حذر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو الاتحاد الأوروبي من أن اتخاذ وزراء خارجية دول الاتحاد قراراً متوقعاً اليوم بفرض عقوبات اقتصادية على المستوطنات اليهودية في الأراضي المحتلة العام 1967، سيحول دون أن يكون الاتحاد شريكاً في مفاوضات السلام المجمدة في الشرق الأوسط، «فضلاً عن أنه قرار ينطوي على معيار مزدوج وهو سخيف ومشوِّه للحقيقة» ، وفق ما نقلت صحيفة "الحياة" اليوم الإثنين (18 يناير / كانون الثاني 2016).
وجاءت أقوال نتانياهو ضمن تصريحاته الأسبوعية في مستهل اجتماع حكومته والتي هاجم فيها أيضاً وزيرة خارجية السويد مارغوت ووستروم لمطالبتها بإجراء تحقيق في ما إذا كانت إسرائيل تقوم بإعدام فلسطينيين بلا محاكمة. وقال إن «إسرائيل ترفض قطعاً الأقوال السخيفة والمغرضة للوزيرة السويدية التي تتسم بالكيل بمكيالين، وكلي أمل بأن لا تتغلغل هذه الروح في محادثات وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي هذا الأسبوع». ورأى أن «سياسة الكيل بمكيالين تجاه إسرائيل وتشويه الحقائق والتهجم عليها ومناصبتها العداء، لن تحول فقط دون أن يصبح الاتحاد الأوروبي شريكاً في المحادثات في الشرق الأوسط، بل تؤشر أيضاً إلى موقف غير مستحق وغير نزيه نرفضه رفضاً قاطعاً».
ولا تخفي إسرائيل قلقها من نية وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي اتخاذ قرار اليوم بفرض عقوبات جديدة على المستوطنات في الأراضي المحتلة العام 1967 (الضفة الغربية والقدس والجولان) وعلى كل من يتعامل معها. وتتوقع أوساط إسرائيلية أن يتضمن القرار توجهاً لكل دول الاتحاد بتقييد اتفاقاتها الثنائية مع إسرائيل لحدود العام 1967 بعد توضيح أن «الاتحاد سيواصل في شكل واضح التمييز بين إسرائيل وبين الأراضي التي احتلتها في العام 1967، بما فيها القدس الشرقية والجولان».
وتتهم إسرائيل مسؤول قسم الشرق الأوسط في الاتحاد الأوروبي النمسوي كريستيان بيرغر بالوقوف وراء القرار المتوقع اتخاذه، بداعي أنه يتبنى منذ فترة طويلة مواقف مناهضة لإسرائيل ويدفع نحو فرض عقوبات على المستوطنات وأنه هو الذي بادر إلى اتخاذ الاتحاد قرار تأشير منتجات المستوطنات اليهودية قبل تسويقها في دول الاتحاد. كما وجهت أصابع الاتهام إلى السويد «التي تلعب الدور الحاسم في بلورة البيان الختامي لوزراء الخارجية» على خلفية الأزمة الديبلوماسية بين البلدين في أعقاب تصريحات الوزيرة وولستروم. وترى إسرائيل في فرنسا وإرلندا وفنلندا شركاء في دعم التوجه الأوروبي المناهض لها.
وكرست وزارة الخارجية الإسرائيلية الأيام الماضية لمحاولات مكثفة لتخفيف حدة قرار وزراء خارجية الاتحاد. وتبني آمالها على مواقف إيطاليا وألمانيا المعارضتين للهجة مناوئة لإسرائيل. ويخشى مسؤولون في الخارجية من أن يشكل القرار تصعيداً يليه آخر في سياسة الاتحاد الأوروبي من المستوطنات اليهودية في الأراضي المحتلة، بهدف حمل إسرائيل على وقف سياسة التوسع الاستيطاني.
كما يتضمن القرار الأوروبي تنديداً غير مباشر بقرار اللجنة الوزارية الإسرائيلية لشؤون التشريع سن «قانون الجمعيات» الذي يستهدف الجمعيات العربية واليسارية والحقوقية التي تفضح ممارسات الاحتلال ليرغمها على تبيين مصادر تمويلها الأجنبي، وهو قرار أعلنت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي رفضهما له. وسيحذر الاتحاد من إخراس المجتمع المدني.
وأعلن نتانياهو دعمه القانون الجديد الذي بادرت إليه وزيرة القضاء من حزب البيت اليهودي المتطرف أييلت شاكيد مع تعديل بسيط يقضي بشطب البند المتعلق بإرغام ناشطي الجمعيات بوضع بطاقة تشخيص وتعريف بهم وبجمعياتهم على صدورهم لدى دخولهم الكنيست، «لكني أؤيد أن تبين كل جمعية كل مبلغ تتلقاه، بدءاً من الدولار الأول». وأضاف أن الشفافية ليست مطلباً مناوئاً للديموقراطية، «بل من حق الجمهور معرفة هوية الحكومات التي تدعم الجمعيات». وأردف غامزاً من قناة البيت الأبيض الذي أعرب عن معارضته القانون الإسرائيلي الجديد أن إسرائيل تريد تبني معايير مماثلة لتلك التي أقرها الكونغرس الأميركي في مسألة التعامل مع الدعم الخارجي الذي تتلقاه مؤسسات مدنية.
وتتهم شاكيد الجمعيات اليسارية بأنها تتلقى التمويل الأجنبي «لتشويه صورة الجيش الإسرائيلي والديموقراطية في إسرائيل»، مضيفة أن «تدخل الحكومات الأجنبية في شؤون إسرائيل هو الذي يشكل خطراً على الديموقراطية، وليس القانون الجديد».
إلى ذلك، توقعت المصادر الإسرائيلية أن يتطرق قرار وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي اليوم إلى تعهد باتخاذ «خطوات عملية للحفاظ على فرص حل الدولتين الذي يُقضم من خلال فرض حقائق على الأرض».
كما سيعلن دعمه الاقتراح الفرنسي بتشكيل مجموعة دولية للضغط على إسرائيل والسلطة الفلسطينية للعودة إلى طاولة المفاوضات بهدف التوصل إلى حل الدولتين.