في ظل الاحتجاجات الأسوأ منذ سقوط نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي، فرضت الحكومة التونسية حظراً للتجول ليلاً في أنحاء البلاد، لمواجهة موجة احتجاجات على البطالة وتدني الأوضاع المعيشية، تحولت صدامات بين الوحدات الأمنية ومحتجين في مدن عدة. وأعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند عن برنامج عاجل لدعم الاقتصاد التونسي بقيمة بليون يورو يدفعه على مدى خمس سنوات ، وفق ما نقلت صحيفة "الحياة" اليوم السبت (23 يناير / كانون الثاني 2016).
وأعلنت وزارة الداخلية التونسية في بيان أمس، أن حظر التجول فرض «بسبب أخطار على الممتلكات العامة والخاصة»، وشكل ذلك امتداداً لإجراء مماثل اقتصر قبل يومين على محافظة القصرين، حيث اندلعت شرارة الاحتجاجات الأخيرة بسبب وفاة شاب عاطل من العمل بعدما صعقه التيار الكهربائي وهو يحاول الانتحار برمي نفسه من على عمود إنارة تسلقه. وأتى احتجاج الشاب إثر إعلان نتيجة انتداب عاطلين من العمل اعتُبرت غير عادلة، ما أطلق «انتفاضة العاطلين» في بلد طاولت البطالة فيه ربع الشباب.
وأطلقت قوات الشرطة قنابل الغاز واشتبكت مع مئات المتظاهرين الذين أضرموا النار في مقار أمنية ومراكز تجارية، وحاولوا اقتحام مبانٍ حكومية محلية في مناطق مختلفة.
وشهد ليل الخميس - الجمعة مواجهات بين الشرطة وعناصر حاولت اقتحام مصارف ومقار أمنية ومنشآت عامة، ما دفع الشرطة الى الانسحاب من بعض المدن في مقابل تقدم وحدات عسكرية لتأمين الطرقات والمنشآت الحيوية والأمنية.
وحذر مراقبون من أن التظاهرات الليلية التي تشوبها عمليات نهب وسرقة، من شأنها أن تشوش على الاحتجاجات المشروعة للشبان العاطلين من العمل، بعد اتساع رقعتها لتشمل محافظات القصرين وسيدي بوزيد وقفصة وزغوان والكاف والقيروان والمهدية وجندوبة ومناطق من العاصمة، حيث يتفشى الفقر وتغيب التنمية.
وقطع رئيس الوزراء التونسي الحبيب الصيد مشاركته في منتدى دافوس للعودة الى البلاد. وتوقف في باريس حيث أعلن بعد اجتماعه مع هولاند أن الوضع «تحت السيطرة والهدوء يعود».
وأكد أن الاضطرابات ناجمة عن «مشكلة اقتصادية، ومطالبات بوظائف»، واعداً باتخاذ «تدابير جديدة في إطار برنامج انمائي». لكنه أضاف: «ليست لدينا عصا سحرية لإعطاء وظائف للجميع».
وأعلن هولاند أن «فرنسا ستطبق خطة دعم لتونس بقيمة بليون يورو في السنوات الـ5 المقبلة». وأوضحت الرئاسة الفرنسية في بيان أن «أحد المحاور الرئيسية لهذه الخطة يهدف إلى مساعدة المناطق الفقيرة والشباب من خلال التركيز على الوظائف».
ودعا الصيد في حوار تلفزيوني إلى ضبط النفس والالتزام بالتظاهر السلمي المدني، مشيراً إلى أن وحدات الشرطة ومكافحة الشغب «تعاملت برصانة مع الاحتجاجات التي لم تعد سلمية»، مشيراً الى ان «على الدولة أن تقوم بواجبها».
وعلى رغم أن قوى المعارضة والمنظمات الوطنية دعت الصيد إلى تحمل مسؤوليته أو الاستقالة لفشله في حل أزمة البطالة، فإنه أكد استبعاده الاستقالة حالياً لـ «تحمل مسؤوليته التاريخية في التصدي للفوضى وتأمين الاحتجاجات المشروعة».
ورأى مراقبون أن الاحتجاجات الأخيرة تستمد شعاراتها من الثورة التونسية، نظراً الى عدم تحسن الأوضاع الاجتماعية في المناطق التي انتفضت ضد بن علي رغم كل الوعود الحكومية.
وساهم تضارب تصريحات المسئولين في تأجيج الأوضاع، فبعد تصريح الناطق الرسمي باسم الحكومة عن انتداب 5 آلاف عاطل من العمل قبل يومين، نفى وزير المال سليم شاكر ذلك مشدداً على أن حكومته «ستقوم بتشغيل موقت لعشرات الآلاف من العاطلين وتأهيلهم وتكوينهم من دون انتدابهم في الوظيفة العامة».
واعتبر محتجون اقتراحات الحكومة «حلولاً منقوصة ولا تحل مشكلة البطالة».