قال الأمين العام السابق لجمعية المنبر التقدمي عبدالنبي سلمان: «إن القوى الطائفية والرجعية رفعت الدولة المدنية والديمقراطية شعاراً لقيادة الربيع العربي قبل خمس سنوات».
وذكر سلمان، في ندوة عقدت بمقر جمعية التجمع القومي في الزنج مساء الإثنين (18 يناير/ كانون الثاني 2016)، بعنوان: «ثورات الربيع العربي بين مطرقة الاستبداد وسندان الإرهاب» أنه «لم يعد حديث القوى الطائفية والرجعية ينحو نحو الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وإقامة الدولة المدنية، بل فضلت أن ترفعها شعارات خجولة ومطاطة في آن واحد، لتكريس مزيد من التقسيمات العمودية التي تكرس للأنظمة المزيد من السطوة والقهر، وحدث كل ذلك على حساب مطالب عادلة ناضلت من أجلها شعوب المنطقة».
وأضاف «ربما نحتاج إلى إعادة مراجعة لمجريات الأحداث في البحرين والمنطقة، ونحن في المنبر التقدمي أجرينا مراجعة مبكرة لهذه الأحداث، وكذلك بعض القوى السياسية في البحرين وخارجها، استشرافًا للمستقبل».
وأردف سلمان «نحن نتحدث عن مرور خمسة أعوام على الربيع العربي، وهو توصيف أطلقته لأول مرة صحيفة «الاندبندنت»، وقد لامس هذا التوصيف شغاف قلوب الشعوب العربية المتعطشة للحرية والديمقراطية، ويذكرنا هذا التوصيف بربيع براغ، والثورة البرتقالية في أوكرانيا».
وأكمل «أحداث الربيع العربي لم تكن وليدة الصدفة، بل لها جذور في البحث عن الكرامة والخبز والعدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروات، ووقف وجوه الفساد كافة، أي أن تلك الأحداث جاءت امتدادًا لكل هذه المؤثرات السابقة».
وواصل «بدأت أولى ثورات العربي في تونس فكانت ثورة الياسمين، ثم انتقلت إلى مصر وإلى بقية الدول العربية التي طمحت شعوبها إلى الحرية والتغيير، وهم يتابعون عالما جديدا يتشكل من حولهم هيأ له عالم الانترنت والفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي الحديثة».
وذكر أن «ما كان يجري هو أن غالبية أنظمة الحكم في هذه الدول كانت ترسل خطابا متهالكا لم يستطع أن يصمد أمام المد الجماهيري العارم، مفاده أننا بمنأى عما يجري في الخارج، وعلى الجانب الآخر فإن القوى المعارضة والنضالية وقعت هي الأخرى في حالة من الإرباك والضياع، وبرهنت مرارا على أنها لم تكن مستعدة لما يجري، فقد كانت غارقة في عملها النضالي الروتيني اليومي، ولم تستطع أن تستوعب ما جرى، ودخلت في حيرة من أمرها، وهي بعدُ لم تحدد طبيعة موقفها».
وأكمل «ومما زاد الوضع سوءاً أن قوى المعارضة لا تمتلك العديد من الأدوات التي يمكن أن تنفعها في مثل هذه الظروف، مقابل ما كانت تملكه تلك الأنظمة، فها هو المال السياسي والإعلام تحولا إلى أدوات فاعلة لتشويه صورة قوى المعارضة، وتحيك سيناريوهات كثيرة لا تقوى أمام الواقع، وتم اتهام المعارضات بتبعيتها إلى الخارج، وتم استخدام ورقة الطائفية واستعداء الآخرين، وكلها يمكن أن يفرد لها حديث في كل دولة على حدة».
وأفاد سلمان «هكذا أحدثت اصطفافات لم تكن موجودة من قبل في تلك الدول، بالإضافة إلى ما وقعت فيه بعض القوى قليلة التجربة المندفعة، في أخطاء فادحة، على رغم التحذيرات المستمرة من غلو تلك الأطراف، إلا أنه جرى الذهاب بعيدا، من دون أن تحسب حسابها لسطوة تلك الأنظمة ولا إلى التوازنات الإقليمية، ولم تميز بين الخطوط الخضراء والحمراء لواقع اجتماعي معقد جدا، ولا فرق هنا بين قوى اليسار أو الإسلام السياسي، حيث اندفعت كل منها خلف شعارات طوباوية مكبوتة، وعندما حاولت لاحقًا تصحيح بعض الأوضاع كان الوقت قد فات».
وختم سلمان «أقول كل ذلك ليس إمعانا في سوداوية المشهد العربي، بل تحفيزا لذاكرتنا الوطنية، ولتياراتنا الوطنية الديمقراطية والعلمانية التي بقيت غائبة لفترة طويلة، وقبلت في الغالب أن تهمش وتداس تحت الأقدام، ورضيت أن تعيش في الماضي وهي لا تعلم أن الماضي لا يعود».
من جانبه، قال القيادي في جمعية التجمع القومي محمود القصاب إنه «بعد مرور خمس سنوات على ثورات الربيع العربي، يمكن القول إن المرحلة التي نعيشها الآن هي مرحلة التغيرات الكبرى والصراعات الطائفية، وهي مرحلة مروعة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وقد قاد الوضع المضطرب إلى انهيار التوازن الجيوسياسي عبر فرض معادلات سياسية متسقة مع نظرية الشرق الأوسط الجديد».
وأضاف القصاب «هذه الحالة جاءت بعد ثورات خرجت فيها الشعوب للمطالبة بتصحيح وضعها السياسي والاجتماعي من اجل تحقيق المواطنة المتساوية التي لا تميز بين المواطنين، وعلى رغم مشروعية هذه المطالب، فإن هذه الثورات أخفقت في تحقيق أهدافها، وانتهت إلى فوضى طائفية».
وأردف «الانقسام الحاصل في الثورات يعود إلى تضارب المصالح والقوى الداعمة لهذه الأنظمة أو الثورات، وعمدت القوى الشريرة إلى بث الرعب في كل مكان، بالإضافة إلى ضعف وغياب مؤسسات المجتمع المدني؛ لأنها ليست من صنعها بل التحقت بها، وجاءت قيادة هذه الحراكات بقيادات شبابية تفتقد الخبرة في قراءة المتغيرات الوطنية والإقليمية والدولية».
وأشار إلى أن «من أسباب فشل حراكات الشعوب العربية، بروز قوى التيارات الإسلامية في قيادة هذه الثورات والسعي إلى جني ثمارها بسرعة، ومن المعروف أن هذه التيارات لا تملك مشروعا في القيادة، وتفتقر إلى قيادات ذات حنكة وخبرة، بالإضافة إلى النزعة الاقصائية التي تمتلكها في تعاملها مع التيارات الأخرى».
وتابع القصاب «ومن الأسباب أيضًا الاستعجال في جني الثمرات دون الالتفات إلى تبعات هذا الأمر، ورفع السقف دون النظر إلى الانقسامات المجتمعية، وهو ما سمح لقوى الثورة المضادة باختراق هذه الجهات والحركات الثورية».
وأكمل «ولعل هذا الأمر الذي يجب تعلمه من كل الثورات التي قامت، وهو عدم إمكانية نجاح أي حراك في ظل انقسام أي مجتمع، والذي يمثل أحد رهانات الأنظمة في إفشال هذه الحراكات، هنا لابد من تحديد سقف متفق عليه بين أطراف المجتمع».
وتابع «علينا أن نذكر أن التعويل على مساندة القوى الخارجية كالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وغيرهما من القوى الاقليمية والدولية، والثقة المطلقة بها، يعد من الأسباب الرئيسية لفشل بعض الحراكات العربية، ولعل ذلك يعود إلى سوء أو خطأ قراءة تلك القوى السياسية لمواقف تلك الدول التي تحتكم إلى المصالح ولا تحكمها القيم والأخلاق، وهذا يمثل جهلاً بالسياسة، وبات واضحاً أن لهذه القوى استراتيجيات خاصة في التعامل مع هذه الحراكات».
واستدرك القصاب «على رغم هذه العوامل التي أثرناها حول أسباب تعثر هذه الحراكات، فإنه لايزال من المبكر الحكم عليها، لأن تداعياتها لاتزال مشتعلة ومن الصعب التكهن بمآلاتها، وربما يستغرق الأمر سنوات عدة حتى نقيم نجاحاتها أو إخفاقاتها بصورة عادلة ومنصفة، ومن الصحيح القول إن هذه الحراكات في غالبيتها لم تنجح، لكنها أيضا لم تفشل إلى الآن».
العدد 4883 - الثلثاء 19 يناير 2016م الموافق 09 ربيع الثاني 1437هـ
تلخيص المشهد بدقّه
العنوانان اللذان إستخدمهما القياديّان يغنيان عن كتابات كثيره فهما يلخَصان المشهد بكل دقّه.
..
تحليل صائب وموضوعي وخصوصاً لجهة الزعامات والإنقسامات المجتمعيه وكذلك تدخل قوي شريره للهيمنه علي هذه الحركات وتغيير بوصلتها .
الدولة المدنية
لماذا ندخل في جدل حول رفع أي قوى لشعار الدولة المدنية؟
ما دمنا نرى الدولة المدنية هي الحل الأمثل لمجتمعنا السياسي فلا يضرنا أن ينادي بها الديني أو العلماني
المهم أن تتحقق وليستفد منها الجميع
فلنترك عصبية التوجهات الفكرية والحزبية جانباً