عقدت جمعية الإصلاح مؤتمرها السابع أمس (الجمعة)، تحت شعار (جمعية الإصلاح... فِكْرٌ وَسَطِيٌّ ومسيرةٌ وطنية) بقاعة المؤتمرات بفندق كراون بلازا، والذي تستمر أعماله حتى اليوم (السبت)، بمشاركة كوكبة من المتحدثين من داخل مملكة البحرين وخارجها.
وفي كلمة مجلس إدارة جمعية الإصلاح، قال نائب رئيس الجمعية الشيخ عبداللطيف الشيخ، لدى افتتاحه أعمال المؤتمر: «حين نتحدث عن وسطية الفكر ووطنية المسيرة، فإننا لا نتغنى بالخيال والأحلام، لكننا نتحدث عن نهج سارت عليه جمعية الإصلاح منذ بداياتها الأولى وحتى وقتنا الحاضر، ونستطيع التدليل على ما نقول بتاريخ طويل من المواقف والإنجازات في خدمة الدين والوطن، هي بمثابة رد عملي على حملات التشويه والتشكيك والافتراء».،
المنامة - حسن المدحوب
عقدت جمعية الإصلاح مؤتمرها السابع أمس الجمعة (22 يناير/ كانون الثاني 2016)، تحت شعار (جمعية الإصلاح... فِكْرٌ وَسَطِيٌّ ومسيرةٌ وطنية) بقاعة المؤتمرات بفندق كراون بلازا، والذي تستمر أعماله حتى اليوم (السبت)، بمشاركة كوكبة من المتحدثين من داخل مملكة البحرين وخارجها.
وفي كلمة مجلس إدارة جمعية الإصلاح، قال نائب رئيس الجمعية الشيخ عبداللطيف الشيخ، لدى افتتاحه أعمال المؤتمر: «حين نتحدث عن وسطية الفكر ووطنية المسيرة، فإننا لا نتغنى بالخيال والأحلام، لكننا نتحدث عن نهج سارت عليه جمعية الإصلاح منذ بداياتها الأولى وحتى وقتنا الحاضر، ونستطيع التدليل على ما نقول بتاريخ طويل من المواقف والإنجازات في خدمة الدين والوطن، هي بمثابة رد عملي على حملات التشويه والتشكيك والافتراء».
وذكر الشيخ «هذا مؤتمر آخر من مؤتمراتِ الإصلاح، هذه المؤتمراتُ التي دأبت الجمعيةُ على إقامتِها لكي تُتيحَ لأعضاءِ الجمعيةِ وضيوفِها الكرام فرصةَ التلاقي والتحاورِ حولَ قضيةٍ كبرى تُهِمُّ الجمعيةَ والمجتمعَ معاً، ولكي تكونَ آليةً من آليات الممارسةِ الشورية، نشاركُ من خلالِها أعضاءَنا كافةً رجالاً ونساءً في رسمِ السياسات ووضعِ الاستراتيجيات للمستقبل».
وأضاف «يأتي مؤتمر الإصلاح السابع في فترة حرجة، وظروف دقيقة تمر بها الأمة بشكل عام، والعالم الإسلامي بشكل خاص، وخليجنا العربي بشكل أخص».
وأردف «وبالرغم من دقة الظروف وشراسة الأعداء والمتربصين، فإننا مازلنا نرى كثيراً من السهام تخطئ هدفها، فتتوجّه إلى الحركات الإسلامية، دون تمييز بين التوجهات الوسطية والمتطرفة، في حملة تتماهى وتتساوق مع الهجمة العالمية الظالمة على الإسلام والمسلمين، تلك الحملة التي تضع الضحايا من المسلمين في خانة المجرمين والقتلة، وتضع الفكر الإسلامي الوسطي في خانة واحدة مع الإرهاب والتطرف».
وتابع إن «الحملة الظالمة التي تطال أبناء التيارات الإسلامية الوسطية لا تخرج عن أن تكون صادرة من واحد من ثلاثة: عدو متربص، يرى انتشار الإسلام الحنيف بفكره الوسطي المعتدل تهديداً لوجوده فيعمل على محاربته واستئصاله، وصاحب مصلحة يجرده هذا الانتشار من منافعه التي يحصل عليها دون وجه حق، فيعمل على التصدي له وتشويه صورته، وجاهل لا يعرف هذا الفكر، فهو يسمع لكل ناعق، ويردد ما يسمع دون تثبت ولا بصيرة».
وقرر «لذلك، يأتي مؤتمر الإصلاح السابع، ليؤكد على هوية جمعية الإصلاح الإسلامية الناصعة، وانتمائها الوطني والإسلامي، وولائها لوطنها وأمتها، ومنهجها المعتدل المنفتح، وليتولى الرد على ما يثار من شبهات، وليعزز الثقة لدى أعضاء وعضوات الجمعية في المنهج: أصوله ومستقبله، وليصحح بعض المفاهيم التي تسللت إلى الأفهام تحت وطأة الواقع وظروفه الصعبة».
وواصل الشيخ إننا «حين نتحدث عن وسطية الفكر ووطنية المسيرة، فإننا لا نتغنى بالخيال والأحلام، لكننا نتحدث عن نهج سارت عليه جمعية الإصلاح منذ بداياتها الأولى وحتى وقتنا الحاضر، ونستطيع التدليل على ما نقول بتاريخ طويل من المواقف والإنجازات في خدمة الدين والوطن، هي بمثابة رد عملي على حملات التشويه والتشكيك والافتراء، ونحن حين نتحدث عن الجمعية فإننا لا نتحدث عن جماعة منعزلة فكريا ومجتمعياً، بل نتحدث عن سياسة جمعية الإصلاح القائمة على الشراكة المجتمعية والبعد بالكلية عن إقصاء الآخر أو النظرة الاستعلائية، ونعتبر جمعيتنا بلا فخر نموذجاً ناجحاً يمكن له أن يلهم شركاء العمل الوطني الآخرين ويتعاون معهم على البناء والتنمية، والتنافس الإيجابي في خدمة الوطن، بما أرسته من دعائم العمل المؤسسي الرصين، في إطار قانوني مرخص وشفاف».
وأفاد «ولقد كانت جمعية الإصلاح ولاتزال تدعو إلى التعايش والسلم المجتمعي، وتنتهج السلم في دعوتها للإصلاح ومحاربة الفساد بمختلف صوره، وتقف موقفاً واضحاً وحاسماً ضد المشاريع التفتيتية والطائفية؛ لأنها تمثل خطرًا وجوديًا ماحقًا للكيان والهوية العربية والإسلامية لأوطاننا في الخليج والجزيرة».
وأضاف «سمعتُ كثيراً سؤالاً يترددُ على ألسنةِ الأعضاء، كلما اقتربَ موعدُ مؤتمرٍ جديدٍ من مؤتمراتِ الإصلاح، أو ودّعْنا مؤتمراً من مؤتمراتِها. يسألون، وهم مُحِقّون: وماذا بَعْد؟ ماذا بَعدَ هذِهِ المؤتمرات؟ ماذا فعلت الجمعيةُ بهذا الكمِّ الكبيرِ من التوصيات التي تمخّضت عنها المؤتمراتُ السابقة؟ وأنا أقول: لقد استفادت الجمعيةُ أيَّما استفادةٍ من النِّتاج الغزيرِ لمؤتمراتِها السابقة، ولو عدَّدْنا أوجُهَ هذه الاستفادة لطالَ بنا المَقام، ولكنْ لا بأسَ أن نذْكُرَ بعضَ الأمثلة: عُقدَ مؤتمرُ الإصلاح الأول في الثالث عشر والرابع عشر من نوفمبر عام 1996 تحت شعار (نحو ارتباط أوثق بالمجتمع) وقد انعكست توصيات هذا المؤتمر على كافة أوجه النشاط في الجمعية، واصطبغت بها توجهاتها وسياساتها، وصارت الجمعية علماً يشار إليه في المجتمع أكثر من أي وقت مضى».
وأكمل «أما المؤتمر الثاني، والذي عقد في الحادي عشر والثاني عشر من نوفمبر عام 1998 تحت شعار (جيل المستقبل... التحديات والفرص)، فقد دعا فيما دعا إليه إلى تطوير برامج الجمعية الموجهة إلى الشباب؛ وذلك للإبقاء على ارتباطهم بالجمعية وتجنيبهم سبل الانحراف. وقد تبنت الجمعية هذا التوجه، وكرست له الجهود البشرية والطاقات المادية، فعملت على إعادة صياغة خطابها الشبابي، وأنشأت مراكز ومؤسسات شبابية تعنى بجيل الشباب منذ مرحلة الطفولة وحتى تخرجهم من الجامعة. وهل نبالغ إن قلنا إن مركز البذور الصالحة، وواحات القرآن الكريم، ومركز شباب المعالي، ونادي الفتيات، ومنتدى الجامعيين، ما هي إلا ثمرات لهذا التوجه الاستراتيجي الهام».
وتابع الشيخ «وأقيم مؤتمر الإصلاح الثالث من السابع وحتى التاسع من نوفمبر سنة 2000 تحت شعار (ثوابت المجتمع وتحديات النهوض والانفتاح)، وكان من ثمار تنفيذ توصيات المؤتمر المشروع الوطني لجمعية الإصلاح الذي أعدته الجمعية وقامت بنشره والدعوة إليه، والذي يعد حتى اليوم مشروعاً رائداً على مستوى مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية».
وواصل «أما مؤتمر الإصلاح الرابع، فأقيم في السادس عشر والسابع عشر من نوفمبر 2005 تحت شعار (نحو تنمية مؤسسية رائدة)، ودعا المؤتمر حينها فيما دعا إليه إلى الاهتمام باستكمال البناء المؤسسي لجميع قطاعات العمل في الجمعية، والاهتمام ببناء القيادات الشابة، والاهتمام بالتدريب. وقد قامت الجمعية بتفعيل هذه التوصيات، فصاغت اللوائح والأنظمة التي تكفل تدوير المواقع القيادية والريادية، وها نحن اليوم نرى أن معظم قطاعات العمل في الجمعية تقوم على إدارتها طاقات شبابية واعدة، تواصل حمل راية العمل التي سلمهم إياها من سبقوهم».
وأردف «أما المؤتمر الخامس فأقيم في الرابع والعشرين والخامس والعشرين من نوفمبر سنة 2007 تحت شعار (نحو إعلام دعوي متفوق). وحث المؤتمر الجمعية على الاهتمام بالعمل الإعلامي وتبني الطاقات الشبابية ودفعها نحو التخصص في مجال الإعلام. وقد عملت الجمعية على تبني هذه التوصية، فأسست مشروعاً لدعم الدراسة الجامعية في مجال الإعلام، انضم إليه حتى الآن عدد من أبناء الجمعية، واهتمت بوسائل التواصل المجتمعي، وما (بيت الإبداع) إلا ثمرة من ثمرات هذا التوجه الإعلامي».
وأشار إلى أن «المؤتمر السادس الذي أقيم في السادس والسابع من نوفمبر 2009، والذي اهتم بالعمل الخيري، واعتبره دعامة من دعامات النهضة، فقد انعكست آثاره على التوسع الكبير كماً وكيفاً في أنشطة لجنة الأعمال الخيرية بجمعية الإصلاح، التي مزجت العمل الخيري بالتنمية المجتمعية، في بوتقة من الشفافية والعمل المؤسسي».
ولفت إلى أن «هذه نماذج قليلة توضح لنا أن الجمعية لا تعتبر هذه المؤتمرات مجالاً للترف الفكري والبروز الإعلامي، وإنما تتخير من توصياتها ما تؤهلها طاقاتها وإمكاناتها على تفعيلها وتنفيذها. لكننا مع ذلك نعترف بأن ما يحتاج إلى تفعيل هو أضعاف ما تم إنجازه، وهو ما يلقي علينا جميعاً أمانة العمل لهذا الدين، لتبقى الجمعية رائدة في خدمة الدين والوطن».
وأفاد الشيخ «ويبقى أننا نعتبر أن نجاح هذه المؤتمرات يتحقق بمجرد انعقادها، ذلك أنها تجمع الأعضاء والضيوف، وتطرح فكراً جديراً بالنقاش، وقضايا خليقة بالاهتمام، وتوطد علاقة الأخوة والترابط بين أعضاء هذه الجمعية الغالية من مختلف الأجيال، ويبقى كذلك أن نؤكد أن عبء إنجاح هذه المؤتمرات عملياً يقع بالدرجة الأولى على عاتق أبناء وبنات جمعية الإصلاح، والذين ننتظر منهم أن تكون توصيات هذا المؤتمر والمؤتمرات التي سبقته حافزاً للمزيد من العمل والعطاء».
وأكمل «ولا يسعني في هذا المقام إلا أن أتوجه بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى وحمده، إلى الذين شاركونا في إقامة هذا المؤتمر. فالشكر والعرفان نقدمه إلى كافة المتحدثين في جلسات المؤتمر من داخل البحرين وخارجها، كما نتوجه بالشكر إلى المؤسسات الداعمة والراعية لمؤتمرنا».
وواصل الشيخ «والشكر موصول لكل من ساهم بجهده ووقته وفكره، من شباب وشابات من أعضاء جمعيتنا المميّزين، وأخص بالذكر أعضاء اللجنة المنظمة للمؤتمر من إخوة وأخوات برئاسة رئيس اللجنة الأخ شاكر حجي، حيث كان لأعضاء اللجنة وعضواتها دور محوري في وصولنا إلى ما وصلنا إليه اليوْمَ من حُسْن تنظيم وإتقان».
وختم بقوله «فإنه لا يفوتني وأنا أفتتح مؤتمر الإصلاح السابع، أن أستذكر ببالغ التقدير والاعتزاز شيخ الإصلاح الذي نفتقده اليوم، معالي الشيخ عيسى بن محمد آل خليفة رحمه الله، فإن مكانه اليوم بيننا في هذا المؤتمر واضح ولا شك، ومكانه في قلوب أبنائه كان وسيبقى كبيراً ولا شك، نسأل الله تعالى له الرحمة والمغفرة والرضوان، وأن تكون توصيات هذا المؤتمر امتداداً للفكر الذي عاش له ومات عليه».
وألقى رئيس مجمع الفقه في جمهورية السودان عصام البشير المحاضرة الرئيسية في المؤتمر أمس، تحت عنوان «فقه تطبيق الوسطية في واقعنا المعاصر»، وقال فيها: «يجب الحفاظُ على الثوابت الوطنية والدينية، من غير جمودٍ على ما من طبيعته التغيـُّـرُ والتجدُّد».
واعتبر البشير أن «هوية المشروع الفكري هي الالتزام بالإسلام منهجًا شاملًا، مشددا على «أولوية المنهج الوسطي في تيسير خطاب الإسلام طلبًا لتفاعل الناس كل الناس».
وأضاف «تجب الدعوة المستمرة إلى الحق والخير، دون استعلاءٍ أو وِصاية متوهَّمة، عبر التدرج والمرحلية التي تعني الثباتٌ في الأهداف والمرونـةٌ في الوسائل».
وأوجب على «مشروع النهضة الإصلاحية أن يسعى إلى تطبيق أفكاره وبرامجه على المبدئي من الثوابت والأصول»، مشيرا إلى أن «مشروع النهضة الإصلاحية يضع في تصوراته المرحليات الـمـرِنة التي يجب أن يجتازها ويتكيف معها في جميع مستويات البناء والبلاغ».
وأكد البشير على أن «شَراكة المرأة نَـهـجٌ شرعيٌّ أصيل، وعُمـقٌ حضاريٌّ متجـذِّر، ويتعين حشد كل الطاقات الموجودة والكامنـة من أجل المساهمـة في مشروعها ولاسيما طاقات المرأة».
وأكمل «لا ريب في أن طاقات المرأة كثيراً ما تعـطَّـل أو تـُـكبـَت بسبب شوائب الفهم السقيم لسنن الدين والاجتماع، ونحن نؤكد نظراً وتطبيقاً على الرؤية الوسطية لدور المرأة دون الجنوح إلى المغالاة في تقيدها أو التفريط في مشاركتها».
بعدها، ألقى رئيس قسم الصيرفة الإسلامية في جامعة البحرين فريد محمد هادي ورقته التي جاءت بعنوان «حركة جامعة أم حزب» وتناولت توجيه دعوة للإصلاح، باعتبار أن رسالة الإسلام تأتي في إطار وطني وبعد إقليمي وعالمي، وناقشت رحابة الدعوة إلى الإصلاح وعدم انغلاقها وتقوقعها، وان الوصول إلى الأحسن للإنسانية في كل الميادين هو من صلب دعامتها.
كما ناقشت ورقة هادي ما تعرضت له الأمة في تاريخها من مخططات وضربات لكسر شوكتها، وما هو حاصل لها في حاضرها من تكالب الأمم عليها، كما تطرقت الورقة إلى داء الاختلاف في الأمة وأسبابه ووسائل التخلص منه.
وبحثت الورقة أيضا أهم خصائص دعوة الإصلاح، مركزة على أربع نقاط فيها، وهي: إيثار العمل على القول، وعدم الخوض في القضايا الخلافية، والسعي لتوحيد الأمة على ثوابت الإسلام، والبعد عن تكفير الآخر ما لم يأت بأمر مجمع على تكفير مرتكبه.
أما الورقة الثانية، فقدمها رائد إبراهيم الجودر تحت عنوان «خطابنا الفكري»، وسلط الضوء فيها على مجموعة من العقائد والأفكار والاجتهادات التي تتبناها جمعية الإصلاح وتيارها، وتعبر عن مواقفها إزاء القضايا المختلفة، وشرحت بشيء من الوضوح والإيجاز الخصائص الثقافية لهذه المؤسسة الإسلامية، وطموحاتها ورؤاها المستقبلية، وتناولت بشيء من التفصيل نظرتها لبعض المسائل الكبرى على الساحة والتي يطالبهم الجمهور في كثير من الأحيان ببيان موقفهم منها.
العدد 4886 - الجمعة 22 يناير 2016م الموافق 12 ربيع الثاني 1437هـ