مقارنة ظالمة ومتحيزة يمكن أن تكون حين نقارن ما كنا عليه قبل خمسين سنة وما وصلنا إليه اليوم، البعض ممن عايش تلك الفترة يسميها بـ «الزمن الجميل»، فيما الأجيال الحالية لا تفهم هذا المعنى وربما تسمي في المستقبل ما نعياشه اليوم بالتسمية نفسها.
ربما سيقول من يعيش طفولته ومراهقته في 2016 فيما بعد لأبنائه وأحفاده إننا عشنا في زمن كنا فيه فقراء لكننا كنا بسطاء، لم
نمتلك فيه هذه التقنيات العالية في التكنولوجيا لكننا كنا سعداء، كنا نلعب بالأجهزة التي كانت تسمى حينها بالهواتف الذكية ولم نعرف ألعابكم الحالية، زمن كانت الطبيعة فيه لاتزال تحتفظ ببعض بكارتها، ويمكن مشاهدة البحر في عدد من الأماكن التي لم تكن مسيجة أو ممنوع الوصول إلها حينها.
لا أحد يعلم بما يخبئه المستقبل لأبنائنا وأحفادنا، لكن هل يحق لنا نحن من ولدنا قبل 60 أو 50 أو 40 سنة ماضية، أن نقول إننا قد عشنا في فترة ما «الزمن الجميل»؟ ... أعتقد ذلك.
لقد عشنا في فترة من حياتنا لا نعرف فيه إن كان أصدقاؤنا هم من مذهبنا أم من مذهب آخر، ولم يكن ذلك يهمنا على الإطلاق، وعلى رغم المحظورات المذهبية تمكن المحبون من كلا المذهبين أن يتزوجوا وأن ينشئوا أسراً سعيدة، وأن ينجبوا أبناء مختلطين في غاية الروعة والجمال... لقد عشنا فترة من الزمن أسرة واحدة دون ضغائن أو أحقاد يعطف فيه الغني على الفقير، ويحترم فيه الصغير الكبير، مزارعنا تمتد على مرمى البصر، والبحر يضرب بأمواجه الهادئة جدران منازلنا، ونهيم في البراري لصيد الطيور أو الكلاب الصغيرة لمجرد اللعب، ونسبح في «العيون» المنتشرة في كل مكان.
لقد عشنا في زمن عمالقة السياسة والفن والأدب والمسرح والغناء في العالم العربي، والذين مازالت أعمالهم خالدة حتى اليوم، لقد عشنا في زمن جمال عبدالناصر، وتربينا على كتب سلامة موسى وروائع الأدب العالمي، وسهرنا نستمع لأغاني أم كلثوم، وضحكنا كثيرا لمسلسل درب الزلق... سنوات من التميز في السياسة والفن والأدب انتهت مع حلول حقبة التسعينات، ومن سيطلع على الصور القديمة من تلك الحقبة للمدن العربية والإسلامية، سينبهر حتماً لما كان عليه الناس حينذاك فالشوارع والسواحل نظيفة والنساء والرجال في غاية الأناقة تبدو عليهم السعادة؛ لأنهم كانوا يشعرون بأن تلك الفترة كانت فترة تنمية الدولة الخارجة توًّا من الاستعمار الأجنبي والأنظمة الاستبدادية وبناء الإنسان العربي.
في المقابل، لا أظن أن عربيا سيذكر السنوات العشرين الماضية بمثل هذا الحنين والشوق للرجعة للماضي، إنها السنوات العشرون العجاف التي رجعنا فيها إلى قرون سابقة، فعلى رغم التطور الظاهري في المباني والفنادق وناطحات السحاب، وعلى رغم امتلاك الأغلبية لأحدث الأجهزة الإلكترونية، فإن الإنسان العربي يشعر بأن كل ذلك ما هو إلا عمليات تجميل ترقيعية لمجتمعات قد هرمت قبل أن تشب.
إقرأ أيضا لـ "جميل المحاري"العدد 4875 - الإثنين 11 يناير 2016م الموافق 01 ربيع الثاني 1437هـ
هل نتحد في جمعيات سياسية ونعيد الثقة لأبناء البحرين جميعاً
كلامك صحيح يا استاذ جميل 100% ، ودائما كنت أحدث اصدقائي وزملائي في العمل الذين لم يعاصروا تلك الفترة عن ذلك الزمن الجميل ، قبل أن يأتينا المطاوعة من كل المذاهب وتأتينا ما تسمى زورا وبهتانا بالصحوة ، نعم أنها صحوة الكراهية والحقد والتكفير والقتل على الهوية وتوزيع بطاقات الجنة والنار من قبل المستحوذين على منابر المساجد والجوامع والفضائيات وبقية وسائل الإعلام فماذا جنينا من هذه الصحوة غير الدمار والخراب ، وما موجة الآلحاد التي بدأت تنتشر بين اوساط بعض الشباب الا بسببهم ، فإنا لله وانا إليه راجعون .
نعم عشنا كذلك اخوة متحابّين الى أن جاء المدّ الآخر الذي يفرّق بين المرء وزوجه وبين الأخ وأخيه يكفّر هذا ويسفه معتقد ذاك.
الفكر الذي يشكو العالم كله من تغلغله في افكار بعض الشباب والذي لم يدخل بلدا الا دمّره
الكل يريد إرجاع الزمن الجميل الذي لا أحد يهمه مذهب الثاني عشنا جميعاً متشاركين في كل شئ في الدراسة في العمل في الفرجان حتى في النضال السياسي حتى في المظاهرات لدعم فلسطين حتى أقحمنا مذاهبنا في حياتنا السياسية ولم نتشارك في العمل السياسي وجعلنا مذاهبنا تفرقنا
كان بالامكان
لو قدر لأهل البحرين ان يستفيدوا من خيراتهم هل كان الامر سيصل الى ما وصلنا اليه.. امور كثيرة خاطئة ارجعتنا للوراء لم يكن لنا دخل فيها
دمرت المزارع والسواحل والبحر والغالبية سرقت وذا الإرهاب المسكوت عنه الذي جلب على البلد الويلات ناهيك التجنيس خارج القانون والعشوائي وإحلال الغريب مكان القريب وآتية المصائب في الطريق.
لقد هرمنا
هرمنا قبل الشباب
و ومتنا قبل الأوان
ودخلنا النار ونحن من اهل الجن