العدد 4877 - الأربعاء 13 يناير 2016م الموافق 03 ربيع الثاني 1437هـ

قصة النفط هل تكتب نهايتها

رملة عبد الحميد comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

لا نعلم لماذا يشير بلغريف إلى قصة ظهور النفط في الخليج على أنها «قصة بائسة»، وعلى رغم ذلك، فإنَّ المؤرخ الاقتصادي لونج مج يراها منقذًا بقوله: «ليس هناك مجتمع أو حكومة انتشلت بصدفة، في وقت مناسب من كارثة اقتصادية كما حصل للبحرين سنة 1932».

لقد أطلت الأزمة الاقتصادية العالمية (1929) بظلالها الثقيل على البحرين، وخلفت كسادا اقتصاديا استمر حتى العام 1932، إذ لم تجد تجارة اللؤلؤ منفذاً لها في الهند أو أوروبا، فقد انخفض دخل البحرين في تلك السنة من 8200 إلى 500 جنيه إسترليني، ولم يكن بمقدور الحكومة دفع المرتبات، ما جعلها تزيد من الضرائب الجمركية بمقدار الضعف على البضائع التجارية. فجاء النفط ليكون منقذاً للوضع الاقتصادي المتردي في البحرين، إذ بدأ إنتاجه يتزايد بشكل كبير ووصل إلى مليون طن العام 1935م، ما جعله يساهم بنسبة 60 إلى 65 في المئة من دخل الحكومة العام 1940.

قصة ظهور النفط في البحرين لا تختلف كثيراً عن جاراتها من إمارات الخليج. ويعتقد أن الفضل في اكتشاف النفط في البحرين يرجع إلى مواطن نيوزلندي يدعى فرانك هولمز. وقد قدم هولمز إلى البحرين على رأس وفد لشركة بريطانية متخصصة في التنقيبات عن الآبار الارتوازية. وبعد الحفريات التي أجراها هولمز تلمس إمكانية وجود النفط وبكميات تجارية، الأمر الذي دفعه لمحاولة إقناع شركات النفط البريطانية بالتنقيب عن النفط في البحرين، إلا أن محاولاته باءت بالفشل، لكنه لم ييأس إذ كان يقول «إني لا أعترف بما توصلتم إليه، فأنا أشم رائحة النفط هنا بأنفي هذا» فاتجه نحو الشركات الأميركية. وبعد إبرام الاتفاقية مع شركة ستاندر للنفط في كاليفورنيا «Standard Oil of California» قدم إلى البحرين فريق النفط حاملاً معه ألف طن من معدات الحفر، وفي صبيحة (الأول من يونيو/حزيران العام 1932)، تدفق النفط لأول مرة في البحرين من عمق 912 م، وبعدها غادرت أول شحنة نفط ميناء سترة في (7 يونيو للعام 1934) متوجهة إلى يوكوهاما في اليابان، وقد بقي النفط يصدر خاماً حتى العام 1936، حين تم إنشاء مصفاة نفط البحرين.

وبطبيعة الحال ارتفعت موازنة حكومة البحرين بعد العام 1933، وبالتالي تضاعفت المخصصات المالية للإدارات العامة والخدمات المحلية، واندثرت صناعة الغوص وتقلص الإنتاج الزراعي، ونمت التجارة بشكل كبير، اذ زادت الوكالات التجارية في المجتمع البحريني، وخاصة القائمة على تجارة الكماليات والمواد الغذائية، كما وفر النفط وظائف مستقرة برواتب ثابتة ومرتفعة نسبيًّا لعدد كبير من أبناء البحرين، فانعكس ذلك بشكل ايجابي على حياتهم الاقتصادية والاجتماعية. لكن ما يؤخذ على النفط وظهوره في هذه الفترة المبكرة وبصورة مفاجئة، أنه لم يترك الفرصة أمام المجتمع للتحول إلى مجتمع صناعي فعال، إنما أغرقه في رفاهية اجتماعية سريعة وفجوة عميقة بين الجهد والمردود، فابتعد الفرد عن المشاركة الاقتصادية الحقيقية، معتمدًا بذلك على الحكومة التي بنت اقتصادها على الاقتصاد الريعي القائم على تصدير سلعة واحدة هي النفط، وهذا في حد ذاته يحمل مستقبلاً اقتصاديّاً مرتبطاً بالنفط.

اليوم يشهد سعر برميل النفط انتكاسة كبيرة، مؤذنًا بانتهاء قصته، فهل ما عشناه طيلة خمسين عامًا كان قصة لابد لها من نهاية؟ لكن ما يقلقل الناس حقًّا هو ما هو البديل؟ وكيف ستكون أوضاعنا، وهل ننتظر ظهور قصة أخرى تنتشلنا؟

إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"

العدد 4877 - الأربعاء 13 يناير 2016م الموافق 03 ربيع الثاني 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 2:46 ص

      شكراً لك من اعماق قلبي

      فعلاً ما خطته اناملك هو هاجس كل بحريني
      والله يستر من الا جاي وينتظرنا
      ونحن نحمدالله على كل حال وقبل كل شيء

    • زائر 2 | 11:37 م

      اهم ما في هذا التذكير والتنبيه (كيف ستكون اوضاعنا) وهذا سؤال مهم جدا يريد اجابة الوطنيين الغيورين المحبين للوطن ؟؟

      لكن ما يقلق الناس حقًّا هو ما هو البديل؟ وكيف ستكون أوضاعنا، وهل ننتظر ظهور قصة أخرى تنتشلنا؟
      شكرا على هذه اللفته والتنبيه والانذار ؟ وكيف نجتاز هذه الازمة وعدم تكرارها في المستقبل ، والمعلوم ان كثيريين من المواطنين يفكرون نفس التفكير لكن الكاتبة استطاعت بقلمها ان تطلق جرس انذار ، وعلى جميع الغيورين على الوطن امثالها ان لا يتساهل ويبسط الامر فالامر خطير ولا يمكن التغافل عنه .
      وشكرا للوسط واسرتها الغيورة المحبة للوطن .

    • زائر 1 | 9:35 م

      بحرينيه وافتخر

      سلمت اناملك يابنت ديرتي وفقت في اختيار عنوان المقال والاسلوب السلس ونحن بالانتظار معكي لقصه جديده تنتشلنا والا سنضطر للتعود عل الحياة القادمه التي تحمل الكثير من المفاجئات

اقرأ ايضاً