العدد 4872 - الجمعة 08 يناير 2016م الموافق 28 ربيع الاول 1437هـ

الإعلامية الشاعرة بروين حبيب: أصبحت مدمنة على الانستغرام وأحنُّ إلى «نلتقي»

تصدر كتاباً حول (( حمية الأوتوكيو)) قريباً

الحديث مع الشاعرة الإعلامية بروين حبيب مختلف تماماً عنه مع أي مثقف آخر، فهذه الإعلامية الشاعرة الأديبة تمتلك من الحضور ما لا يمكن التغافل عنه، هو الآخر لا يشبه أي حضور آخر. هي المتحدثة اللبقة، والشاعرة المرهفة، والمثقفة التي تحمل روح طفلة مندهشة بالإبداع على الدوام.

حاورت بروين أثناء لقاء جمعني بها في دبي... تحدثت عن إنجازاتها، أحلامها، شغفها، ومشاريعها المقبلة. بدأت معها بواحدة من أهم محطاتها كمثقفة تخدم الساحة الثقافية العربية، سألتها عن تجربة اختيارها لعضوية لجنة تحكيم جائزة البوكر للرواية العربية في دروتها الثامنة العام 2015، فردت:

«كانت تلك فرصة احتاج إليها لأتنفس خارج جو الاعلام. أعادتني إلى أدواتي وأحيت مساماتي النقدية. عدت للقراءة بنهم. هذه الجائزة وضعتني أمام محك قراءة 180 رواية في سنة واحدة. كنت سعيدة كثيرا حين ترشحت وشعرت أنني أذهب إلى مكاني الطبيعي. الإعلام المرئي أخذني كثيرا من الباحثة الناقدة الحاصلة على درجة الدكتوراه، وشعرت أن هذه الجائزة تكريم بحضوري العلمي والاكاديمي وبمصداقيتي، ليس كمثقفة بل كقارئة واعلامية، أستطيع القول ولا أزعم بأنني خدمت الرواية العربية من خلال برنامجي الذي امتد عبر سنوات واستضاف أكثر من 500 شخصية أكثرهم روائيون، بعضهم لم يكن معروفا في الشرق لكنه اشتهر بعد استضافتي له ولأعمال مثل الروائي الجزائري واسيني الأعرج الذي استضفته بعد اطلاعي على مخطوطة روايته «أنثى السراب» قبل نشرها في مجلة «دبي الثقافية». روايته تلك أصبحت من أكثر الروايات مبيعًا في معرض بيروت للكتاب. كان هذا شغفي ولايزال».

وعن اعتراضات البعض على اختيارها لهذه العضوية، قالت: «رددت عليهم بمقال نشرته في «القدس العربي»، قلت فيه إنه بعيدًا عن كوني نجمة تلفزيونية أين حقي الأكاديمي، وبعيدًا عن انني خدمت الثقافة وأؤمن بتلفزة الثقافة، أنا قارئة خاصة للرواية وهناك جوائز أدبية لا يشترط أن يكون المحكم فيها روائيّاً. والحال أنه حتى «المكتبجي» يمكن أن يكون ضمن لجنة تحكيم بعض الجوائز، ولا يشترط أن يقتصر ذلك على الأكاديمي او الروائي».

ما الذي قدمته لك هذه المشاركة على مستوى القراءات من حيث نوعية الكتب ومستوى تذوقك للروايات العربية؟

- هذه الجائزة كانت بمثابة الفرصة الحقيقية؛ لكي أتواجد في المشهد الثقافي بهذا الموقع، ولكي يكون لي رأي في هذا المشهد. بصراحة وللمرة الأولى أقولها، بعد جائزة بوكر لم أقرأ لأي روائي عربي سوى واسيني الأعرج «سيرة المنتهى»، وفي هذه السنة ركزت على الروايات المترجمة. حدث لي تشبع من الروايات التي قدمت للبوكر إذ كان هناك الكثير من الغث.

ما هي المعايير المتبعة عادة لدى لجان التحكيم في تقييم الروايات؟

- هناك خطوط معينة نشترك فيها، مثل تمثيل النص لحياتنا والتقطيع الزماني والمكاني واللغة، ولأني قادمة من أرضية شعرية فأنا أهتم باللغة كثيراً وبكيفية انشغال الرواية بلغة معينة. لكن تبقى بعض المعايير ذاتية، فأنا مثلا شدتني رواية الكاتبة هدية حسين «ريام وكفى» قرأتها في ليلة واحدة، بينما لم يقرأها غيري بالشغف نفسه. هناك معيار ذاتي، ولا أستطيع ان أبرر اعجابي الكبير بها بمعيار نقدي.

كيف تجدين نفسك في برنامج «حلو الكلام» الذي تقدمينه على «فضائية دبي»، الذي لا يشبهك كثيرا والمختلف تماما عن برنامجك السابق «نلتقي مع بروين حبيب»؟

- أصدقك القول ان هذا البرنامج لا يشبه كثيراً شغفي بالعمل او بالمشروع الذي أحمله، أنا بنت الثقافة العربية، هوسي هو بكتاب جديد أو ان اكتشف روائيّاً او شاعراً او نصّاً جميلاً، وأن أحتفي بالابداع العربي. برنامج «حلو الكلام» هو «توك شو» اجتماعي منوع يمكن أن يكون ثقافيّاً أو فنيّاً، لكنه قربني من الناس، واستطاع خلال دورتيه ان يستقطب كثيراً من المشاهدين. إدارة القناة كانت مؤمنة بأني استطيع تقديم هذا النوع من البرامج والنجاح فيه. بالطبع يبقى في خاطري وفي قلبي أن أنتج برنامج ثقافي يشبه «نلتقي»، وبالفعل سأنتج قريبا برنامج سيرة ربما سيأتي بشكل مختلف. المشروع موجود في ذهني، فقط أنتظر الفرصة لإنجازه.

كيف تمكنت من تقريب برنامج «حلو الكلام» من شخصيتك كمثقفة وشاعرة، ووضع لمساتك الخاصة عليه، بحيث أصبح أعلى من مستوى برامج «التوك شو» الجماهيرية المعتادة، كما وازنت بين خفة البرنامج وعمقه واثرائه للمشاهد؟

- أضفت لغتي وأشيائي، فأنا لا استطيع أن أقدم البرنامج وكأني أؤدي وظيفة بل يجب أن أحبه، مشاركتي في اعداد البرنامج وفي اختيار الضيوف جعلاني أصبح في قلب الحلقة، وأشعر بمتعة كبيرة، في تقديم هذا البرنامج العميق، لكنه خفيف وقريب من الناس. اضافة الى ذلك غيرت حتى طريقة اسئلتي. ففي «نلتقي» كنت أطرح الأسئلة بروح الأكاديمية الناقدة، أما هنا فالأمر مختلف، لدي أجهزة رقابة بدءا من المنتج الذي يطالبني دائما بتبسيط السؤال، وان اصبح سلسة، وان اقترب اكثر من الناس. الجمهور المستهدف ليسوا النخبة والمبدعين أو منتجي الثقافة بل كل الناس، على الأخص الناشئة وربات البيوت الذين يمثلون الأغلبية من مشاهدي التلفزيون. وهؤلاء استطعت ان أحصل على انتباههم من خلال المزج بين نوعيات الضيوف إذ يمكنني ان استضيف روائية واستضيف معها نجم. أيضًا أنوّع في موضوعات الحلقات، فهناك حلقة للثقافة واخرى للأدب واخرى للفن والطرب.

لاحظت تواجداً مكثفا لك على برنامج التواصل الإجتماعي «انستغرام»، ما أهمية ذلك لك، ولم تحرصين على هذا التواجد وهذه العلاقة مع متابعيك في ظل انشغالاتك كمثقفة وإعلامية؟

- شبكات التواصل الإجتماعي أصبحت اليوم من الوسائل التي يمكن لها أن تهز عروش الاعلام التقليدي. تفاعل الناس كبير مع ما أنشره على وسائل التواصل الاجتماعي، وحقيقة أصبحت مدمنة على «الانستغرام» وأنا مؤمنة جدا به فأنا اكتب فيه ما لا استطيع ان اقوله على التلفزيون، كذلك فإنه يجعلني موجودة مع الناس طوال اليوم، انقل يومياتي لهم وأصبح قريبة منهم، كما أني حولته إلى وسيلة لإحداث حراك ثقافي واجتماعي بعبارة بسيطة وعبر رسالة يومية. «انستغرام» نافذة جميلة ومتجددة مع الناس.

ألا يقلقك هذا التواجد على وسائل التواصل الاجتماعي وهي القادرة على اقتحام خصوصياتنا بشكل أكبر مما نريده. ما هو حجم المساحة الخاصة من حياتك التي يمكن أن تسمحي للآخرين بالاطلاع عليها.

- ليس كل شيء بالتأكيد، فحياتي الخاصة جدا لن تعرض، ولا يقلقني هذا الأمر، فالإنسان هو من يستطيع ان يبرمجه ويحافظ على هذه الشعرة بين الخاص والعام. هناك خطوط حمراء فأنت لا تريدين أن تخدشي الذائقة، وتريدي أن تحافظي على خصوصيتك. أنت تهندسين هذه الأشياء. هناك بعض الأشخاص فعلا أساؤوا استخدام هذه الوسائل ما أفرز نوعية من البشر أصبحوا اليوم ايقونات ومحركات في مجتمعنا وليس لديهم أي معطيات. في السابق كان الأشخاص المؤثرون هم المغيرون والمحركون لمجتمعهم ومصدر المعلومة والمعرفة وهم من مروا بتجارب معينة ويحملون مؤهلات معينة. اليوم اصبح الأمر مختلفا فأي مشهور يمكن ان يكون ايقونة وما أكثر المشاهير، ومن هم ذي قيمة اليوم عددهم قليل.

تحافظين على اتزانك في كثير من الأمور، فأنت النجمة الجميلة لكن المثقفة، وهذه معادلة صعبة التحقيق، فصورة المثقف النمطية لا تتماشى مع صورة النجمة الجميلة، والمذيعة المتألقة. كيف تفعلين ذلك؟

- نحن نعيش عصر الصورة، وعملي في التلفزيون علمني أن وعيي يجب أن يتغير بين فترة وأخرى، وكذلك احساسي بصورتي وبمقاييس الجمال وفكرة الاناقة. كذلك فقد حباني الله هبة من السماء وهي الكاريزما والحضور. بالإضافة إلى ذلك لا أزال طفلة في داخلي، أحب الابداع وأتلبسه ولدي شغف مأخوذ بالجمال والابداع والكلمة ولدي دهشة من الخلق الجديد. أؤمن بأنه كما يجب أن أحضر لكلمتي ومحتوى برنامجي فإنني يجب أن أحضر شكلي ولبسي وأطورهما. جئت من زمن يؤمن بأن المذيع ليس شكلاً، زمن كان يهتم بالإلقاء والصوت ومخارج الحروف، لذلك اختاروني في الإذاعة. لم آتِ لأنني بنت جميلة أو عارضة أزياء أو راقصة في فيديو كليب. كنت طالبة محبة للأدب لدي شغف بالثقافة والمعرفة. اليوم أصبحت النجومية بالنسبة لي تحصيل حاصل، سواء جاءت النجومية أم لم تأت فقد عشتها منذ صغري، في بلدي وعلى نطاق صغير قبل ان اعيشها على نطاق اكبر. ليست الشهرة ما أنا مهووسة به. اما كيف يوازن الإنسان بين شكله وحضوره وعمقه فأعتقد ان كل شيء يحتاج إلى اجتهاد.

لديك قدرة على التصالح مع كل أمور حياتك، مع واقعك ومع واقع الشاشة العربية وواقع الثقافة ومع ضيوف برامجك، ومشاهديك بكل مستوياتهم. هذه القدرة على التصالح واحتواء كل شيء هل ترجعينها لقوة في شخصيتك أم لكاريزما خاصة تملكينها، أم لحبك الطفولي للأشياء واندهاشك بها وشغفك بها.

- أخاف دائما أن أفقد هذه الأمور ودائما أدعو ربي ألا يميت الطفلة في داخلي. أحرص على الجانب الإنساني في علاقتي مع كثير من ضيوف برامجي واحرص على استمرار علاقتي بهم بعد خروجهم من الاستوديو، بل قد تكون تلك بداية لصداقة معهم. هذه البرامج استطاعت ان تخلق لي صداقات على امتداد الوطن العربي. احتوائي للضيوف حال تواجدهم في دبي هو أمر أقوم به بدافع حب، إذ أعلم أن الجوهر الانساني هو ما يبقي الاشياء بجمالها. يهمني ان اترك اثراً طيبا لدى الجميع، غير مفتعل أو مفبرك. أريد لهذه الأشياء أن تبقى في روحي وحين اشعر بذهابها أشعر اني لا أستطيع ان اقدم شيئا على الشاشة. أريد لشغفي أن يستمر وللدهشة بالأشياء أن تبقى، وهي اليوم أصعب بالنسبة لي من الأمس وخصوصا في المجال الثقافي والنقد والأدب. انا اليوم مهمومة بهم الذاكرة كيف أرشّف هذه الاشياء، كيف اوثق، وكيف اعمل موسوعة تلفزيونية تحافظ على الوجوه التي عبرت الحياة والتي تركت أثراً بكتاب أو برواية أو بمؤلف موسيقي او اغنية، مهمومة بأن أبرز المبدعين المغمورين المغيبين في الذاكرة العربية، وان أضيء على الثقافة العربية وان احمل كاميرتي واطوف العالم بحرية.

تبدو مهمتك كإعلامية مثقفة أصعب بكثير من أي إعلامي آخر، فالثقافة التي يجب ان تمتلكيها لتقديم برنامج يرضي طموحك، أوسع بكثير من تلك التي يجب أن يمتكلها مقدم آخر لا يحمل الألقاب الثقافية التي تحملينها، بل وتبدو مهمتك أصعب من مهمة مقدم برامج سياسية أو اجتماعية.

- لا يجب علي أن أكون ضليعة في كل شيء لكني احاول ان ألمَّ بكثير من الجوانب. كل اهتمامي ينكب على تطوير نفسي وتطوير ادواتي ومشروعي التلفزيوني. أنا مؤمنة بأن التلفزيون ليس هو المنبر الأمثل لنشر الثقافة لكنه المنبر الأخطر لتزييف الثقافة. اليوم هناك فوضى في كل شي وهناك ميوعة مذهلة حتى بتعريف الأشياء.

أين أنت من الشعر اليوم. وما مشاريعك الأدبية القادمة؟

- قريبا سيصدر لي ديوان شعري، وهناك كتاب عن «الانستغرام» ستكون فيه مختارت شعرية. ضمنته مختارات شعرية كتبتها على «الانستغرام» من أجل خلق ذائقة نحو الأدب والثقافة لديهم. اعمل على كتاب آخر منذ ثلاث سنوات يتحدث عن دمية الأوتوكيو وعن تجربتي في الإعلام التلفزيوني. جزء منه اعلنته في كتاب ووضعت له عنواناً مبدئيّاً هو «مذكرات مذيعة» ضمنته قصصي مع الضيوف الذين استضافهم برنامجي. اتمنى ان يكون الكتاب جاهزاً في شهر (مايو/ أيار 2016).





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 5:48 ص

      فديت دكتورتي

    • زائر 1 | 1:16 ص

      متألقه ومتفوقه دائمآ

      من الابتدائي متفوقه ومؤدبه ..كنا صديقات لانفترق.. من الابتدائي إلى الثانوي ..عرفتها خلوقه متفوقه مرحه خفيفة الظل عبقريه في اللغه العربيه ..أتمنى لك كل التوفيق صديقة الطفوله

اقرأ ايضاً