يتطلب تقديم طلب الاستجواب عدد خمسة نواب، ولا يغير في ذلك شيئاً لو قدمه جميع النواب، سوى التأثير السلبي حول احتمالية سقوطه في إحدى مراحل تعاطيه، من الناحية الشكلية أو من ناحية جديته، أو من ناحية موضوعه، فالاستجواب يمر بثلاث قنوات قبل ممارسته على الوزير في مجلس النواب، الأولى مكتب المجلس لإبداء الرأي في مدى توافر الشروط الشكلية المنصوص عليها في المادتين 144 و145.
وقد أقر مكتب المجلس شكلية الاستجوابين، على رغم الشبهة الدستورية والقانونية في الشروط الشكلية للاستجواب، بالتعارض مع نص الفقرة الثانية من المادة 145، من المرسوم بقانون رقم 54 لسنة 2002، وتعديلاته بشأن اللائحة الداخلية لمجلس النواب، ونصها «يجب ألا يتضمن الاستجواب أموراً مخالفة للدستور أو القوانين...»، في حين أن الاستجواب الموجه لوزير الطاقة مثلاً، قد اشتمل في محوره الأول، على نَسْب المخالفة الدستورية إلى الوزير من حيث عدم رجوعه في قرارته إلى مجلس النواب والتوافق معه، وفي المحور الثاني من الاستجواب، تم نسب المخالفة للوزير بإخلاله بتعهداته والتزاماته أمام مجلس النواب، (اللجنة البرلمانية والحكومية لدراسة إعادة توجيه الدعم).
فهذه الأرضية الدستورية لمحاسبة الوزير تفترض دستوراً غير دستور مملكة البحرين، فلم يرد في الدستور ما يؤسس عليه تشكيل لجان برلمانية حكومية مشتركة، وإلا تَعارض ذلك مع المبدأ الدستوري في فصل السلطات، وكذلك لم يرد في الدستور ما يلزم الوزير بالرجوع في قرارته التنفيذية إلى مجلس النواب والتوافق معه، بل إن الدور الرقابي لمجلس النواب، يفترض أداء المجلس لدوره التشريعي في إصدار القوانين، لكي يستطيع أن يراقب الأداء الحكومي على الأساس التنفيذي للحكومة وفق تلك القوانين أو مخالفتها، فما لم يكن هناك قانون إقرار برنامج الحكومة، شامل لكل ادعاءات النواب من توافقات مع الحكومة، وتم نشره بمثل ما تم نشر قانون موازنة الدولة المرتبط بها برنامج عمل الحكومة، فلا سبيل لمحاسبة الحكومة على برنامجها، من خلال وعود وتعهدات، قابلة للتغيير والنقص والزيادة، بحسب الظروف الموضوعية، وخاصة تلك المتعلقة بالجوانب المالية والاقتصادية.
وهذا يُسقط الاستجوابين أو بعض محاورهما، من الناحية الشكلية، وقد فات ذلك على مكتب مجلس النواب، فهل سيفوت على اللجنة المختصة بإعداد تقرير عن مدى جدية الاستجوابين، وهي المفترض تشكيلها من العشرة، رؤساء اللجان النوعية الخمس ونوابهم، من غير مقدمي الاستجواب، ولكن لم يتبقَّ لتشكيلها بحسب تصريح أحد أعضائها اللازمين سوى ثلاثة، يعلم الله درايتهم بالدستور، وتقديرهم لدستورية وقانونية الاستجوابين، بين الاختلاف مع باقي أعضاء المجلس أو الاتفاق معهم، حينها ستدور في الرؤوس الدوائر، حول إجماع النواب على مهادنة الحكومة، في قضايا مخالفات دستورية، جعلت منهم مفرطين في مهامهم الرقابية والتشريعية التي أوكلها لهم ناخبوهم، وقِسْ على ذلك جميع محاور استجواب وزير المالية السبعة، ومحاور استجواب وزير الطاقة العشرة.
وهل سيفوت الاستجوابان، حتى من بعد هدوء فورة النواب، ومراجعة أنفسهم من بعد الجري، وراء عملية التواقيع، تسابقاً للإيهام بأنهم أكثر حرصاً على مصالح المواطنين، والتي لربما عززوا هذا الإيهام بتنازلهم في أقله عن الجزء غير الدستوري وغير القانوني، من مزاياهم التقاعدية التي أقرّوها لأنفسهم وأصدروا فيها قانوناً، على خلاف ما تقاعسوا عنه من إصدار قانون يلزم الحكومة بتطبيق برنامجها المفصل، بما قبلوه منها، أو أن الموضوع ينذر بكشف المستور أكثر وأكثر.
إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"العدد 4887 - السبت 23 يناير 2016م الموافق 13 ربيع الثاني 1437هـ
اتصال واحد ... يخلي هذا النائب يتراعد من الخوف .... هذا الكل يعرفه
برلمان فقط للشو لا يهش ولا ينش ولا راح يتم اي استجواب ولا هم يحزنون يكفي تهديد وزير التربيه لنائب
انه راح يوديه وراء الشمس واي بلماني يناكف الحومه راح يمرمطون به الارض بعد انتهاء المجلس وديمقراطيتنا يجب ان تدرس في المريخ بعد مو في الارض بس
يا استاذي
تحدث من بالضبط ! لدينا في المجلس ممن هم حملة ثانوية عامة و بعضهم اصبح دكتور في اشهر مع عجزة عن نطق كلمة !! كلامك لا يفهمونه و دورهم الرقابي مقتصر على رقابتهم على امتيازاتهم و راتبهم التقاعدي .. خلها مستوره .. عيال الديرة المثقفين و الوطنين امثالك يكتب في الجريدة بينما مكانك الصحيح هو في المجلس و لكن انا و انت نعرف لماذا قاطعت هذا المجلس
عام
يعني يثبت كلام المقاطين في الانتخابات البرلمانية هو الصح والعمل على انشاء دستور جديد يحق لشعب عمل كلشي دستوري من حقه محاسبة الجميع بدون إستثناء بس الله محد يقدر يحاسبه .....