كشفت الندوة الاقتصادية التي نظمتها جمعية «وعد» مساء الأربعاء الماضي حول سياسة رفع الدعم، عن عمق الأزمة السياسية والاقتصادية وقلة الخيارات المتاحة، وانسحاب ذلك حتى على تقليص هامش حرية التعبير.
الندوة جاءت بعد يوم واحد من تطبيق قرار رفع الدعم عن النفط بنسبة 55-60 في المئة، وما أثاره من ردود شعبية. وقد جمعت الندوة اثنين من الاقتصاديين، أحدهما نائب سابق، والآخر مستشار اقتصادي بمجلس الشورى، وجاء طرحهما في إطار الكلام المباح الذي يُسمع بالكاد، الأول حاول الاقتراب من الواقع بالأرقام، والآخر لجأ إلى الكلام النظري العام.
النائب السابق جاسم حسين، استعرض جدولاً بحجم الدعم الحكومي للسلع والخدمات، وذكّر بأن الجزء الأكبر من هذا الدعم يذهب إلى الغاز للشركات الكبرى (47 في المئة)، بينما الكهرباء والماء (27 في المئة)، والنفط (20 في المئة)، واللحوم الحمراء (3.9 في المئة)، والدقيق (1.1 في المئة)، والدجاج (0.2 في المئة). وهي أرقامٌ ذات دلالةٍ مهمةٍ، تعزّز الرأي القائل بأنه كان من الأولى إبقاء الطعام آخر بندٍ على لائحة رفع الدعم.
حسين يقول إن خطة رفع الدعم كانت معدّةً منذ سنوات، ولكن الحكومة استغلت فرصة انهيار أسعار النفط لوضعها موضع التنفيذ. ويرى أنها أرادت بذلك إرسال عدة رسائل مهمة، إلى صندوق النقد الدولي الذي كان يطالب بهذه الإجراءات؛ وإلى مؤسسات الائتمان الدولية لإعادة تقييمها للاقتصاد البحريني إيجابياً؛ وإلى الدول الخليجية التي تقدّم المساعدات للبحرين أيضاً. وأضاف: إن هذه الإجراءات ستوفّر 56 مليون دينار فقط، بينما فوائد الدين العام أكثر من 300 مليون هذا العام، حسب وزير الطاقة.
وينبّه النائب الوفاقي السابق إلى أن التفكير الذي قد يسود في المرحلة المقبلة، هو «الخدمة مقابل المال»، وبالتالي فقد نكون أمام مرحلة فاصلة، قد تصبح عنواناً لنهاية فترة الدعم. ومن المؤكّد أن لذلك تبعاتٍ كبيرة ومصاعب وأعباء سيتحملها المواطن، وخصوصاً الطبقات الفقيرة والمتوسطة.
حسين توقّع حدوث تغيّر على نمط حياة المجتمع، وأن يكون هناك دور أكبر لمؤسسات الضمان الاجتماعي مثل الصناديق الخيرية، وهو أمرٌ شبه مؤكد، نظراً لاحتمال زيادة أعداد الأسر المحتاجة للمساعدات في الفترة المقبلة، ما يحتاج إلى دعم شعبي وحكومي لهذه المؤسسات لمواصلة دورها ورسالتها النبيلة في الحياة.
الرأي الآخر للاقتصادي جعفر الصائغ، الذي قال بأن «سعر النفط استمر في الانخفاض من 130 إلى 30 دولاراً، ولا ندري متى سيتوقف، خصوصاً أن اعتمادنا على النفط بنسبة 86 في المئة، ولولا ذلك لما كانت هناك مشكلة». وأشار إلى أن السعر الحقيقي للنفط في هذه المرحلة هو 10 دولارات فقط، حسب تقريرٍ لأحد البنوك الأجنبية، بسبب زيادة العرض على الطلب، حيث تمتلئ ناقلات النفط بحمولاتها الزائدة في البحار والمحيطات. وبمعادلة مدرسية بحتة: كلما انخفض سعر النفط قلّ الدعم، وكل خدمةٍ تعتمد على النفط سترتفع تكلفتها، بدءاً بسيارات الأجرة (كان سُوّاق الأجرة هدّدوا بإضراب في ذلك الصباح).
الصائغ قال إنه يتّفق مع سياسة رفع الدعم عن النفط منذ سنوات، لكن كان يُفترض العمل على تحسين مستوى المعيشة. وفي حالة العجز في الموازنة، تلجأ الدولة إلى الضرائب أو الاقتراض محلياً وخارجياً، أو اللجوء لمؤسسات مثل صندوق النقد الدولي الذي سيفرض عليها شروطاً قاسية نظير القروض. وفي حالة الاقتراض من السوق المحلي، سيؤثر ذلك على السيولة وبالتالي زيادة التضخم.
الخيارات إذاً صعبة، والكلّ يدرك ذلك، والبعض يبرّرها، فنحن مقبلون على نهاية مرحلة النفط، وهو يومٌ لم نستعد له جيداً، فأضعنا فرصةً تاريخيةً لتنويع مصادر الدخل، أتيحت لنا خلال أربعين عاماً.
لقد كانت ندوةً أكاديميةً باردةً، تناولت موضوعاً ساخناً، لكنها قوبلت بمداخلاتٍ حارّةٍ من قبل الجمهور.
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 4881 - الأحد 17 يناير 2016م الموافق 07 ربيع الثاني 1437هـ
رفع الدعم عن النفط بنسبة 55-60 في المئه
يعني لازال هناك دعم 40 -45 في المئه ..يعني مسمار جحا موجود .. يعني نبشر بالخير ياصباح الخير..
البرودة في ماذا ؟
لم يتطرق الكاتب الى معنى البرودة في مقاله
الغاز للشركات الكبرى (47 في المئة) وماذا عن أبواب الالتهام الكبرى الممنوع الحديث عنها؟
طيب هذه امور نعرفها لكن ماذا عن الامور المسكوت عنها والممنوعة من الاقتراب وهي اكثر بكثير من باقي ابواب الميزانية ؟
الى متى تظل مثل هذه الابواب ممنوع مناقشتها والسفينة بدأت تنحدر لقاع المحيط المتلاطم ؟
هل ستظل السنة الناس خرساء والصراحة مطلوب في ظل الغرق الكبير