لا يكفي توجيه الانتقادات للحكومة على ما آلت إليه الأوضاع، والاكتفاء بالبكاء على اللبن المسكوب.
هناك أخطاء ارتكبتها الحكومة؛ وسياسات مختَلَفٌ عليها؛ وتقارير سنوية تصدر رسمياً عن الفساد المالي والإداري، لكن هذا لا يعفينا كمجتمع وأفراد، من تحمّل مسئولياتنا، وإعادة ترتيب أولوياتنا في هذا الزمن الصعب. وهي مسئوليات وأعباء سنتحمّلها طوعاً أو كرهاً، على أية حال، حتى لو لم يؤخذ لنا رأيٌ في السياسات السابقة أو حتى اللاحقة. فحالنا كحال الشاعر القديم الذي قال:
لم أكن من جناتها - علِمَ اللهُ - وإنّي بحرِّها اليوم صالي.
الأسرة البحرينية اليوم مدعوةٌ لإعادة ترتيب أولوياتها، وترشيد إنفاقها، بما يتلاءم مع الظرف الاقتصادي الصعب. فأسعار النفط انهارت إلى ربع سعره قبل عامين (107 دولارات)، وتشير التوقعات إلى احتمال هبوطه مجدّداً إلى 25 دولاراً. فالضغوط ستكون كبيرةً سواءً على الشعوب أو الحكومات. فما هي مسئوليتنا نحن كأسر أو كأفراد؟
ليس من الحكمة أن نندب حالنا، أو نترك اليأس يتملكنا، فكلٌّ منا يمكنه أن يعمل على تعديل أوضاعه والتكيّف مع المستجدات الصعبة. وهنا يمكننا عمل الكثير.
كفرد، يمكنني التخلّي عن أحد الهاتفين النقالين، فحاجتي الفعلية تنحصر في هاتف واحد فقط، فلماذا أستمر على خطين هاتفيين؟ ففي أكثر الحالات يكون طمعاً في خدمات ليست ضرورية ولا ماسّة. فاتورة الهاتفين مع الخط الأرضي تستهلك من الأسرة في المتوسط سبعين ديناراً، يمكن تخفيضها إلى ما يقارب النصف، وكلٌّ منّا يمكن أن يحسبها ويقارن ليتأكد بنفسه. الهاتف النقّال يُستخدم في الدول العملية للعمل والإنتاج، أما نحن فغالباً ما نستخدمه للسوالف والثرثرة وتبادل النكات والتعليقات. ويمكن القياس على النقّال، في الكثير من الأمور الزائدة التي تدخل في باب الترف وإضاعة الأوقات.
منذ سنوات ونحن نسمع عن التوجيهات بخصوص الاقتصاد في استهلاك الماء والكهرباء، فتمرّ من أُذُنٍ لتعبر من الأخرى. لقد مال كثيرون منا إلى استخدام المصابيح الموفّرة للطاقة، لكن مازلنا نترك المصابيح مضاءةً في الغرف والصالات طوال الليل. الكهرباء طاقةٌ نحرقها بالاستخدام الزائد عن الحاجة، وهو أحد أشكال التبذير.
الماء هو الآخر ثروةٌ وطنيةٌ، نقرأ هذه العبارة في الفاتورة الشهرية، ونحن بلدٌ هشٌّ من الناحية المائية، مخزوننا الاستراتيجي من الماء لا يزيد على يوم ونصف اليوم فقط. ونعيش في إقليمٍ هشّ يعاني من زحف التصحر وانخفاض منسوب الأمطار وقلة الموارد المائية. تعليق اليافطات في الشوارع لتوجيه الناس إلى الاقتصاد في استهلاك المياه لم تؤتِ ثمراً، ونحن مدعوون اليوم إلى الاقتصاد في استهلاكنا للماء. بإمكاننا توفير الكثير، والمحافظة على هذه المادة الشحيحة، التي ستنطلق حروب المستقبل من أجل تأمينها، حين نقتصد في الاستهلاك. ليبدأ كلٌّ منا بأول إجراء بسيط وعملي، من خلال التحكّم في صنبور الماء أثناء تفريش الأسنان، بما يمكن أن يوفّر ثلث الكمية التي نهدرها على الأقل، ثلاث مرات يومياً، وهذا مجرد مثال.
الكثير من سلوكياتنا وعاداتنا اليومية، تحتاج إلى مراجعة وإعادة تقييم. كل منزل جديد أو قديم لديه مطبخ أساسي، وأحياناً مطبخ خارجي مجهّز بأحدث الأفران والمايكرويف، ولكننا غالباً ما نعتمد على طلب «الوجبات السريعة» من خارج المنزل. طلب «الفاست فودز» لم يكن عادةً راسخةً، وإنّما طارئةٌ ارتبطت بمظاهر المجتمع الاستهلاكي في العقدين الأخيرين، ويمكن إعادة تغييرها لما هو أفضل صحياً ومادياً واجتماعياً.
النفط لن يبقى على حاله، ففي الوقت الذي سيهبط سعره أكثر في الخارج، سيرتفع في الداخل، وسيضيف ذلك عبئاً جديداً على موازنة المواطن. وهو ما سيدفع إلى تقنين استخدام السيارة، وتقليل المشاوير الزائدة عن الحاجة.
الاقتصاد ثم الاقتصاد، فـ «الاقتصاد نصف المعيشة»، كما في المأثور. وما أكثر الأحاديث النبوية الشريفة، التي تزيّن وتحبّذ وتحرّض وتشجّع على الاقتصاد، وتنفّر من مظاهر السرف والتبذير. ويجب ألا نضع كل الأخطاء على الحكومات، رغم أخطائها وسياساتها الكثيرة المختَلَف عليها، وأن نبدأ بالتفكير فيما يمكن عمله كأسرٍ وأفرادٍ... كخطط إنقاذٍ في هذا الظرف العصيب.
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 4874 - الأحد 10 يناير 2016م الموافق 30 ربيع الاول 1437هـ
الحين اعلنوا رفع سعر البترول
لا حول ولا قوة الا بالله
..
المقال في واد والمعلقون في واد آخر
الله يصبر شعب البحرين على هادى البلوه العظيمه وهنيئا لكم ايها التجار انتم فقط الذين لاتهتمون باحد اهمشى مصالحكم الدنيويه المشتكى لله وقاتل الله الجهل
الثروات كلها لم تحصل على الاهتمام اللازم:
الماء أولها وتم التلاعب بالعيون الطبيعية التي كانت محتاجة لعناية فائقة
الثروة السمكية تم تدميرها عمدا بسبب الدفان
والبترولية طبعا تلاعب مشتركية مع باقي الدول المصدرة له
للأسف دائما الشعوب هي من تدفع الثمن ..لم نحس بأي تغير أو رفاهية حين ارتفع سعر النفط ونحن من ندفع ثمن تسلط السراق والغير مؤهلين .. كلامك عين العقل
ما حال هذا الشعب المنطحن ؟!
#للأسف، "الفقراء" يدفعون دَمَاً، و"الأثرياء والمُرَفَّهِِيْن" يحصدون المناصب السياسيَّة والإداريَّة ويحتكرون الأسواق، في بَلَدٍ أغلبُ حُكَّامِهِ لُصُوص..
أصبت رحمة الله والديك
أصبت رحمة الله والديك
مضطرون يا خوك
والامر لله. ليس للناس رأي ولا حق لهم بالاعتراض اصلا.
ويش هالحجي يسيد أنا ولبي آكل و أأكل اعيالي . لو أنا القشه الي كسرت ظهر البعير ؟؟!!!