وسط خلافات حادة مع أحزاب المعارضة، على ملفَي الدستور الجديد والنظام الرئاسي المقترح، وكذلك التهديد برفع الحصانة عن نواب أكراد، بعد طرحهم فكرة الحكم الذاتي، تبدأ اليوم الأربعاء (6 يناير/ كانون الثاني 2016) محاكمة غيابية جديدة للداعية المعارض فتح الله غولن، في اتهامات جديدة، حسبما نقلت صحيفة "الحياة".
ومحاربة جماعة غولن والقضاء على مؤسساتها الاقتصادية والتعليمية، يبدوان الملف الوحيد الذي لا يزعج المعارضة، إذ اعتبرته تصفية حسابات قديمة بين شريكين قديمين في حكم تركيا، من المدرسة ذاتها لتيار الإسلام السياسي.
غولن (74 سنة) الذي يعيش في الولايات المتحدة منذ العام 1999، سيُحاكَم أمام محكمة في إسطنبول، مع 66 من رجال الأمن والشرطة، لاتهامهم بـ «تشكيل منظمة إرهابية» وتنفيذ «محاولة انقلاب عسكري».
وطلب المدعي العام السجن المؤبد لغولن وقائدين سابقين للشرطة، فيما يواجه الآخرون عقوبات بالسجن لمدد تتراوح بين 7 سنوات و330 سنة.
وكان الرئيس رجب طيب أردوغان اتهم غولن بتزعّم «تنظيم إرهابي»، بعد فضيحة فساد كبرى أثارها وكيل نيابة مقرّب من الأخير، طاولت 4 وزراء في الحكومة التي رأسها أردوغان، إضافة إلى نشر تسجيلات صوتية محرجة للأخير ونجله بلال.
ويراهن أردوغان على هذه القضية، على رغم مواجهة غولن ملفات أخرى واتهامات بالتجسس، إذ إن إثبات التهمة عليه وعلى رجاله في هذه القضية، سيكون بمثابة دليل براءة لحكومة أردوغان ونجله من تهم الفساد التي وجّهها من سيُحاكَمون اليوم. ولم يسمح الرئيس التركي بأي تحقيق في اتهامات الفساد، معتبراً «الأمر مكيدة مدبرة».
واستخّف نورالله البيرق، محامي غولن، بالتهم الموجهة إلى موكّله، قائلاً: «لا يوجد أي دليل على تشكيل تنظيم إرهابي، والاتهامات لا تستند سوى إلى ادعاءات ومجرد تصريحات، وهذا ليس كافياً». وأضاف: «الدليل الوحيد الوارد في عريضة الاتهام، هو اتصال هاتفي أجراه موكلي بشرطي يوم أُثيرت الفضيحة، وفي تلك المكالمة، لا توجد إشارة إلى أي أمر وجّهه موكّلي إلى أي شخص». وأكد المحامي أن الشرطة لم تعثر على سلاح أو قنابل مع المتهمين، لافتاً إلى عدم وقوع جريمة قتل أو اعتداء، من أجل توجيه تهمة «الإرهاب».
وكان أردوغان أمر بحملة «تطهير» طاولت أتباع غولن في كل مؤسسات الدولة، الأمنية والتعليمية والقضائية، وفرض وصاية على مؤسسات اقتصادية لجماعة الداعية، مثل «بنك آسيا» وشركة «كوزا آبيك». وواكب الحملة اعتقال 1800 رجل مُتهمين بالانتماء إلى جماعة غولن، في انتظار محاكماتهم.
في غضون ذلك، رفضت أحزاب المعارضة الثلاثة اقتراحاً قدمه رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو، لتحويل نظام الحكم رئاسياً، لكنها تركت الباب مفتوحاً أمام صوغ دستور جديد.
في المقابل، أعلن رئيس حزب «الحركة القومية» دولت باهشلي دعمه توجّه الحكومة إلى إسقاط الحصانة عن نواب أكراد طالبوا بحكم ذاتي، وذلك استجابة لطلب من أردوغان. وتكفي في البرلمان أصوات نصف النواب لإسقاط الحصانة، لكن المعارضة الكردية واليسارية ترفض ذلك، وتعتبر أن البرلمان «لا يستطيع أن يسقط الحصانة عن نائب، لأنه عبّر عن آراء سياسية، فيما يفشل في إسقاطها عن نواب موالين للحكومة متهمين بالفساد