قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم الأربعاء (13 يناير/ كانون الثاني 2016) إن جماعات مسلحة من التركمان الشيعة والأكراد كررت إيذاء المدنيين وتعريضهم للخطر في اشتباكات في قضاء طوز خورماتو في محافظة صلاح الدين في العراق منذ أكتوبر/تشرين الأول 2015. الجماعات المسلحة قتلت وجرحت وخطفت مدنيين ودمرت عشرات – إن لم يكن مئات – المنازل والمحلات التجارية.
قال نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش جو ستورك: "بعض المتورطين في الصراع الدائر في طوز خورماتو يستهدفون المدنيين على أساس الهوية العرقية على ما يبدو. نفذوا أعمال قتل واختطاف وتدمير ممتلكات على نطاق واسع، دون عقاب على الإطلاق".
في البحث عن الأحداث في طوز خورماتو، تحدثت هيومن رايتس ووتش عبر الهاتف مع قائمقام المدينة، ومع قيادي في قوات "الحشد الشعبي" هناك، ومع مسؤول في حزب سياسي كردي، وأجرت مقابلة شخصية مع زعيم عشائري عربي ومع محام من البلدة. كما تحدثت هيومن رايتس ووتش – شخصيا وعبر الهاتف – مع 13 شاهدا على أحداث العنف.
بعد انفجار سيارة مفخخة قتل على الأقل مدنيَّين اثنين وجرح عددا آخر في طوز خورماتو على بعد 80 كيلو مترا جنوب كركوك، في 22 أكتوبر/تشرين الأول 2015، اعتقل – تعسفيا – مقاتلون تركمان شيعة من قوات الحشد الشعبي، المدعومة من الحكومة العراقية، على الأقل 150 من العرب السنة سكان البلدة. رغم إطلاق سراح معظمهم في غضون أيام، قال بعض المختطفين لـ هيومن رايتس ووتش إنهم شاهدوا أو تعرضوا للتعذيب ويعتقدون أن ما بين 8 و34 من المُختَطَفين قُتلوا وأن 50 آخرين لا يزالون محتجزين.
تصاعدت الاشتباكات العرقية بشكل كبير بعد تفجير السيارة الملغومة في 22 أكتوبر/تشرين الأول.
بعد تبادل لإطلاق النار بين قوات البيشمركة الكردية وقوات الحشد الشعبي من الشيعة التركمان عند نقطة تفتيش في 12 نوفمبر/تشرين الثاني، دارت معركة مسلحة بين الطرفين حول مستشفى طوز خورماتو العام. قتل على الأقل 3 أشخاص، بينهم طبيب، وفقا لثلاثة شهود تحدثوا إلى هيومن رايتس ووتش. لكن أحد الشهود وسكان بدا أنهم على علم جيد بالحادث، قالوا إن عدد القتلى المدنيين ربما يكون أكبر. بعد الاشتباك استعانت الجماعات المسلحة الكردية والجماعات المسلحة التركمانية بسكان البلدة المسلحين، كل من جماعته العرقية، لخطف أعضاء الطرف الآخر، ونهب وحرق منازلهم ومحلاتهم التجارية وسياراتهم.
طوز خرماتو، التي يقطنها خليط سكاني من أكثر من 100 ألف من الأكراد والتركمان والعرب، هي إحدى نقاط العنف الطائفي الملتهبة منذ فترة طويلة. شهدت المنطقة اشتباكات خلال الانتفاضة الكردية في 1991، وأصبح العنف الطائفي من مفردات الحياة هناك منذ سقوط نظام صدام حسين في 2003. طوز خورماتو- مدينة وقضاء- من المناطق المتنازع عليها بين الحكومة المركزية في بغداد وحكومة إقليم كردستان في أربيل.
بدءا من سبتمبر/أيلول 2014، طردت البيشمركة الكردية والأسايش (الشرطة السياسية الكردية) جنبا إلى جنب مع قوات الحشد الشعبي، تنظيم "الدولة الإسلامية" المتطرف الذي يعرف أيضا باسم "داعش"، من منطقتي سليمان بيك وآمرلي، جنوب طوز خورماتو مباشرة. نهبت الميليشيات الشيعية، في المقام الأول، وحرقت ودمرت العديد من قرى العرب السنة المحيطة بطوز خورماتو، في حين سيطر البيشمركة على طوز خرماتو. قال عدد من السكان إن مقاتلين من قوات الحشد الشعبي، التي تتألف من أعضاء "منظمة بدر" بقيادة عاطف النجار، و"عصائب أهل الحق" بقيادة الشيخ علي، و"كتائب حزب الله" بقيادة أحمد تشايرلي، تحركت بحرية داخل المدينة والمناطق المتاخمة من الجنوب الغربي.
محام عربي و3 قرويين عرب انتقلوا إلى طوز خورماتو بعد سيطرة داعش على قراهم في منتصف 2014، قالوا لـ هيومن رايتس ووتش إن التصاعد الأخير في أعمال العنف والاعتقالات يأتيان بعد أكثر من عام على حوادث اختطاف متفرقة للعرب السنة على يد الحشد الشعبي في منطقتي سليمان بيك وآمرلي المحيطتين بطوز خورماتو.
القتل العمد للمقاتلين الأسرى والمدنيين المحتجزين والتعذيب وغيره من أشكال إساءة المعاملة للمحتجزين، والسلب والنهب والتدمير غير المبرر للممتلكات المدنية انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي، ارتكبها جميع أطراف القتال في العراق.
في 7 أبريل/نيسان، ضم مجلس الوزراء العراقي رسميا قوات الحشد الشعبي إلى صفوف قوات الدولة تحت قيادة رئيس الوزراء حيدر العبادي، بوصفه قائدا أعلى للقوات المسلحة. بهذه الخطوة، أضفت الحكومة الصبغة الشرعية على هذه القوات، من الناحية القانونية، وأصبحت مسؤولة عن أعمالها.
قال قائمقام بلدية طوز خورماتو، شلال عبدول، لـ هيومن رايتس ووتش إنه لم تجر أي تحقيقات، وما من أحد حُمِّل مسؤولية عمليات القتل والاختطاف التي حدثت مؤخرا في طوز خورماتو.
هيومن رايتس ووتش تكرر توصيتها للحكومة العراقية باتخاذ خطوات فورية لإنشاء مركز فعال للقيادة وسيطرة على قوات الحشد الشعبي وغيرها من الميليشيات الموالية للحكومة، وحل تلك التي تقاوم سيطرة الحكومة. على الحكومة أن تضمن أيضا توقيع العقاب المناسب لأفراد المليشيات المتورطين في انتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي وتقديمهم لمحاكمة عادلة. كما تشمل المحاكمات المسؤولين العسكريين والمدنيين المسؤولين عن الانتهاكات التزاما بمبدأ مسؤولية القيادة.
قال ستورك: "طوز خورماتو شرارة كافية لإشعال أعمال الاختطاف والقتل والتدمير ضد الجماعات العرقية. على السلطات المحلية أن تتخذ خطوة أولى مهمة لمنع الانتهاكات الجماعية من خلال محاكمة المسؤولين، من جميع الأطراف، الذين يتحملون الجانب الأكبر من المسؤولية عن الانتهاكات الخطيرة".