العدد 4886 - الجمعة 22 يناير 2016م الموافق 12 ربيع الثاني 1437هـ

ليت أقوالنا تحال إلى واقع: المسرح... مرآة

المنامة - زهراء المنصور 

تحديث: 12 مايو 2017

حري بنا قبل خوض غمار مناقشة المفردات في المسرح البحريني، كشق جوهري في ماهية إن كان المسرح مرآة للمجتمع كما يتردد منذ زمن غير قريب، أن نتساءل عن حقيقة أهمية وجود المسرح في حياتنا اليومية، أو في الثقافة العامة للناس، عدا كونه أداة متعة وتسلية في توقيت موسمي، كالأعياد والمناسبات، وعدا كونه في صيغة مناسباتية للمهرجانات حتى يراها جمهور يحسب – تجاوزاً - أنه «نخبوي»؟ ثم السؤال الأهم والأقرب لهمومنا: هل المسرح يعبر عنا حقاً فيدفعنا إلى تغيير رأينا في قضية معينة، أو تحشيد الناس والمجتمع نحو المغايرة في الرأي؟ هل هو «فن تجاوب حي مباشر وملتصق بالجمهور فيدخل في صميم النشاط الإنساني الحي، ويعد متمماً لكيانه، مما يمنحه قدرة كبيرة على التأثير المباشر في الجمهور ويجعل منه قوة دافعة للرأي العام ومؤثرة فيه، لذلك يصبح قادراً على الخوض في مجال التغيير الاجتماعي والاشتباك مع الواقع السياسي الأمر الذي يضفي عليه طابعاً سياسياً؟(*)

وإذا ما فكرنا في التأثير المسرحي المنتظر من الجمهور الحاضر للمسرح البحريني، سيكون هذا صعباً ومصطنعا بلا شك، ففي المسرح في البحرين عروض مسرحية جادة قليلة، ترتب نفسها بمجهود فردي في مهرجانات المسرح للفرق المسرحية التابعة لهيئة البحرين للثقافة والآثار، والتي تجاهد حقيقة للاستمرار سنوياً بسبب ظروف الميزانية التي تمنح من الثقافة أيضاً، وأيضاً بسبب طاقات المسرحيين أنفسهم على أكثر من صعيد. وبالإضافة إلى هذه العروض المتناثرة، هناك مسرح المناسبات الذي يحضر سريعاً جداً ويقدم في الأعياد للجمهور بتذاكر مدفوعة، وتكاد تكون علامة التذكرة لدخول عرض مسرحي لدينا من المؤشرات على أن المسرحية «تجارية» كما يطلق عليها تخففاً من صفات أخرى غير مناسبة. بينما في جمهورية مصر العربية مثلاً يستمر عمل المسرح طوال العام، بحيث يستطيع الراغب دفع تذكرته والدخول مباشرة للعرض. ولا يمكن بأي شكل من الأشكال الادعاء أن المسرح في البحرين بخير -كماً-، لو اتفقنا أنه نوعاً جيد، وهذا الحراك البطيء لا يتناسب على الإطلاق مع البدايات المبكرة والأمنيات التي كان متوقعة له، ويمكن أن تجتمع دول الخليج على نفس النقطة مع بعض الفروقات. فلايزال المعهد العالي للفنون المسرحية الوحيد في الخليج الذي يخرِّج مسرحيين أكاديميين يكون المعتمد عليهم في ترسيخ هذا الفن عبر ممارسته كما يجب، وليس كما يجتهد الداخلون إلى هذا المجال بمحبة لا تخلو من عبث أبعد الجمهور عن حضور العروض الجيدة.

ولو أن المسرح في البحرين استمر كما بدأ في الممارسة التطوعية التي بدأت في المدارس وفي النوادي لفترة طويلة حتى بدايات ظهور الفرق المسرحية في الستينيات، لربما كان السيناريو مختلفاً عما هو عليه اليوم، إذ يذكر الناقد البحريني د. إبراهيم غلوم أنه «عندما بدأ ظهور الفرق المسرحية في الستينيات، لم يكن التأسيس نابعاً من توجه ثقافي رسمي، وإنما التجمعات الثقافية التطوعية التي تحتشد مع حركة القوى الاجتماعية (الحركة الوطنية لتكون روحاً عامة أو رأياً عاماً يؤطر ملامح تلك الفترة). لقد اقترن هذا التأسيس الشعبي بمسار الحركة المسرحية حتى في دولتي قطر والإمارات، لأن التكوين الجماعي للمسرح فيها لم يرتبط بتشريع ثقافي وإنما ارتبط بقانون النفع العام، كما هو الحال بالنسبة للكويت والبحرين، وقد لا يختلف هذا التأسيس عنه في المجتمعات العربية». أي أنه لو كان المسرح خارجاً من رحم معاناة الناس ويعكس همومهم وأفراحهم ومتاعبهم ويصور حياتهم أو حتى يشظِّي ذاكرتهم، لكان استمراره سيعول عليه بشكل أكبر، وسيصل إلى متلقين من فئات مختلفة تهتم بحضوره وتملأ المقاعد في كل العروض. كذلك يرى د.غلوم أن هذا التأسيس يسبغ صفة الواقع على التجربة المسرحية لسببين: أولهما أن أساس نشوء فكرة المسرح في المجتمعات أساس شعبي لا يخضع للتخطيط المباشر، لدرجة أننا نفترض وجود تشكيلات مسرحية في جميع المجتمعات، وإن كانت بدائية. لذلك يقترن التأسيس للمسرح بالتطوع، وهذا ما يمكن تتبعه في البحرين والكويت كنموذجين، تجربتهما متشابهة إلى حد ما، والأمر الآخر هو أن الثقافة في مجتمعات الخليج لم تخضع لتخطيط شامل، ولم تدمج في عمليات التنمية كشأن البنوك والاقتصاد مثلاً الذي يرتجى منه عائد مادي مباشر. لذلك، وإن كانت المسارح تخضع لجهات رسمية قائمة، فهذه الجهات ليست معنية بوضع سياسة محددة للمسرح المنضوية تحت مظلتها.

* محمد عبدالمنعم، الاخراج في مسرح الكباريه السياسي، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 2013، ص 25





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً