وقفوا خارج تلك الغرفة الصغيرة، المطلة على أحد الشوارع الحيوية في المنامة، يلملمون صدمة رحيل رجل عُرف بقلبه الأبيض النقي، وعاش راسماً ابتسامة المحبة الدائمة على ثغره، مترقبين خروج جسده من غرفة تغسيل الأموات بمقبرة اليهود، حتى يحظوا بالنظرة الأخيرة لابتسامته، ولقلبه، وليديه اللتين وصل خيرهما إلى المساجد والمآتم، فضلاً عن الفقراء والمعوزين.
وتمر الدقائق تلو الدقائق، إلى أن يؤذن لأهله ومحبيه بالدخول عليه وهو مسجى في تلك الغرفة، بعد إتمام تغسيله، وليُحمل بعدها في قطعة قماش بيضاء، ويُمشى به إلى مثواه الأخير، في مراسم دفن خاصة بالديانة اليهودية.
ذلك هو رجل الأعمال البحريني روبين داوود روبين، الذي شيّعه ذووه وأصدقاؤه في مقبرة اليهود بالمنامة صباح أمس الأربعاء (20 يناير/ كانون الثاني 2016)، شيّعوه بدموع الحسرة والألم على رجل عُرف طوال حياته بطيبة قلبه، ودماثة خلقه، محباً للجميع ولا يفرق بين أحد.
روبين الذي حضر مراسم دفنه عدد من أصحاب الأعمال والمواطنين والعاملين لديه في محلات روبين (وكيل أجهزة شارب)، أجمع محبّوه ومن عاشوا معه أعواماً طويلة، على أنه عاش طوال حياته مبتسماً، وقلبه أبيض، عاش بهدوء لم يؤذِ أحداً، ورحل بهدوء كذلك.
رحل روبين فجر يوم الإثنين الماضي (18 يناير/ كانون الثاني 2016)، عن عمر ناهز (61 عاماً)، وهو ينحدر من أصول يهودية، وعائلته (روبين) جاءت إلى البحرين من العراق في العام 1914، ولها إسهاماتها الجليلة في المجتمع البحريني.
وخلال مراسم الدفن أمس، استذكر عدد من أصدقاء الفقيد روبين، مناقبه ومواقفه الخيرة، وإسهاماته منذ عشرات السنين، والتي لم يكن يفرق فيها بين أحد، وتصل إلى أي محتاج، إذ عرف عنه دعم المؤسسات الدينية والخيرية.
«الوسط» استوقفت عدداً من المقربين للفقيد، قبل أن يتوجهوا إلى منزله في أم الحصم، ليكونوا هم المُعزَّين في وفاة صديق العمر، ويجلسون في المكان الذي كانوا يجلسون فيه ليلة الجمعة من كل أسبوع، إلا أنهم دخلوا المجلس أمس من دون أن يروا روبين فيه.
وتحدث أبناء أخي روبين (فريد)، الذين عاد أحدهم من أميركا للمشاركة في مراسم تشييع عمه، مؤكدين أن الفقيد كان أباً ثانياً لهم بعد رحيل والدهم، فهو الذي ربّاهم واهتم بهم إلى أن كبروا ودخلوا الجامعة.
الرَّيس: روبين مبادر للخير وملاذ الأصدقاء
قال أحد الأصدقاء المقربين للفقيد روبين، وهو عبدالله الريس، إن الفقيد كان مبادراً للخير، ويسأل عن الجميع ويستشعر آلامهم، وقلبه كبير يتسع للجميع.
الريس الذي تمتد علاقته بالفقيد إلى أكثر من 36 عاماً، بدأ برسم صداقته مع الفقيد من سوق المنامة، كان دكان والده مجاوراً لمحلات روبين، إلى أن أصبحت العلاقة بينهما أقوى، وامتدت إلى السفر معاً.
ويمتلك الريس صوراً قديمة له مع الفقيد في عدد من الدول، من بينها بريطانيا ومصر، فضلاً عن صور في البحرين. ووصفه بأنه «رجل طيب يساعد الجميع، ويسأل دائماً عن أصدقائه، فهو الملاذ والملفى لجميع الأصدقاء، فهو يحمل صفات الرجل الطيب والمحب لوطنه، وضحى بنفسه من أجل عائلته، وضحى بالكثير وتحمّل أعباء المعيشة، وربّى أبناء أخيه فريد حتى كبروا، فبعد وفاة أخيه شعر بالمسئولية تجاه أبنائه».
واعتبر رحيل روبين «فاجعة كبيرة للجميع، فليس من السهل فقد شخص بعد هذه الأعوام الطويلة من الصحبة، فهو مصداق للمثل المعروف (رب أخ لك لم تلده أمك)، فهو يشعر بحزن أي شخص، ولذلك الكل يدعو له بالرحمة».
وأضاف «لم يكن روبين يتوانى عن فعل الخير في كل الأمور الدينية وغير الدينية، وهو بنفسه يبادر بالسؤال عن المحتاجين، ويبدي رغبته في مساعدتهم».
ويستذكر الريس رحلة العلاج التي رافق روبين فيها، وكانت في لندن، عندما أصيب بجلطة، واضطر إلى البقاء قرابة شهرين، فيقول: «على رغم ما أصابه، وعلى رغم آلامه ومرضه، كان يستيقظ في منتصف الليل، ويسألني إن كنت متدفئاً أم لا».
وأكد أن الفقيدَ صديقُ جميع أفراد العائلة، وقريب حتى من والدته، ولذلك لن يُنسى.
وختم حديثه بالقول: «بعد نبأ وفاته استرجعت الذاكرة، وفتحت الصور القديمة في مختلف المناسبات، فمنذ لحظة وفاته وصورته مرسومة بين عينيّ».
خلف: لم أنقطع عن زيارة الفقيد طوال 40 عاماً
وجد الفنان الشعبي جاسم خلف نفسه وحيداً، بعد 40 عاماً من علاقة وطيدة بالفقيد روبين داوود روبين، ولذلك كان يقف مع أفراد عائلة الفقيد قرب غرفة تغسيل الموتى، منتظراً لحظة الوداع الأخيرة.
خلف تحدث إلى «الوسط» عن علاقته بروبين، والتي بدأت بعمليات بيع وشراء بينهما، وتطوّرت بعد أن وجد خلف الأخلاق العالية والرفيعة، والقلب الأبيض الذي يتسم به روبين، وطوال العقود الأربعة الماضية لم ينقطع خلف عن زيارة روبين في محله بالمنامة، وكانت آخر زيارة له يوم الأحد الماضي (17 يناير/ كانون الثاني 2016)، أي اليوم الأخير من حياة روبين.
وأشار إلى أن الفقيد انقطع عن محله في الفترة الصباحية خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من حياته، وعندما سأله عن السبب، أجابه بأنه لا ينام ليلاً، ولذلك يصعب عليه الخروج صباحاً، إلا أنه كان يحرص على التواجد عصراً في المحل.
وقال عنه إنه: «يحب الناس ولا يفرق بين أحد، يعمل الخير الكثير ويساعد الفقراء والمحتاجين، وعلاقته مع الجميع طيبة، حتى مع موظفيه، إذ يتعامل معهم كأخ وليس كصاحب محلات تجارية». وأضاف «هو بالنسبة لي أخ وصديق عُمْر، وفقده صعب علينا جميعاً».
الإماراتي ناصر: علاقتي بالفقيد
ممتدة من 22 عاماً وبدأت في دبي
امتدت علاقات رجل الأعمال روبين، ووصلت إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، فهي لم تقتصر على البحرين والأقارب فقط، بل وصلت إلى دبي، إذ بدأت العلاقة بينه وبين الإماراتي محمد ناصر، الذي وصل إلى البحرين مساء أمس الأول (الثلثاء)، وشارك في مراسم دفن صديقه أمس.
ناصر تحدث عن علاقته بروبين، والتي بدأت قبل نحو 22 عاماً، وتحديداً عندما حضر الفقيد اجتماعاً لوكلاء العلامة التجارية «شارب»، لتتواصل هذه العلاقة، ولا تنقطع.
وقال ناصر إن المعزة والمحبة التي يكنها للفقيد، هي التي جعلته حاضراً في البحرين أمس، واصفاً إياه بأنه «إنسان، ونعم الصديق، ودائماً نتواصل مع بعضنا بعضاً. ولقد كان رجلاً ذا خلق، وسمحاً، ومبتسماً دائماً، ولذلك تأثرت كثيراً عندما وصلتني صورته مكتوب عليها نعي وفاته».
المواقف الرجولية والإنسانية البحتة
أما عبدالعزيز أمين، فأكد أن علاقته بالفقيد روبين تمتد إلى أكثر من 45 عاماً، وعلاقة صداقة وقرابة، معتبراً أن رحيله «خسارة»، فهو «أخٌ عزيزٌ وإنسانٌ طيبٌ»، ويحمل كل الصفات الطيبة والأخلاق العالية.
ولفت إلى أنه كان يمتاز بالعلاقات الطيبة مع كل الناس، ومواقفه لا تُعدُّ ولا تُحصى، فهي «مواقف رجولية وإنسانية بحتة»، والكل يعرفه ويعرف طيبته وأخلاقه.
ويشارك أمين الحاج أحمد عبدالرسول، الذي تمتد علاقته بالفقيد إلى نحو 40 عاماً، إذ كان يعمل لديه في محلات روبين، قبل أن ينتقل إلى العمل في القطاع الحكومي، ويعود مرة أخرى إلى المحلات بعد إحالته إلى التقاعد المبكر.
عبدالرسول الذي حضر المقبرة أمس، ردد دعوات الرحمة للفقيد، متحسراً لفقده ورحيله، مؤكداً أنه كان رجلاً خيّراً، وتعجز الكلمات عن وصف طيبته وأخلاقه.
ويستذكر وقوف الفقيد معه، ومساعدته في العمل في الفترة المسائية بعد الخروج من الدوام الحكومي.
لانسان: كان أباً وأخاً وصديقاً لجميع موظفيه
استطاع الفقيد روبين بطيبة قلبه أن يملك جميع الناس، وحتى موظفيه، ولذلك كان لافتاً حضورهم أمس في المقبرة، ومشاركتهم في مراسم دفن من يعتبرونه أباً وصديقاً لهم.
وتواجد موظفون بحرينيون وأجانب، وكان من بينهم الآسيوية فيرجي لانسان، التي تعمل أمينة صندوق لأكثر من 25 عاماً.
لانسان، التي كانت تبكي بحرقة لفقد روبين، أكدت أنه كان رجلاً عظيماً، وأباً وصديقاً لجميع الموظفين، ولذلك لم تستوعب صدمة رحيله. وقالت إنه لم يكن يتعامل بتعالٍ مع الموظفين، بل كان صديقاً لهم.
وأشارت إلى أنها حضرت مراسم التشييع، وهي اللحظات الأخيرة قبل أن يوارى روبين الثرى، مؤكدة أنها ستبقى تتذكره، وتتذكر أنه كان رجلاً طيباً وعظيماً.
العدد 4884 - الأربعاء 20 يناير 2016م الموافق 10 ربيع الثاني 1437هـ
ببالغ الأسف بلغني نبأ وفاة المغفور لهُ روبين من قبل صديقي وأخي صالح أفندي زوج أخت المرحوم والمقيم في لندن ، أسأل الله أن يتغمَّدهُ برحمتهِ الواسعه و يُسكِنُهُ فسيحَ جَنّاته ، و أن يُلهِم ذوي الفقيد وأصدقائه الصبرَ و السُلوان ... سالم الدليمي - العراق - بابل
روبين روبين آه يا روبين بالدنيا كلها ما ينوجد مثلك اثنين بغيابك وألله خصرت البحرين الاهل والاصحاب ابد ما ينسوك وبغيابك مكانك خالي بالسوك ومن بسمتك الحلوة غابت مثل الشمس بغيابها ظلام جابت فراكك وألله صعب علينا هاي مشيئة ربنا مو من أيدينا من حبك وحنانك ما شبعنا أخ عزيز اوغالي خصرنا ألله يرحمك روبين ومكانك بالجنة
الى رحمه الله : صراح يفجع الخبر .. اعرف الشخص من عدت معاملات اتذكر سمعت صوته من كثر تواضعه اخلاقه رفيعه
إلى رحمة الله
الله يرحمه
. اعمال الانسان بيد الرحمان فلا خوف على من عمل صالحا .
صباح الخير
الله يرحمه برحمته الواسعه مهما تكن ومهما علئ شئنك يبقى الشي الوحيد الذي يصلك إلى قلوب الناس هو عطائك ومعاملتك واخلاقك الرفيعة التي تبقى إلى ابد الآبدين تلوح في ذكرى الناس ومن عاشوك واحبوك كل شي في هاده الدنيا زائل الئ عمل ينتفع به