في بعض الأحيان يجد المواطن الذي يتقدم بطلب إنجاز بعض المعاملات الرسمية أن معاملته مرتبطة بالموظف المتسلم للمستندات المطلوبة أكثر من ارتباطها بالوظيفة، بمعنى آخر، أن المواطن المتقدم لبعض الوزارات الحكومية لإنجاز معاملته يقف حائراً أمام بعض الإجراءات غير المبررة التي تعطل إنجاز المعاملة إلى أيام بعيدة، فبدلاً من أن تنجز في غضون ساعات قليلة في حال اكتمال كل متطلباتها الرسمية تؤخر إلى مدد طويلة تصل في بعض الأحايين إلى أكثر من شهر من دون أن تكون هناك أسباب منطقية لعدم إنجازها في وقت أقل، لماذا؟

لأن المواطن يجد أن الموظف الذي يتسلم معاملته بمستنداتها الرسمية اللازمة، لا يعطيه ما يثبت أنه تسلم منه كل الأوراق الخاصة بالمعاملة أو بعضها، وفي الوقت نفسه يطلب منه، ونقصد الموظف، مراجعة قسم آخر بعد أيام بخصوص معاملته، وعند مراجعة صاحب المعاملة للقسم المعني يجد أحيانا صعوبة في البحث عن معاملته؛ لأنه لا يمتلك ما يثبت رسميّاً أنه قد سلم المعاملة بكل متطلباتها الرسمية، لم يعط رقم لمعاملته ولا بطاقة تعرف من خلالها نوعها وتاريخ تقديم الطلب، ولم يعرف اسم الموظف الذي تسلمها، فإذا فقدت معاملته، أو قيل له بعدم وصول معاملته، ورجع إلى الموظف الذي تسلم منه المعاملة من دون إثبات رسمي بذلك، لإخباره بعدم وصول المعاملة للقسم الذي طلب منه مراجعته، فإذا صادف في ذلك اليوم غياب الموظف عن العمل لأي سبب من الأسباب، فإن الموظف البديل سيقول له بكل بساطة إنه لن يستطيع عمل أي شيء بخصوص الطلب الذي قدمه، وإن الذي يستطيع ذلك هو الموظف الذي تسلم منه المعاملة، يعني ذلك أن معاملته لن تنجز إلا بعودة الموظف الغائب إلى عمله، بحجة أن كل المعلومات الخاصة بمعاملته عند الموظف الغائب، بالإضافة إلى أن الموظف البديل قد يقول للمواطن إنه لا يدري أين وضع الموظف الغائب المعاملة، فكأن المعاملة لا تتحرك من مكانها ولا تنجز إذا ما توافرت لها كل متطلباتها الرسمية، وأن إنجازها مرتبط بوجود الموظف الذي تسلم المعاملة، والأدهى من كل هذا وذاك، إذا ما سأل المواطن الموظف البديل، متى سيعود الموظف الغائب؟ يرد عليه أنه لا يدري متى يداوم في عمله، لكنك يمكنك مراجعته بعد يومين أو ثلاثة.

وهو يعلم أن المواطن إذا كان موظفًا يصعب عليه الخروج والاستئذان مرات عدة من عمله بحجة مراجعة هذه الجهة الرسمية أو تلك بخصوص معاملته، وإذا ما طلب من الموظف البديل أن يعطيه وسيلة للاتصال ليتمكن من خلالها التواصل مع الموظف الغائب، يقول له إذا عاد هو سيتصل بك، وينتظر المواطن أياماً من دون أن يصل إلى نتيجة إيجابية، ولم يتصل الموظف به كما قيل له، أليس ما يحدث في بعض الوزارات من تأخير إنجاز معاملات المواطنين بسبب تغيب هذا الموظف أو ذاك، أليس ربط إنجاز المعاملة بالموظف وليس بالوظيفة يحتاج من الجهات المعنية النظر إلى هذه المسألة بعين الاهتمام لمعالجتها؟

لا يخفى على الجميع محدودية مواقف السيارات في المنطقة الدبلوماسية، والكل يعلم أن المواطن إذا ما أراد إنجاز معاملة معينة في إحدى الوزارات الواقعة في هذه المنطقة يصاب بدوار في رأسه، حتى يحصل على موقف مدفوع الأجر لسيارته، فالمواطن يمكن أن يكون من كبار السن أو من مرضى السكري والسكلر وذوي الاحتياجات الخاصة، لا يتحمل في كل يوم يعيش هذه المعاناة القاسية، فلو ربطت الوزارات المقصودة إنجاز المعاملة بالوظيفة ولم تربطها بالموظف لأراحت واستراحت، ولقلصت المدة المخصصة لإنجاز المعاملات إلى مدد قصيرة تتناسب مع متطلبات عصر التكنولوجيا والحكومة الإلكترونية، الذي تنجز فيه المعاملات من دون أن يعيش المواطن في معاناة الذهاب والإياب مرات كثيرة، ومن غير أن يحتاج إلى الخروج من عمله في كل يوم من أجل تخليص معاملته في الوزارة أو تلك، بالتأكيد لا نتحدث عن الوزارات التي تنجز معاملات المواطنين بالوسائل الإلكترونية وفي وقت قياسي، وإنما نتحدث عن الوزارات التي مازالت تستخدم الآليات القديمة في إنجاز معاملات المواطنين الرسمية، على رغم وجودها ضمن مشروع الحكومة الالكترونية، وعلى رغم أن عدد موظفيها يزيد على حاجتها الفعلية، نأمل أن تلتفت الجهات المعنية إلى هذا الموضوع، لما له من أهمية قصوى للجانبين، المواطن والجهات الرسمية المعنية.