اقترح باحث في جامعة البحرين نموذجاً لإنشاء سوق إقليمية لتجارة الطاقة الكهربائية من شأنها أن توفر لمجلس التعاون لدول الخليج العربية مليار دولار سنوياً وأن تضمن إمدادات كهرباء مستقرة بأسعار تنافسية.
وقدَّم الطالب في برنامج دكتوراه الهندسة الكهربائية بقسم الهندسة الكهربائية والإلكترونية في كلية الهندسة بالجامعة محمد الحمد، مؤخراً دراسة نموذج السوق التي تعمل وفق أسس تجارية استكمالاً لمتطلبات نيل درجة الدكتوراه.
وأفاد الحمد بأن النموذج الذي يقترحه يقارب أسواق الكهرباء الأخرى المنتشرة في العالم الذي حوَّل صناعة الكهرباء إلى سوق، مشيراً إلى أن التطورات العالمية في أنظمة إداراة مؤسسات الطاقة تغيرت، فلم يعد هذا القطاع يدار من خلال وزارات الكهرباء التي تخطط لعملية الإنتاج الكهربائي في المحطات وتوزعه، وتتقاضى رسومه.
وقال الحمد: "إن العالم يتجه إلى التحرر من نموذج مؤسسة قطاع الكهرباء الضخمة التي لا تتميز بالمرونة والتكيف مع تقلبات السوق، وقد تشوب عملياتها الكثير من الهدر، والاستخدام غير المثالي للطاقة"، مصيفاً بأن "هذه الأطروحة تطرح نموذج إنشاء سوق إقليمية لتجارة الطاقة الكهربائية تهدف إلى تحسين استخدام الموارد على أسس اقتصادية مستفيدة من الوفر الذي قد يتوافر في السوق والأسعار المعروضة".
وتنفق دول الخليج العربية نحو 10% من ناتجها الإجمالي القومي على إنتاج الطاقة الكهربائية بحسب الباحث.
وكان تشغيل شبكة الربط الكهربائي الخليجية فعلياً بدأ في العام 2009 عبر أربع دول واكتملت عملية الربط في العام 2011. وتخطط هيئة الربط الكهربائي لدول مجلس التعاون الخليجي لإطلاق سوق مشتركة للطاقة الكهربائية في العام 2020.
وناقشت الطالب الحمد في أطروحته لجنة امتحان تكونت من: عضو هيئة التدريس في قسم الهندسة الكهربائية والإلكترونية بجامعة البحرين الأستاذ الدكتور عيسى قمبر مشرفاً على الأطروحة، وعضو هيئة التدريس في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن الأستاذ الدكتور سمير البيات ممتحناً خارجياً، وعميد البحث العلمي في جامعة البحرين الدكتور محمد رضا قادر ممتحناً داخلياً.
وعن كيفية جعل السوق تنافسية ومجدية نبه الباحث الحمد إلى أن "السعر هو أحد أعمدة السوق، وذلك أن سعر وحدة الكهرباء التي تنتجها البحرين مثلاً لا يساوي سعر الوحدة في قطر، وذلك تبعاً لنوعية الغاز المستخدم في المحطات، فبعض الدول تستخدم الغاز، وبعضها الآخر يستخدم الغاز المصاحب لعملية التكرير الذي لا يكلف شيئاً".
وأوضح أن "ربط الأسواق وفق نطام معين من شأنه أن يساعد على طرح وفر الكهرباء، وشرائه بأسعار تنافسية"، مشيراً إلى أن "النظام المقترح يسهل عملية التعامل والعرض والطلب، ويخفض أسعار الطاقة".
ومضى قائلاً: "إن السوق تعد ضرورة ليس لسد النقص في الطاقة لدى بعض الدول فقط بل لأنها قد توفر فرصاً لشراء طاقة كهربائية بأسعار جيدة تقل عن كلفة تشغيل وحدات إنتاج الطاقة في البلد نفسه، فمثلاً قد يكلف إنتاج وحدة الميجا وات الكهربائية في بلد من البلدان 120 دولاراً بينما تعرض في السوق وحدة الميجا وات نفسها بسعر 80 دولاراً، وذلك يعد فرصة".
ولفت الباحث إلى أن بعض الدول تضطر أن تشتري الغاز بأسعار مرتفعة، ثم تقوم بضخه للمحطات، وتشغيلها، وإنتاج الكهرباء بكلفة عالية لكن هذا النموذج يتيح لمثل هذه الدول شراء الكهرباء بأسعار أقل لأن الدول الأخرى لديها كلفة أقل بكثير لإنتاج الطاقة.
وقال: "إن هذا الأسلوب تمارسه عدة دول في العالم، مثل بريطانياً التي تستورد نحو 4 آلاف ميجا وات من فرنساً منذ نحو خمس سنوات".
وبحسب الباحث الحمد فإن الوصول إلى سوق إقليمية للكهرباء يحتاج إلى ثلاث خطوات رئيسة: الخطوة الأولى هي تقييم استعداد البلدان المترابطة نحو سوق تجارة الطاقة، والثانية هي تشكيل النموذج التجاري المقترح وتحديده من خلال التجارب العالمية في أسواق الكهرباء الإقليمية، والثالثة هي تحديد أوجه القصور للوصول إلى السوق الإقليمية، ووضع المقترحات والتوصيات نحوها، مبيناً أن الدراسة تضع النموذج المقترح والتوصيات اللازمة بشأنه.