قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن على مجلس النواب (البرلمان) المنتخب حديثا في مصر تعديل أو إلغاء العديد من القوانين التعسفية التي أصدرها الرئيس عبد الفتاح السيسي وسلفه، عدلي منصور، منذ أطاح الجيش بالرئيس محمد مرسي في يولو/تموز 2013.
هذه القوانين تحظر فعليا، من بين أمور أخرى، التظاهر وتُشرّع السلطات الاستثنائية التي تتمتع بها الشرطة، وتوسع الولاية القضائية للمحاكم العسكرية على المدنيين، ما أدى إلى سجن الآلاف.
قال نديم حوري نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "على المشرعين المصريين الجدد الاضطلاع بدورهم رقيبا على السلطات القاسية التي مارسها قادة البلاد منذ 2013. هذه المراجعة البرلمانية يمكن أن تقدم بصيصا من الأمل في استعادة حقوق الإنسان في مصر".
الدستور المصري يمهل البرلمان الجديد، ذا الغرفة الواحدة، الذي انعقد في 10 يناير/كانون الثاني، 15 يوما فقط للنظر في مئات القرارات بقوانين التي أصدرها رئيس الجمهورية منذ 2013.
ينص الدستور على أن القرارات بقوانين التي أصدرها رئيس الجمهورية "يتم عرضها ومناقشتها والموافقة عليها خلال خمسة عشر يوما من انعقاد المجلس الجديد". وأذا لم يقرها المجلس "زال بأثر رجعي ما كان لها من قوة القانون".
تشعر هيومن رايتس ووتش بقلق بالغ، على وجه الخصوص، إزاء 5 قوانين. البرلمان الجديد مدعو أن ينظر، قبل كل شيء، في إلغاء القوانين التي تحظر التظاهر وتوسع اختصاص المحاكم العسكرية، وكتابة تشريع يلغي جميع أحكام السجن الصادرة بموجب هذه القوانين.
قانون التظاهر، الصادر في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2013، يعطي فعليا وزارة الداخلية، بناء على أسس غامضة، حرية حظر أي احتجاج، ويسمح للشرطة بتفريق المتظاهرين بالقوة عند أدنى مؤشر على الفوضى. استخدمت السلطات تهمة المشاركة في تظاهرة غير قانونية، التي غالبا ما تقترن بغيرها من التهم، لسجن الآلاف.
قانون القضاء العسكري، الصادر في 27 أكتوبر/تشرين الأول 2014، وضع جميع "المنشآت العامة والحيوية"- من الكهرباء والغاز والمنشآت النفطية، حتى خطوط السكك الحديدية والطرق- ضمن اختصاص المحاكم العسكرية لمدة عامين، ووجه النيابة العامة بإحالة أي جرائم في تلك الأماكن على نظيرتها العسكرية.
تنظر المحاكم العسكرية قضايا نحو 4 آلاف شخص، صدرت في بعضها أحكاما، منذ أقر السيسي هذا القانون بقرار رئاسي، وفقا لتقارير وسائل الإعلام والمنظمات المصرية.
تعمل المحاكم العسكرية في مصر تحت سلطة وزارة الدفاع، لا السلطات القضائية المدنية. دأبت المحاكم العسكرية على حرمان المتهمين من الحقوق التي تمنحها المحاكم المدنية، بما فيها حق المتهم في إخطاره بالتهم الموجهة إليه، والحق في التواصل مع محام، وسرعة العرض على قاض بعد القبض عليه.
قانون آخر أن يفسح المجال أمام الانتهاكات الحقوقية هو قانون مكافحة الإرهاب الصادر في 15 أغسطس/آب 2015، الذي توسع في تعريف الإرهاب ليشمل العصيان المدني. يفرض القانون عقوبات على الصحفيين الذين ينشرون أخبارا تخالف البيانات الرسمية، ويوسع سلطة النيابة العامة في احتجاز المشتبه بهم دون مراجعة قضائية، وإصدار أوامر مراقبة واسعة النطاق – يحتمل أن تكون غير محددة المدة – للمشتبه في صلتهم بالإرهاب، دون أمر من المحكمة.
كما صدر قانون يهدف إلى الحد من التمويل الأجنبي، بقرار رئاسي في 21 سبتمبر/أيلول 2014، عدل نص قانون العقوبات لمعاقبة من يتلقى تمويلا أجنبيا في بعض الحالات بالسجن المؤبد، أو حتى الإعدام. منظمات مصرية مستقلة غير حكومية تعتبر هذا التعديل تهديدا خطيرا لعملها.
صدر، أيضا، قرار جمهوري في 26 سبتمبر/أيلول 2013 بتعديل مدة الحبس الاحتياطي في قانون الإجراءات الجنائية لتزيد إلى 45 يوما قابلة للتجديد، قبل المحاكمة، خلال استئناف الحكم، أو انتظار إعادة المحاكمة.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن على البرلمان الجديد رفض إقرار هذه القوانين أو إقرار تشريع يتماشى مع المعايير الدولية مكانها. على البرلمان المصري أيضا تعديل الدستور ليحظر محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية، والتأكد من أن هذا التشريع ينطبق بأثر رجعي على جميع المدنيين المحكوم عليهم أمام المحاكم العسكرية وما زالوا رهن الاحتجاز، وينبغي الإفراج عنهم.
قال حوري: "على المشرعين المصريين الجدد ممارسة مهامهم على أكمل وجه، والتحلي بالشجاعة للدفاع عن الحقوق الأساسية للمواطنين".
دستورية القرارات الجمهورية بقوانين منذ يوليو/تموز 2013 لا تزال غير محسومة. شكك بعض المحامين وغيرهم من الخبراء القانونيين في شرعيتها.
لم يدخل الدستور الحالي حيز التنفيذ إلا منذ يناير/كانون الثاني عام 2014، بعد مرور نحو 6 أشهر على إطاحة السيسي بمرسي، أول رئيس منتخب للبلاد بحرية. منصور، الذي عينه السيسي رئيسا مؤقتا، حل البرلمان بعد ذلك بوقت قصير.
يرى بعض المسؤولين والخبراء أنه ليس بوسع البرلمان الجديد مراجعة القرارات الصادرة في الفترة بين الإطاحة بمرسي في يوليو/تموز 2013 وإقرار الدستور الجديد في يناير/كانون الثاني 2014، وهي الفترة التي كانت تدار فيها مصر بإعلان دستوري خاص أصدره منصور.
صرح وزير الشؤون القانونية ومجلس النواب مجدي العجاتي لجريدة "الأهرام"، يوم 6 يناير/كانون الثاني، أن سلطة البرلمان في مراجعة القوانين بأثر رجعي لا تنطبق إلا على القرارات الصادرة بعد إقرار الدستور الجديد. لكنه قال إن على البرلمان مراجعة جميع القرارات الصادرة منذ يوليو/تموز 2013 "كإجراء احترازي".
الدستور الحالي يعطي الرئيس سلطة إصدار "قرارات بقوانين" في حال "إذا حدث في غير دور انعقاد مجلس النواب ما يوجب الإسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير". لكن لم يبت القضاء المصري في إذا ما كانت قرارات منصور أو السيسي استوفت هذا الشرط.
لمزيد من التفاصيل حول بعض القوانين التي سنت من خلال مراسيم رئاسية وتقيد حقوق الإنسان ومعلومات عن البرلمان الجديد، يرجى قراءة ما يلي أدناه.