العدد 4875 - الإثنين 11 يناير 2016م الموافق 01 ربيع الثاني 1437هـ

من «الصحيفة» إلى المراحل التي مرَّت بها مصادر الثروة وأبواب صَرْفها

«مدخل إلى الاقتصاد السياسي الإسلامي» لوليد نويهض...

وليد نويهض
وليد نويهض

في كتاب «مدخل إلى الاقتصاد السياسي الإسلامي»، للباحث والكاتب اللبناني وليد نويهض، محاولة للوقوف على الملامح الأولى لواحد من أهم التنظيمات الأساسية لقيام الكيانات، سواء كانت دولاً أو جماعات أو أفراداً.

الوقوف ذاك، فيه محاولة لفهم جانب من أسباب القوة والضعف في الوقت نفسه. القوة من حيث الرشْد والسلامة في ذلك التنظيم، وتوظيفه في تقوية الكيان، وتوفير حال من الاستقرار من جهة، والاستقلال من جهة ثانية، ولا يتحقق ذلك إلا إذا خضعت الثروات ومصادر الدخل إلى التنويع من جانب، والترشيد، من جانب آخر.

تركِّز مساحات كبيرة من الكتاب على قراءة واستعراض الفقرات (البنود) التي احتوتها صحيفة المدينة (الدستور) التي وضعت الأسس للكيان الجديد، ونظَّمت العلاقات، وحدَّدت موارد ومصادر الإنفاق، وصولاً إلى الفترة العباسية التي تبلورت فيها القوانين في هذا الباب، ونشطت فيها «الكتب الاقتصادية» التي عالجت وحاولت فهم طبيعة الحكم الشرعي، والوقوف على تفسيرات له.

في المدخل نفسه، يفتح نويهض لنا أبواباً، هي في معظمها إحالات تاريخية وشواهد ونماذج، ولا يكتفي بذلك، بل يذهب بعيداً بمحاولة قراءة وتقريب جانب من الإجراءات وقتها، بالإجراءات اليوم، من دون ينشغل بتلك المقاربة في جانبها النصي، لكن تقديم وجوه وأشكال ونماذج لها في تلك الفترة المتقدِّمة من التاريخ، تضعنا أمام الفضاءات التي أتيحت للكيان الإسلامي، بتوسُّع الرقعة الجغرافية، وتعدُّد وتنوع مصادر الثروات في تلك الرقعة، وأثر ذلك على تقوية الوجود الحضاري نفسه، والقدرة على الإمساك بذلك التوسُّع وما ينشأ عنه من الحاجة إلى إعادة نظر في السياسات، وإدخال سياسات ومناهج جديدة في إدارة ذلك الامتداد.

يبدأ الباحث نويهض كتابه بالسؤال البديهي، حال الحديث أو تناول موضوع الاقتصاد في تاريخ الإسلام، والكيانات الإسلامية في أطوارها الأولى والبدائية، وصولاً بها إلى مراحل تطورها في الكيانات التي توحَّدت في كيان واحد، وإن لم تطْغَ عليه المركزية، ويتحدد السؤال في: هل في الإسلام نظرية سياسية واقتصادية؟

أسباب... وتطوُّرات تاريخية

لا تخلو الإجابة من تعقيد بحسب نويهض، لأسباب عدَّة يُجملها في ثلاثة، الأول: أن النظرية السياسية - الاقتصادية لم تُولد دفعة واحدة، بحكم التطوُّر التاريخي للمجتمعات والكيانات، وخصوصاً تلك التي أتيحت لها فرص للتوسُّع والامتداد، تحت راية الدِّين الجديد؛ إلا أن مثل ذلك التوسُّع، والاختلاط مع أمم أخرى، لها سياساتها وإدارتها لشئون الدولة، وما تحتاجه تلك الدولة من اقتصادات تنتعش وتقوى به، أتاح للكيان الجديد مثل ذلك التدرُّج في استقاء وتبنِّي والأخذ بسياسات اقتصادية من خارج القطْر والكيان، ما لم تتعارض مع ثوابتها ومصادر التشريع والنصوص.

والثاني: اختلفت النظم السياسية - الاقتصادية باختلاف الظروف والحاجات، وقد أوردنا جانباً من ذلك في هامش السبب الأول.

أما السبب الثالث: «استندت معظم الاجتهادات في الحقل السياسي - الاقتصادي على الكتاب والسنَّة، فاتفق العلماء والفقهاء على المسائل عند وجود نص قطعي، واختلفوا في حال عدم وجود نص، فتعدَّدت الآراء، وتمَّ ترجيح مسألة على أخرى من طريق القياس».

ويتناول نويهض في مطلع كتابه اختلاف مصادر الدولة الإسلامية، من خلال التقسيم الذي تحدَّد باختلاف الحاجات والظروف، والحقب التي مرَّت بها، متوقفاً عند أربع محطات رئيسية منها وهي: حقبة الدعوة الإسلامية ودولة المدينة، في عهد الرسول (ص) (1-10هـ/ 622-631م)، وحقبة الخلافة الراشدة (11-40هـ/ 632-660م)، وخصوصاً في عهد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب (رض)، وحقبة الدولة الأموية، وخصوصاً الفترة الأولى من تأسيسها، وتمتد من (40-101هـ/ 660-719م)، وتنقسم إلى مرحلتين: مرحلة معاوية بن أبي سفيان إلى عبدالملك بن مروان، والثانية من فترة عمر بن عبدالعزيز إلى مروان بن محمد.

عصورٌ ثلاثة

ويُرتِّب نويهض الحقب التي يردُّها إلى ثلاثة عصور؛ إذ في الحقبة الأولى، والتي كان فيها الإسلام مازال داخل الجزيرة العربية، تحدَّدت مالية الدولة وقتها في «الغنيمة وقسْمَتها، إضافة إلى اتفاقات العُشْر للأراضي العربية، أو مناصفة على الخراج، أو فيئاً للمسلمين (خيبر)، أو خالصة للرسول (قرية فدَك)، أو مصالحة على الجزية (أهل نجران)».

أما العصر الثاني، فيحدِّده ببدء انتشار الإسلام خارج الجزيرة العربية إلى بلاد الشام «في عهد الخليفة الأول (أبوبكر الصدِّيق)»، إذ عمد إلى إجراء بعض التعديلات على قسمة الغنيمة (خمس الرسول وخراج فدك)، مروراً باتساع الفتوحات في عهد الخليفة الراشد الثاني عمر بن الخطاب، حين امتدَّ الإسلام إلى أرض الشام كلها والجزيرة (أعالي الفرات ودجلة)، والعراق ومصر وبعض بلاد فارس. في ذلك العصر أجرى الخليفة الثاني تعديلات «تنظيمية كبرى على الفيء (الخراج) والأعطيات (ديوان العطاء) والصوافي (الأملاك، والأرضُ مات أهلها ولا وَارثَ لها. وتعني أيضاً الضِّياع كان يستخلصها السلطان لخاصته) والقطائع وإجراءات الجوالي (جاليات)، وامتدت تلك الإجراءات أخذاً بها في عصر الخليفة الثالث عثمان بن عفان، حيث شهدت فترته اتساع الفتوحات، وبلوغ الإسلام «إلى شمال إفريقيا غرباً وأذربيجان والسند شرقاً»، والأمر نفسه حدث في عهد الخليفة الرابع علي بن أبي طالب «فلم يعدل عن نهج سلفه إلا قليلاً في فترة توقفت فيها الفتوحات، وبدأت الفتنة بين المسلمين».

في العصر الثالث حدثت تغييرات عمَّا تم الأخذ به في العصر الثاني، بانتقال «الدولة في العهد الأموي من النظام الاقتصادي البسيط إلى النظام المُركَّب»، ولذلك مدعاته التي أرجعها نويهض إلى اتساع وظائف الدولة وتنوُّع مهماتها السياسية؛ ما دفع الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان إلى إدخال ضرائب جديدة «منها ضريبة الدخل، وأخضع الخراج إلى ضريبة تصاعدية بحسب الغلال وبُعْد المسافة»، لتأتي فترة الخليفة الزاهد عمر بن عبدالعزيز والذي حاول بدوره قدر الإمكان «إعادة تنظيم مصادر دخل الدولة، وتعديل قسمة الثروة وتوزيعها لردِّ المظالم بين الناس».

القراءة في إطار تطوُّر الدولة

يرى نويهض أنه لكي تكون الصورة واضحة، لابد من إعادة قراءة النظرية الاقتصادية في إطار تطوُّر الدولة، وتأسيس هيكلها الدستوري في المدينة؛ إذ إن «هذا النسق الحضاري بدأ بعد الهجرة إلى يثرب والإعلان عن الصحيفة (الدستور) التي نظَّمت العلاقة بين الجماعات في إطار هيكل الدولة (...)».

وفي فهم الصحيفة (الدستور) التي نظمت العلاقة بين القبائل والكيان الجديد (الدولة)، يستند نويهض إلى أمثلة ثلاثة يبدأها بكتاب «الهجرة: حدَث غيَّر مجرى التاريخ» لشوقي أبوخليل، و «العقل السياسي العربي: مُحدِّداته وتجلياته» لمحمد عابد الجابري، و «ندوة السيرة النبوية: بعض الجوانب في حياة الرسول (ص)» لعلي الحوَّات؛ ونكتفي في الاستعراض بما يراه أبوخليل أن الصحيفة نجحت في تحقيق أربعة أهداف وهي: توحيد المسلمين على اختلاف شعوبهم وقبائلهم، وإقامة التعاون والتضامن بين أفراد الجماعة على أساس الأخوَّة في الدِّين وليس على صِلَة القرابة، وساوت اليهود بالمسلمين في المصلحة العامة، وفتحت الطريق للراغبين في الإسلام، وكفلت لهم التمتع بما للمسلمين من حقوق، وأخيراً استطاع الرسول (ص) أن يجعل من نفسه مصدر السلطات من دون إثارة.

الصحيفة، أو الدستور، أو الوثيقة، أو الميثاق، أو العهد، أو العقد، وغيرها من المسميات تتألف من ديباجة وفقرات (33 مادة) وخاتمة، وهي تنقسم إلى قسمين: «الأول ينظِّم العلاقة بين المهاجرين والأنصار، والثاني ينظّم العلاقة بين المسلمين (المهاجرون والأنصار) والمؤمنين من يهود وغيرهم.

يشير نويهض إلى أن الأطراف الداخلة في مشروع الصحيفة حُدِّد لها - ضمَّت ستة تحديدات - البنود الجزائية وتكونت من بنود كثيرة «تتعلق بالأمن الداخلي والأمن الخارجي والدفاع والحرب والمساهمة في الإنفاق ونصيب الأطراف من توزيع الثروة (الغنائم)».

في تنظيم العلاقات بين المؤمنين

يشير الباحث نويهض إلى أن الجزء الثاني من الصحيفة فيه اعتراف بكل أهل المدينة من مهاجرين وأنصار وغيرهم وحدَّدت لهم حقوقهم وواجباتهم كمواطنين؛ لكنها عادت وميَّزت بين المسلم الذي فرض عليه القتال وغير المسلم الذي تركت له حرية الاختيار (وإن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين). لكن من واجبه كمواطن المشاركة في النفقات في حال عدم مشاركته في القتال، وله حصة من توزيع الأسهم (الغنائم) في حال اشترك في الغزوات والسرايا. «فالكتاب (الصحيفة) كتب قبل أن تُفرض الجزية، لذلك كان لليهود نصيبهم في المغنم إذا اشتركوا مع المسلمين في القتال، لذلك شرط عليهم المساهمة في النفقات، وخصوصاً في الحالات الدفاعية عندما تتعرَّض المدينة لهجوم من الخارج».

ويتناول الفصل الثاني من الكتاب، وحمل عنوان «تأسيس المركز وإعلان الدستور»، المراحل التي قادت الرسول (ص) إلى اتخاذ إجراءات إدارية وعسكرية بعد تأسيس المركز (المسجد كان هو مركز الدولة) وإعلان الدستور (الصحيفة)، وأولها المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار؛ إذ من هناك كان البدء بتأسيس الدولة. كما يتناول الفصل السنوات العشر التي حدثت فيها تلك الإجراءات، ففي السنة الأولى من الهجرة تم إعداد القوة وتنظيم ألوية الجيش، واتسمت تلك السنة في المواجهات الأولى بأسلوب الغارات السريعة على الخصم، إضافة إلى قيادة الرسول (ص) غزوات مختلفة. وفي السنة الثانية اتسعت الغارات التي تمخَّضت عن غزوة الأبواء. وفي تلك السنة «قويت شوكة الإسلام بالإجراءات الإدارية والتنظيمية والاقتصادية، واتخذت الغارات أبعاداً مختلفة في رمضان من السنة نفسها»، وصولاً إلى معركة بدر. وفي السنة الثالثة تحالفت قريش مع اليهود، وكان المدخل إلى ذلك إثارة الفتنة الداخلية، وصولاً إلى السنة العاشرة، وهي سنة الوداع، وفيها حجَّة البلاغ «وفيها بدأت تنتظم هياكل الدولة، وباتت المدينة مرجع الجزيرة وعاصمتها»، وكانت الدولة في امتداد ونمو في القطاعات المالية والقضائية والتربوية، ملازمة لانتشار الدعوة وتمدُّدها، «فبدأت تتوضَّح المعالم من خلال الإجراءات السياسية والإدارية والترتيبات الاقتصادية والعسكرية التي حملتْها كتب الرسول مع البعثات والعمَّال والأمراء إلى مختلف الجهات في الجزيرة».

مرحلة تقسيم الثروة بالتساوي

في تقسيمات الموارد والدخْل وأصنافها، يبحث فصل «الراشدي، الأموي، والعبَّاسي»، وكانت على ثلاثة أصناف: الفيء (ويشمل الخَرَاج)، والخمس، والصدَقة، مشيراً الباحث نويهض إلى أن عهد الخليفة الراشد الثاني، يُعتبر أبرز محطات تاريخ الإسلام من ناحية التعديلات التنظيمية، واستحداث قوانين شرعية تعتمد الكتاب والسنَّة لإدارة مالية الدولة.

من ضمن النظر الذي اعتمده الخليفة عمر، أنه «اضطر إلى وضع أراضي الفتح تحت إشراف الدولة في حال لم يكن لها أصحاب، وترك الأرض لأهلها ووضع عليهم الخَرَاج خوفاً من وقوع الشر واقتتال المسلمين».

أضافت الدولة في عهد عمر مرحلة تقسيم الثروة بالتساوي على أساس الخُمس «إلى مرحلة الجباية والضريبة، فأوقفت الأرض وبات دخْلها يعود إلى بيت المسلمين، ليعاد توزيع الثروة بحسب حاجات الدولة ووظائفها. فكان يُعاد إنفاق المال من موازنة الدولة لتعزيز الثغور، وتنظيم الجيوش وتشجيع الناس على الجهاد، وكانت تُصرف النفقات والمعاشات من بيت المال، واعتُمدت وُرش مدِّ الطرقات وبناء الجسور وتخطيط المدن وتنظيم جرِّ المياه والقنوات على موازنة الدولة».

حدث تطوير آخر اعتمده الخليفة الثاني، وهو نظام العطاء الذي استحدثه الخليفة الأول، وكان يعتمد على توزيع الغنائم بالدرجة الأولى على أصحاب الرسول (ص) «وكل من وعده شيئاً من طريق الأخذ بالكفَّين»، ليتم توزيع ما تبقى من المال بين الناس بالسوية. بالنسبة إلى الخليفة الراشد الثاني، ومع امتداد وتوسع الفتوحات، وما نتج عن ذلك من تراكم الأموال والثروات، رفض عمر (رض) أن يسوِّي «بين من قاتل الرسول ومن قاتل معه»، اعتماداً على سياسة «تراتبية» بين الفضل والسابقة والقِدَم، مبتدئاً بأقرباء الرسول وأهله وأزواجه، ومن تلاهم من المسلمين. إلا أنه مع فتح فارس وبعض البلاد التي كانت تحت يد الروم «رأى أن يجعل عطاء الناس في كل سنة ويجمع المال، بعد أن تضخَّم وازداد في بيت المال»، فكان ذلك مدعاة لإنشاء ديوان الأعطيات (العطاء).

القواعد العامة للاقتصاد

بتتبَّع الإجراءات التي اتخذها الخليفة الثاني، ومن مصادرها، يعمد الباحث نويهض إلى قراءة زمنها، وما ترتَّب عليها، معتبراً أن تلك الإجراءات والسياسات التي تم اتخاذها وإقرارها، شكَّلت قواعد عامة لاقتصاد الدولة الإسلامية، واعتمدت كلها في الفترات اللاحقة كما هي ولم تتغيَّر أنظمتها «إلا بالنسبة إلى المئوية (الزيادة أو النقصان) بسبب اختلاف المقاييس والأوزان والمكاييل، أو بسبب اختلاف الإنتاج وأنواعه»، واستمرَّت القواعد كما هي، وكل ما حدث أنه تم توضيحها بين فترة وأخرى، وعصر وآخر. موضحاً نويهض أن الإضافة الوحيدة التي يمكن إدراجها على مالية الدولة الإسلامية تلك التي استحدثها الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان، وهي فرْضه ضريبة العمل (الدخْل السنوي).

وفي التفصيل يبيِّن الباحث اللبناني نويهض بأن عبدالملك «بدأ سياسته تلك حين وضع أهل الجزيرة (أعالي الفرات) بإمرة الضحَّاك بن عبدالرحمن الأشعري؛ إذ جعلهم كلهم طبقة واحدة وعمَّالاً للدولة. وكان يحسب ما يكسب العامل في سنته كلها (المعاش والراتب) ثم يطرح من دخْله السنوي نفقاته على طعامه وكسوته وحذائه ومصاريف عائلته، ثم يطرح أيام الأعياد (العطل السنوية)، وأخيراً يفرض عليه ضريبة سنوية على الراتب تذهب للدولة».

في اختلافات إجرائية، ومستجدات على المداخيل والمصارف، لم تنْأ عن مصدري التشريع، تحدد مصدر الخلاف الشرعي بين الفقهاء والعلماء؛ بحسب كتاب نويهض، هو أن بعضهم اعتمد آية الفيء وبعضهم الآخر على آية الصدقة «فافترقا بتلك الاجتهادات، وخصوصاً في مسألة الإنفاق».

في العهد العباسي حدثت تعديلات تحددت في المكوس، وأصلها الجباية، وتأتي من العشور والتجارة (وهي محرَّمة وأقرب إلى الربا)، ألا أنها «لم تمس جوهر النظرية الأولى وما تفرَّع عنها من أنظمة».

كل تلك الممارسات عُرفت فيما بعد بالفقه الذي شمل مختلف القطاعات من تنظيمات وجيوش وقضاء وعمران واقتصاد وجبايات.

الفترة العبَّاسية ورسْم القوانين

وفي تناوله للفترة العبَّاسية، أشار نويهض إلى أن الأمر في فترتها اختلف بالضرورة، بحكم اتساع رقعة الدولة، وازدياد مهمات الخلافة؛ ما دفع بالحاجات إلى رسم قوانين واضحة تحدِّد مختلف الوجوه الشرعية للجباية وعلاقة الحاكم بالرعية. ليأتي كتاب «الخَرَاج» لأبي يوسف القاضي بتكليف من رأس السلْطة وقتها هارون الرشيد، ويتناول الكتاب قطاعات متعددة، ويجيب على موضوعات منها مالية الدولة ومصادر الموازنة وأبواب صرفها وإنفاقها «فالكتاب هو شرح وتفسير لنظُم الجباية والخراج والعشور والصدقات. وتوالى من بعد كتاب «الخراج» عدد من الكتب، ويمكن القول في تلك الفترة إن الكتب «الاقتصادية» نشطت وتعدَّدت معالجاتها وتفسيراتها ومحاولات فهمها للحكم الشرعي.

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب




التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً