يحتفل المغرب في الحادي عشر من يناير بالذكرى الـ(72) لتقديم عريضة الاستقلال التي شكلت محطة تاريخية تحمل دلالات عميقة في مسار الكفاح من أجل الاستقلال والتي رفعت للقصر الملكي وقدمت لسلطات الاحتلال والمفوضية الأمريكية والبريطانية من طرف نخبة من الوطنيين ينتمون لمختلف الشرائح الاجتماعية والمهنية بتنسيق وثيق مع جلالة المغفور له الملك محمد الخامس.
كما أن هذه الخطوة جاءت لتؤسس لمرحلة حاسمة في مسار العمل الوطني بعد انحسار المقاومة المسلحة في منتصف الثلاثينات بسبب التحالفات العسكرية واستهداف المدنيين بأسلحة مدمرة.
وقد جاء تقديم هذه العريضة التي قدمت وثيقة مماثلة لها في منطقة النفوذ الإسباني في سياق دولي جديد تميز على الخصوص بنهاية الحرب العالمية الثانية التي شارك فيها المغرب بجانب الحلفاء وصعود "الجبهة لشعبية" في فرنسا وضمن أوضاع داخلية شابتها عدم الاستجابة لمقترحات القوى الوطنية للحيلولة دون طمس الهوية الثقافية واللغوية المغربية والحد من نظام الحكم المباشر المتعارض مع مقتضيات معاهدة الحماية، وذلك سواء في مناطق النفوذ الفرنسي أو الإسباني في الشمال والجنوب (سيدي افني، طرفاية وإقليمي الساقية الحمراء ووادي الذهب) علما بأن مدينة طنجة كانت منطقة دولية.
وقد أكدت العريضة أن المغرب الذي حافظ على سيادته طوال قرون يطالب باحترام سيادته وشرعيته وإجراء اتصالات دولية بشأن تحقيق استقلاله وخاصة في ضوء الموقف الأميركي الداعم خلال لقاء "أنفا" الذي جمع ملك البلاد بحضور ولي عهده مع الرئيس روزفلت، وأخيرا استشراف نظام تشاوري ديمقراطي لبناء المغرب الموحد المستقل وهو التوجه الذي تبلور بقوة عبر مبادرات ملكية عديدة منها الإعلان التاريخي لجلالته من طنجة في 1947 عن إرادة المغرب في الاستقلال، إلا أن السلطات الاستعمارية رفضت جملة وتفصيلا هذه العريضة وأقدمت على اعتقال شخصيات قيادية وإعلان الأحكام العرفية إثر مواجهات عارمة مهدت " لثورة الملك والشعب" وبزوغ عهد الحرية و الاستقلال.
وستظل عريضة الاستقلال منحوتة في ذاكرة المغاربة جيلا بعد جيل، وتعد تجسيدا آخر للتلاحم بين الشعب المغربي والمؤسسة الملكية ومبعث إلهام لإعطاء زخم متجدد للإصلاحات التنموية التي يقودها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، والإرادة السامية لجلالته لتوطيد السيادة الترابية الشاملة للمملكة وترسيخ سيادة الحق والقانون في إطار ديمقراطي تعددي تشاركي ومتضامن.