فاجأ القضاء العسكري اللبناني أمس، الوسط السياسي بقرار إخلاء سبيل الوزير السابق ميشال سماحة المحكوم عليه بالسجن 4 سنوات ونصف السنة لتورطه بنقل متفجرات من سورية إلى لبنان لاستهداف تجمعات وشخصيات سياسية ودينية في شمال لبنان، والذي تعاد محاكمته بعد نقض النيابة العامة التمييزية الحكم الأول في حقه، بكفالة مالية قدرها 150 مليون ليرة لبنانية (100 ألف دولار أميركي)، ما أطلق ردود فعل سياسية غاضبة نعى بعضها القضاء العسكري، واعتبرت القرار «تشجيعاً على الجريمة» ، وفق ما نقلت صحيفة "الحياة" اليوم الجمعة (15 يناير / كانون الثاني 2016).
وقال سماحة الذي أفرج عنه عصراً وعاد إلى منزله مساء، إنه سيلتزم قرار المحكمة الذي منع عنه الكلام في القضية، لكنه سيزاول عمله السياسي وأعماله الأخرى كالمعتاد وإن وجوده في السجن «كان سياسياً». وبدا عليه التوتر والحدة حين أجاب مراسل محطة «إم. تي. في.» الاتي يملكها آل المر قائلاً: «لن أتكلم في القضية. وأقول لك أنت بالذات إنه مهما تكلمت فإن محطتك لن تتغير».
وتشكل قضية سماحة أحد مواضيع الانقسام الحاد في لبنان بين قوى 14 آذار وقوى 8 آذار (و «حزب الله»)، التي دعت إلى الإفراج عنه منذ سنوات، بعد توقيفه من قبل فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي في 9 آب (أغسطس) 2012، استناداً إلى تسجيلات بالصوت والصورة، أثناء نقله عبوات متفجرة جاء بها من سورية، من سيارته إلى سيارة عميل وشى به إلى الجهاز الأمني، لاستخدامها في عكار ضد تجمعات وشخصيات سياسية ودينية أثناء مآدب رمضانية. وأشرف على عملية القبض على سماحة في حينها، وعلى التحقيقات الأولية معه اللواء وسام الحسن، الذي اغتيل لاحقاً في 19 تشرين الأول (أكتوبر) 2013. ووردت في التسجيلات أسماء رئيس الاستخبارات العسكرية السورية اللواء علي المملوك والرئيس بشار الأسد على أنهما على علم بمخطط التفجير، إلا أن المحكمة العسكرية ارتأت محاكمة سماحة لوحده بعد فصل قضيته عن التهمة الموجهة للمملوك بالتورط في القضية، كما ورد في القرار الظني. وأثار حكم محكمة البداية الأول في 13 أيار (مايو) 2015 على سماحة بالسجن 4 سنوات ونصف السنة، موجة اعتراضات واسعة ونقضته النيابة العامة التمييزية فأعيدت القضية إلى محكمة التمييز العسكرية التي وافقت أمس بإجماع أعضائها على طلب إخلاء سبيله، بكفالة مالية عالية مع منعه من السفر ومن الإدلاء بتصريحات عن القضية إلى حين انتهاء المحاكمة.
وأثار الإفراج عن سماحة موجة عارمة من الاعتراضات، فقال زعيم تيار «المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري: «نشعر بالقرف من عدالة منقوصة وبالخوف على أمن اللبنانيين طالما ستبقى الأبواب مفتوحة للمجرمين للهروب من الحكم العادل». ورأى أن «اللبنانيين في كل الأحوال حكموا على ميشال سماحة بأنه مجرم أوقف بالجرم المشهود. ونخشى أن يكون القرار وصمة عار في جبين القضاء العسكري».
واعتبر رئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط في القرار «طعناً عميقاً في العمل الجبار الذي قامت وتقوم به الأجهزة الأمنية في مكافحة الإرهاب»، وقال إنه «تشريع للجريمة، إن لم يكن تشجيعاً لها».
أما وزير العدل أشرف ريفي فقال: «أجد نفسي مضطراً لأن أنعى المحكمة العسكرية إلى الشعب اللبناني. إنه تمييز بين إجرام تعتبره صديقاً وإجرام تعتبره عدواً»، واصفاً القرار بأنه «مشبوه». وأعلن وزير الداخلية نهاد المشنوق أنه «سيكون لنا موقف أعلى بكثير ممّا يظن زبانية تبرير القتل والتفجير من قبل النظام السوري».
واستهجن رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع القرار وقال: «بئس هذا الزمن. لكننا لن نرضخ وإننا كل شيء فاعلون حتى الخروج منه الى زمنٍ أفضل. إنه يوم أسود...».
وقطع شبان غاضبون على القرار طريقي قصقص- البربير- كورنيش المزرعة- المحكمة العسكرية في غرب بيروت مساء بإشعال الإطارات ومستوعبات النفايات. وينتظر أن تقوم المنظمات الشبابية لقوى 14 آذار بتحرك اليوم، فيما اجتمعت قيادات في التحالف لبحث خطواته.
ومساء، رد رئيس كتلة نواب «حزب الله» محمد رعد على ما وصفه بـ «التصريحات الصاخبة والمبرمجة التي تعترض على قرار القضاء»، معتبراً أنها «تعبير عن النكد والكيدية والاستنسابية التي ما انفكّ فريق المصرّحين اليوم يمارسها في السلطة وفي التعاطي مع القضاء والإدارة والمال العام». ورأى أن «موقف المعترضين مزاجيٌ متقلّب بحسب القرارات والأحكام التي قد تناسب مصالحه أحياناً أو تتعارض معها أحياناً أخرى». وأضاف:» بالأمس كان القضاء مرضيّاً عنه حين أخلى سبيل ضالعين في الإرهاب وفي إثارة الفتن، أو حين أخرج من السجون عملاء للعدو الإسرائيلي، أما اليوم فقد أصبح مغضوباً عليه من هؤلاء حين أخلى سبيل الوزير السابق ميشال سماحة بعدما أكمل تنفيذ الحكم الصادر بحقه...».
كما أن الطرف المقابل لا يمثل كل لبنان
..
غضب فريق لبناني
هؤلاء لا يمثلون لبنان لوحدهم .