كان قرار الحكومة رفع الدعم عن النفط مفاجئاً، خصوصاً من ناحية سرعة التطبيق في اليوم الثاني مباشرة، ما شكل صدمة للرأي العام، إلا أن أكثر المصدومين كانوا أعضاء مجلس النواب.

رد فعل الناس الغريزي على الصدمة، تمثّل في اصطفاف طوابير السيارات أمام محطات تزويد الوقود، حيث زاد الطلب من العصر حتى نهاية اليوم على 200 في المئة، سيعقبه طبعاً انخفاض كبير في الطلب خلال الأيام التالية، حتى تفرغ الخزانات. أما النواب فكان رد فعلهم الغريزي تجاه الصدمة، إطلاق التصريحات الاحتجاجية، والتذمر لإخلاف الحكومة وعدها لهم بعدم اتخاذ قرار دون مشاورتهم، إلا أنها اكتفت بالإعلان الصحافي ليأخذوا علماً بالأمر، أسوةً ببقية المواطنين.

النواب يدركون قبل غيرهم ضعف موقفهم، وحين أعلن بعضهم مساء الاثنين عن خطوةٍ سيتخذونها صباح اليوم التالي (جلسة الثلثاء) لم يفصحوا عنها، لم يؤخذ كلامهم على محمل الجد، خصوصاً من جانب الحكومة. وهو ما تكشف عنه واقع الحال، باكتفائهم بإصدار بيان.

ذلك الضعف، كشفته أيضاً تغطية الصحف أمس (الأربعاء) لجلسة المجلس الأخيرة، فإحدى الصحف لم تورد الخبر على الصفحة الأولى بالمرة، بينما اختارت صحيفة أخرى عنواناً للخبر: (جلسة Empty)، واختارته عنواناً ثانياً تحت المانشيت، تصويراً للجلسة بخزّان السيارة الفارغ حين تضيء الإشارة لتعبئتها بالوقود. أما الصحيفة الثالثة فأدرجته في أسفل الصفحة تحت عنوان: «النواب يطالب الحكومة بإعادة النظر في أسعار البنزين»، مع تصريحٍ للوزير عيسى الحمّادي: «الحكومة اتخذت قرارات صعبة لحماية مصالح المواطنين».

صحيفتان اختارتا الخبر مانشيتاً لأهمية الموضوع وتأثيره على الناس، ولكنه لا يخدم في ترميم سمعة النواب أو إعادة هيبتهم التي طالبوا مراراً باسترجاعها. أحد المانشيتين يقول: «طلب استجواب وزيري الطاقة والمالية اليوم... والنواب يرفضون قرار رفع سعر البنزين»، أما الآخر فيقول: «فزعة النواب تخفق في كبح ارتفاع أسعار البنزين». مع إشارات إلى تصريح أحد النواب بأن «إيران أغرقت السوق ببراميل النفط وسبّبت أزمة بالبحرين»، وهو ما يدل على عدم متابعته للأوضاع السياسية، حيث لم يُسمح حتى الآن لتلك الدولة بعد بتصدير نفطها الإضافي، لتغرق الأسواق ببراميل النفط وتسبّب الأزمات لبقية دول العالم.

مضمون التصريح الغريب كان أحد الهاشتاقات النشطة على وسائل التواصل الاجتماعي في الأشهر الأخيرة، التي يوردها أصحابها المغرّدون على «تويتر» من باب التندر والفكاهة، إلا أن تعليق مشاكلنا الداخلية ومصاعبنا الاقتصادية على الآخرين لا يعفينا عن تحمل مسئولياتنا، ولا يوفّر لنا حلولاً تعيننا على مواصلة الحياة في زمن انهيار أسعار النفط في الأسواق العالمية.

قرار رفع أسعار النفط أثار صدمةً لدى الرأي العام، ومع أنه لم يكن قرار ابن ساعته، فقد كان خياراً تم طرحه لأول مرة قبل ثماني سنوات، إلا أنه سبب صدمةً، بسبب السرعة في تنفيذه. عنصر المباغتة هو سبب هذه الصدمة العامة الواسعة، التي دفعت إلى إطلاق هذا الكم الكبير من الانتقادات على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث غلبت عليها الفكاهة والتندّر، فحين يداهمك أمرٌ مباغتٌ على غير ما تهوى، فإما أن تبكي وإمّا أن تضحك على واقع الحال، مادام ليس لديك مجلس نواب يمتلك قوة المجادلة والاعتراض.