التحدث في الندوات والمؤتمرات وورش العمل صنعتي، امتهنتها منذ زمن طويل، ووقفت أمام أشخاص من شرائح مختلفة، داخل وخارج البحرين، لأتحدث عن مواقع الإعلام الاجتماعي وكيفية بناء الاستراتيجيات، وإدارة الظهور على هذه المواقع، وأحدث الإحصائيات والأدوات والتوجهات.
لكني وجدتُّ نفسي الشهر الماضي أمام تجربة يجب أن أقول إنها كانت شيقة بالنسبة إلي، عندما تمت دعوتي إلى الحديث عن مواقع الإعلام الاجتماعي في مجلس الدوي بالمحرق، هناك وجدتُّ أشخاصًا من أهل البحرين الطيبين، بعضهم أساتذة جامعات، وبعضهم متقاعدون، لكن السمة الغالبة على الحضور كانت أن معظمهم تخطى الستين من عمره.
وخلال دقائق تقديمي في تلك الأمسية، كنت أترقب وجوه الحضور، وفكرت فورا بضرورة تغيير محاور اللقاء، ليكون أقرب إلى جلسة دردرشة منه إلى ندوة.
بدأت بالحديث عن أن مواقع الإعلام الاجتماعي مثل «تويتر» و«انستغرام» و«فيسبوك»، هي «مجلس إلكتروني» يشبه المجلس التقليدي - الذي كنا نجلس فيه - لكنه غير محدود بالجغرافيا والحضور، ويمكن لما يدور في هذا المجلس الإلكتروني أن يصل إلى شرائح واسعة من الجمهور في مختلف الأماكن، ودعوت إلى ضرورة تعزيز حضور المجالس البحرينية على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك عبر إنشاء حسابات فعالة لهذه المجالس على «انستغرام» و«تويتر» وحتى «اليوتيوب»، ونشر ما يدور في هذه المجالس من طروحات وحوارات قيمة بالصوت والصورة والكتابة على تلك المواقع.
وأكدت أن استخدام الشبكات الاجتماعية لا ينحصر بفئة الشباب، بل يمكن لمختلف الشرائح العمرية الاستفادة منها في مجالات عدة، ودعوت إلى كسر حاجز الخوف من مواقع الإعلام الاجتماعي، والإقدام على استكشاف الإمكانيات الكبيرة التي تقدمها، وأخبرت الحضور أن التقدم في السن وضعف النظر وغيرهما يجب ألا يعوقا الشخص عن التعرف على كل ما هو جديد، وخاصة أن مواقع الإعلام الاجتماعي باتت أهم سمة من سمات العصر الحديث، وإلا وجد الشخص نفسه خارج سياق تطور المجتمع الحتمي.
ومن خلال هذا المجلس دعوت إلى ضرورة أن يولي الآباء أهمية لمسألة مراقبة ماذا يفعل أبناؤهم على مواقع الإعلام الاجتماعي، ليس بمنعهم من استخدام هذه المواقع، وإنما بصداقتهم فيها، وتقديم النصح والمشورة الدائمة لهم بالابتعاد عن أصدقاء السوء في هذه المواقع، واستخدامها في كل ما هو مفيد لهم على صعيد الدراسة والصحة والتعلم والعمل وغيرها.
وكان يجب أن أؤكد أمام هذا الجمع من أهلنا الطيبين ضرورة الاستخدام الإيجابي لمواقع الإعلام الاجتماعي، وذلك عبر نشر ما هو مفيد ونافع، والابتعاد عن المحتوى الذي يروج للعنف والكراهية، فقبل أن ننشر أي شيء تتعين علينا الإجابة على أربعة أسئلة، هي: هل هذا الشيء مفيد لي شخصيًّا؟ وهل هو مفيد لأسرتي؟ ولمجتمعي؟ ولوطني البحرين؟ وبمعنى آخر، هل يمكن يضرني نشره أو يضر أسرتي أو مجتمعي أو وطني؟». إن الإجابة على هذا السؤال تحدد النشر من عدمه، ليس النشر فقط، وإنما إعادة نشر ما ينشره الآخرون أيضاً.
لقد كانت بالفعل أمسية شيقة، وأدت مداخلات الحضور إلى إثرائها أيضا، حيث تلقيت جملة من المداخلات والأسئلة، بعضها لم يكن ضمن اختصاصي الإعلام الاجتماعي، وهو ما أضفى المزيد من التشويق على الجلسة التي استمرت قرابة ساعتين ونصف. وعقبها مباشرة تلقيت دعوات من 5 مجالس ومراكز شعبية لإقامة فعاليات مشابهة، وأسأل الله تعالى أن يمنحني الوقت والقوة لتلبيتها جميعاً.
بقي أن أشير إلى شيء واحد أثار اهتمامي كثيراً، وهي العبارات الموجودة على الجدران في مجلس الدوي، والتي تركز على الحوار وتبادل الأفكار وقبول الرأي الآخر، وهذا ما نحن بالفعل بحاجة إليه في مواقع الإعلام الاجتماعي.
إقرأ أيضا لـ "علي سبكار"العدد 4885 - الخميس 21 يناير 2016م الموافق 11 ربيع الثاني 1437هـ