دخل المشهد السياسي اللبناني الداخلي حقبة جديدة أمس، بإعلان رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع دعمه ترشيح زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية في مواجهة التسوية التي طرحها زعيم تيار «المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري بدعمه ترشيح رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية منذ أكثر من شهر ونصف الشهر ، وفق ما نقلت صحيفة "الحياة" اليوم الثلثاء (19 يناير / كانون الثاني 2016).
وإذ قلب جعجع بهذه الخطوة الطاولة، بعدما كان هو مرشحاً في مواجهة العماد عون على مدى زهاء سنة و8 أشهر، فإن خلط الأوراق الذي تسببه خطوته بعدما رشح خصمه، يشمل حصر المعركة بين الحليفين عون وفرنجية، الذي أكدت مصادره ومصادر الحريري أن ترشيح رئيس «المردة» ما زال قائماً، مقابل توخي جعجع من دعمه عون إلغاء حظوظ فرنجية.
وتترك ضربة جعجع، التي تمت وسط تصفيق متكرر من كوادر «القوات اللبنانية» ونوابه لعون عند دخوله مقر رئيس القوات في معراب وأثناء تلاوة جعجع بيان تبني الترشيح، تداعيات عدةً على الخريطة السياسية، وأبرزها الإحراج الذي تسببه لحليف جعجع الرئيس الحريري، ولحليف عون الرئيسي «حزب الله»، الذي يرتاب من تبني الخصم حليفَه.
وإذ دعا جعجع في بيانه حلفاءه في قوى «14 آذار» الى دعم هذا الخيار، وكذلك القوى والشخصيات السياسية كافة، فإن اجتماع جعجع وعون على دعم الثاني مساءً، فرض نفسه على اجتماع تشاوري مقرر سابقاً عُقد في الرياض بين الحريري وعدد من قادة «المستقبل» ورموزه الذين انتقلوا إليها أمس، وبينهم رئيس الكتلة الرئيس السابق فؤاد السنيورة. أما «حزب الله»، فإنه سيأخذ وقته قبل أن يدلي بدلوه في هذا الشأن.
واستعاد جعجع في بيانه عبارة «حيث لا يجرؤ الآخرون» الشهيرة التي كانت القوات تستخدمها أيام الحرب، وتلا بنوداً من «إعلان النوايا» الذي توصل إليه مع عون في 2 حزيران (يونيو) 2015.
وفيما يفرض التوافق بين الفريقين الأقوى على الساحة المسيحية، نفسَه على المكونات الطائفية والسياسية الأخرى، فإن انتظار ردود الفعل يشمل القوى الإقليمية والدولية المعنية بالرئاسة في لبنان، خصوصاً أنه كان لكل منها إما دوره أو موقفه في مبادرة الحريري ترشيح فرنجية، ومن استمرار الشغور الرئاسي في لبنان.
وعدّد جعجع في بيانه، الذي حدد أسس تبنّيه رئاسة عون، 10 مبادئ، منها: التزام اتفاق الطائف، ضرورة التزام سياسة خارجية مستقلة، ضبط الأوضاع على الحدود اللبنانية- السورية في الاتجاهين، تنفيذ القرارات التي اتفق عليها في الحوار الوطني وإقرار قانون انتخاب جديد يراعي المناصفة وصحة التمثيل... وجدد إيمانه بمبادئ ثورة الأرز في مواجهة سلطة الوصاية السورية، في محاولة منه لطمأنة فريق «14 آذار»، على رغم التوقعات بأن تتسبب مبادرته بانقلاب التحالفات. واعتبر عون، الذي جلس الى جانب جعجع أثناء تلاوته بيان دعمه، أن «ما ذكره رئيس القوات سنعمل عليه»، وتمنى أن «تتم عملية الانتخاب بخير، وفي حينها سنكون غطاء لجميع اللبنانيين ولن نتعامل بكيدية مع أحد... ونحن في صلب الخصومة السياسية لم نكن كيديين فكيف بالأحرى ونحن في ممارسة المسؤولية».
وجرى تبني جعجع ترشيح عون وسط احتفالية وقطع قالب حلوى وتأكيد غير نائب وقيادي من «القوات» و «التيار الوطني الحر» ما قاله عون، بأنه «يوم تاريخي»، وتكريس لإنهاء الخصومة الدموية بين «القوات» وأنصار عون منذ حرب الإلغاء بينهما عام 1988- 1989. وقال عون: «الورقة السوداء يجب حرقها».
ودعا رئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط قيادة الحزب التقدمي الاشتراكي و «اللقاء» اليوم لتدارس الخطوة.
وكان سبق بيان الترشيح في مقر «القوات»، زيارةٌ قام بها العماد عون الى البطريرك الماروني بشارة الراعي، الذي كان زاره صباحاً الرئيس السنيورة، معلناً أن «انتخاب الرئيس ليس شأناً مسيحياً فقط، وهو شأن لبناني بامتياز».
..
..في إعتقادي (وإن كنت شخصيّاً أبغض عون) أنه سيكون رئيساً أقوي من س فرنجيّه المرشّح الآخر وهو ما يتطلّبه الوضع في لبنان اليوم ويمكن التعويل عليه في ضبط التسيّب الأمنيّ والوضع المنفلت بشأن حيازة السلاح خارج إطار الدولة وكذلك ضبط الحدود.