هل سيأتي يوم يطالب فيه المواطنون بإلغاء البرلمان؟ سؤال يطرح نفسه مع ازدياد الإحباط لدى كثير من المواطنين، وفقدان الثقة بمن انتخبوهم لتمثيلهم في مجلس النواب.
نعتقد أن أداء بعض النواب قد يزيد من تململ الناس من البرلمان، سواء كان ذلك بقصد أو بغير قصد، وسواء كان ذلك بعوامل داخلية أو خارجية.
فتمرير قوانين يعتقد المواطن العادي أنها تمثل ظلما بحقه، تجعله يتخذ موقفا سلبيا تجاه البرلمان.
فبعض القوانين التي مررت كأنها تسير وفق تقنيات القضاء على الديمقراطية، وتحديدا تقنية ظلام القلوب، وهي تعني أن الإنسان عندما يتألم من شيء ويحتل الحزن قلبه، يميل قلبه نحو الظلام الذي تتولد فيه مشاعر الغضب والكراهية تجاه المتسببين.
ومن أهم القوانين التي جرت وفق تقنيات ظلام القلوب قانون التأمين ضد التعطل، حيث تم تصوير مجلس النواب هو الذي يقف وراء هذا القانون؛ ما ولّد مشاعر سخط وغضب لدى كثير من المواطنين تجاه البرلمان.
بل ولّد مشاعر حقد عند البعض، تجاه من سيستفيدون من التأمين ضد التعطل.
العديد من المواطنين العاديين يعيشون في فقر، وراتبهم لا يكفي حتى منتصف الشهر، ولا نعتقد من السهل أن يأتي آخر الشهر والأب لا يمتلك دينارا لشراء وجبة عشاء لأبنائه. هذا الأب عندما تستقطع دينارا من راتبه، ماذا سيكون شعوره تجاه من تسبب في قطعها وهو لا يمتلك ما يكفي لإطعام عياله لآخر الشهر؟
وما يزيد الأمور تعقيدا، ربط قانون التأمين ضد التعطل مع قانون تقاعد النواب، إذ إن هذا الربط يصور النواب بأنهم يسعون لمصالحهم الشخصية على حساب المصالح العامة.
كثير من الناس يعتقدون أن تقاعد النواب بالشكل المطروح، هدرٌ في الأموال العامة، ويثقل موازنة الدولة التي يمكن أن تعوض عجزها عبر فرض ضرائب على المواطنين في المستقبل.
فإذا ما روجت أفكار مثل، أن الدولة ستوفر أموال تقاعد النواب عبر فرض ضرائب، منها زيادة رسوم الكهرباء والماء والخدمات الأخرى، فإن المواطن العادي سيحترق غضبا وستشتعل نيران الإحباطات في قلبه مولدة الكراهية تجاه البرلمان الذي سيعتبره عبئا ثقيلا عليه.
فكثير من الشباب ممن كان لهم دور في المطالبة بالحياة البرلمانية في التسعينيات من القرن الماضي، سمعتهم يقولون: «لو يكنسلون البرلمان أحسن لينا».
وهذا التمني من بعض الشباب مؤشر خطير، يهدد الحياة الديمقراطية، ويستوجب عمل دراسات مسحية وتحليلات، للحفاظ على المكتسبات من سلوكيات خاطئة وإن كانت من غير قصد.
فالنواب مطالبون بأن لا يكونوا أداة لتعزيز مشاعر الغضب والكراهية لدى الجماهير تجاه البرلمان
إقرأ أيضا لـ "عباس المغني"العدد 2494 - السبت 04 يوليو 2009م الموافق 11 رجب 1430هـ