من حق أي انسانٍ على هذه الأرض أن يحلم ويخطط لحياته ومستقبله منذ نعومة أظفاره، وأن يرجو حياةً مستقرةً تعينه على العطاء الإيجابي في مجتمعه. أن يختار دراسته الجامعية ووظيفته بما يتناسب ومؤهلاته، ثم يختار شريك حياته كما كان يحلم ويتمنى وبالشروط التي وضعها لنفسه لأنه الأعلم بما يسعده ويريحه بناء على قدراته وما يتمتع به من مزايا وأخلاق تجعله قادراً على الاختيار وإسعاد من يختاره.
كل هذه الحقوق هي للجميع نظرياً، مادمنا ننتمي لمجتمعٍ له حقوقه وعليه واجباته، لكن يبدو أن الأمر ليس كذلك في الواقع؛ إذ تُمْنَع فئةٌ دون غيرها من تحقيق أحلامها في كثيرٍ من المجالات ما يهمني منها هنا هو مجال اختيار شريك الحياة، وما يهمني من هذه الفئات في هذا المقال هم المكفوفون.
فرغم الإمكانات التي يتمتع بها جزءٌ ليس بالقليل منهم خصوصاً لدينا في البحرين، مازالت النظرة لهم ناقصة حين يتعلق الأمر بالزواج. فينسى كثيرون أن جزءاً كبيراً من المكفوفين أنهوا دراستهم الجامعية ووصلوا لما هو أعلى من درجة البكالوريوس، وعملوا وتميزوا في أعمالهم وأثبتوا جدارتهم التي لا تقل عن نظرائهم ممن يعملون معهم في المجالات نفسها، وأن كثيراً منهم يمتلكون مواهب وإنجازات في مجالات متعددة كالموسيقى والحاسوب والهندسة الصوتية والخطابة وغيرها من المجالات التي برعوا فيها وتميزوا، إضافة إلى قدرتهم على التعامل مع غيرهم بشكلٍ راقٍ ومتميز.
لقد حرم الله هؤلاء نعمة البصر، لكنه أعطاهم بصيرة تفوق غيرهم في كثيرٍ من الأحيان، حرمهم رؤية الأشياء بأعينهم، فوهبهم قلوباً متفتحة تلامس مواطن الجمال وتستمتع بها وتنقلها لغيرها، منحهم قدرةً على منح السعادة لغيرهم، ولا أقول هذا من باب التنظير، بل عن تجربةٍ حقيقية عشتها حين ارتبطت بكفيفٍ كان من أميز مكفوفي البحرين، حتى فاق مبصرين في مواهبه وقدرته على التفكير السليم والإحساس بكل ما حوله، ونهمه للقراءة وحبه للعطاء، فكانت تجربةً ناجحةً بكل المقاييس، علمتني الكثير من أمور الحياة وجعلتني أكثر نضجاً وسعادة.
ما جعلني أكتب اليوم مرةً أخرى عن زواج المكفوفين، هو اتصالٌ هاتفيٌّ مفاجئٌ من أحد المكفوفين الذي حاول مراراً أن يتزوج من مبصرةٍ من غير جدوى، رغم أنه متفوقٌ في مجاله العملي والعلمي ويمتلك شهادة جامعية ويتمتع بلباقةٍ في الحديث لمستها منذ بداية اتصاله الهاتفي، إذ تقدم بشكل رسمي لأكثر من فتاة للزواج، وفي كل مرة يكون سبب الرفض هو كف بصره، بعد أن يثني أهاليهن على خلقه ومثابرته.
نحن بحاجة لتثقيف المجتمع تثقيفاً صحيحاً في هذا الجانب، وأن يكفَّ الإعلام عن تصوير ذوي الإعاقة البصرية أو السمعية أو الحركية باعتبارهم إما خارقين عن العادة أو لا يملكون من أمرهم شيئاً؛ كي يعرف المجتمع ما يمكن لهؤلاء فعله مما يستحيل عليهم تلبيته من غير زيادة أو نقصان.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 4881 - الأحد 17 يناير 2016م الموافق 07 ربيع الثاني 1437هـ
الأهل مشكلة في بعض الأحيان
في أحيان كثيرة يكون أهل الكفيف هم مشكلة، وقولي إنهم مشكلة من واقع تجارب عشتها وعاشها أقراني.
أذكر لكم هذه الحادثة وأترك لكم التعليق: عقد أحد المكفوفين الجامعيين العزم على الارتباط، فطلب من أهله البحث له عن مَن تقبل أن تكون شريكة حياة، وللأسف كان الباحثون دائما يبحثون عن مَن تكبره بالسن، بحجة أن الفتيات الصغيرات لن يقبلن، وبعد طول البحث وافقت إحداهن ولكن بعد مقابلة الشخص رفضت، وعللت ذلك بأنها أكبر منه سناً، ونصحت أهله بعدم فرض عليه أمراً لا يرغب فيه، كم من الفتيات تملك الشجاعة لتصنع مثل هذي؟
ونارا لو نفخت بها، أضاءت * ولكن أنت تنفخ في رماد.
نعم أستاذة سوسن، رغم تجارب كثيرة ناجحة لزواج المكفوفين، إلا أن مجتمعنا يتشبث بفكرة سوداوية ويتخذها منطلقا في تعامله مع هذه الفئة!
لقد أسمعتِ لو ناديتِ حيا، * ولكن لا حياة لمن تنادي
رغبة شخخصية
من واقع تجربة : الكفيف وغيره من أصحاب الإعاقات يعانون الأمريّن عند محاولتهم الزواج خصوصاً إذا كان ذلك مبكراً ، فلازال المجتمع لا يتقبل ذلك ولا الفئة المستهدفة من الفتيات يرغبن في الاقتران بصاحب إعاقة إذا كّنَ في سن مبكرة ولا يرفضن إذا تقدم بهن السن شيئاً ما ، وهذا لمسته شخصياً وعايشته ، وهو أمر يحز في النفس وإنْ كنت لا أكترث به ولكن يعكس لي انطباع المجتمع تجاه هذه الفئات.
هم المشكلة
الكفيف وغيره من فئات المجتمع تملك القدرة على إقناع الفتاة التي وقع عليها الاختيار لتكون شريكة حياة ، ولكن أكثر ما يفشل هذا الاقناع هم الأهل بالدرجة الأولى ، والصديقات بالدرجة الثانية ، ثم إن ارتفاع مستوى الثقافة عند البنت اليوم صار عائقاً أمام الكثيرين من مَن يتطلعون للزواج بإكاديمية أو صاحبة أي تخصص ، وهذا أمر اجتماعي مدرك وليس بخاف.
كلام سليم استاذه سوسن ولامسته مع اختلاطي للمكفوفين فيهم القاادر على الاعتماد على نفسه اكثر من السليم بصريا ورايت احد المتزوجين المكفوفين تجربتهم ناجحه كانت جدا ولا يعيقهم عائق واضيف على كلامك ان هنالك فتيات يوافقن بقناعه على الكفيف ولكن اهاليهم لا يوافقون ئق