العدد 4874 - الأحد 10 يناير 2016م الموافق 30 ربيع الاول 1437هـ

ويحدث أحياناً...

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

يحدث أحياناً أن نلتقي أشخاصاً عن طريق الصدفة، وللوهلة الأولى نشعر بأننا نعرفهم منذ زمنٍ طويل. لقاءٌ تقع بعده جملةٌ من الأحداث، وربما يستمر أثره في الحياة كلها، والسبب هو هذه الالتفاتة الأولى التي أحدثت كهرباء وكيمياء امتزجت فآلفت بين روحين.

يحدث أن نحبَّ شخصاً؛ لأنه مرَّ من أمامنا ذات لقاء عابر وابتسم، فوقعت نظرتنا عليه والتقت عينانا بعينيه. يحدث أن نرتبط بأشخاص كانت بداية معرفتنا بهم صدفة قرّبت منا قلوبهم وأرواحهم فأحببناهم فيما بعد. يحدث أن تنشأ صداقة بيننا وبين أشخاص؛ لأننا شعرنا منذ اللقاء الأول بهم أن هنالك كيمياء قوية ولّدت ودّاً بداخلنا وجعلتنا نشعر أننا نعرفهم منذ زمن بعيد، على رغم أننا لم نلتقِ بهم قبل هذا اللقاء. يحدث أن نشعر بالسعادة كلما التقينا أشخاصاً، منذ أول حديث أحببنا الجلوس معهم ولا نستطيع تفسير مشاعرنا تجاههم وسبب انجذابنا إليهم.

بعض الأشخاص وجودهم في حياتنا نعمة كبيرة، إذ سرعان ما يتحولون إلى جزء من أيامنا، وجزء من نبضنا، وجزء من غذاء أرواحنا، بهم تكون الحياة أجمل وأكثر بهاءً وتشويقاً، نسعى إلى أن نكون معهم دائماً؛ لأنهم صاروا ملاذ الروح وسكنها. مثل هؤلاء من الصعب أن نتخيل أننا نفقدهم، ومن الصعب أن نتوقف لنعيد تشكيل أيامنا من غير أن نفسح لهم وقتاً ليس بالقليل. وهؤلاء الأحبة والأصدقاء يكونون أحياناً هدايا لقاءات صدفة حدثت فغيّرت حياتنا إلى الأفضل وجعلتهم الجزء الجميل والمضيء فيها.

هذه اللقاءات التي تنتج شرارة أولى منذ أول لحظة تكون بمثابة علامة على تآلف الأرواح فيما بينها، وهو ما عجز العلماء حتى اللحظة عن تفسيره تفسيرا يجمعون عليه؛ فبعضهم فسره بأنه محطة ثانية للقاء سابق في حياة أخرى، وآخرون فسروه بأنه لقاء ثان بعد لقاء الأرواح خلال النوم، أو لقاء بعد عالم الأرواح وغيرها من التفسيرات التي لم تصل إلى جوابٍ شاف. لكن هل نحن فعلاً بحاجة إلى تفسير كل ما نعيشه، وخصوصاً حين يكون حدثًا جميلاً وعفويّاً؟

شخصيّاً أشعر أنني لا أريد تفسير بعض الأحداث وكيف وقعت وكيف تطورت، إذ يعتبر تفسيرها إفساداً لها؛ فأن تعيش حالة قرب روحي من أحد فذلك كفيل بأن يشعرك بالسعادة التي تزين لك شكلاً وطعماً ومعنى كل ما هو حولك، وأن تكون على صلة بأحدهم التقيت به صدفة فشعرت وكأن الله أراد لك الراحة والسعادة فجعل هذا الشخص في طريقك وأوصلك إليه، فهذا التفسير يكفي عن تفسيرات كل العلماء والباحثين.

قال (عليه السلام): «الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف».

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 4874 - الأحد 10 يناير 2016م الموافق 30 ربيع الاول 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 2:17 ص

      مقال رائع ...يحدث احيانا ان تخطط للقاء شخص وانت تعرف انه لا يمكن الوصول اليه ...لكن تتم اللقيا رغم الظروف

    • زائر 2 | 1:00 ص

      موضوع جميل >>>

      ولكي يحافظ هذا الانجذاب على وهجه لابد ان يبقى بعيدا عن الشوائب التي ستكون مؤثرة فيه اكثر من غيره، تصوري مثلا أستاذتي الفاضلة ان تعجب بشخصية ما في العمل او بالقرب منك ثم تراه في يوم من الأيام يسوق سيارته بتهور، ستقول حينها لنفسك، مالذي تفعله بحق السماء! هل انت الشخص الرزين نفسه الذي أعجبت به!!!! رغم انه قد يكون مستعجلا وقد يكون معذورا!!

    • زائر 1 | 10:13 م

      مقال جميل جدا

      لقد بدأت يومي بهذا الجمال فشكرا لك استاذة فعلا احيانا الصدفة هي التي ترسم حياتنا كاملة لان الله اراد لها ان تكون .
      احب كتاباتك الوجدانية واتمنى لو انك تكثرين منها

اقرأ ايضاً