كان لي شرف زيارة العراق أربع مرات، الثلاث الأُوَل كانت في عمر الطفولة، حيث كان القرار ملكاً للوالدين. ومثلت ذكرى الأربعين هذا العام زيارتي الرابعة حيث كانت بقرار شخصي نابع من القلب. وتم الترتيب مع إحدى الحملات السياحية العريقة لمدة ثمانية أيام، منها يوم في الكاظم (بغداد)، ويوم في النجف الأشرف وبقيتها في كربلاء المقدسة.
تبلغ مساحة مدينة كربلاء المقدسة نحو 52 كيلومتراً مربعاً، وتعداد سكانها قرابة مليون نسمة «بحسب تعداد العام 2011، بحسب ويكيبيديا. وذكرت إحصاءات المسئولين العراقيين ببلوغ زوار الأربعين هذا العام عشرين مليوناً، منهم خمسة عشر مليوناً من داخل العراق، والباقي من خارجها، حيث كانت حصيلة العراقيين عدداً غفيراً، جلهم كانوا من المشاية من مختلف محافظات العراق.
أشارككم بعضاً من مشاهداتي وخواطري التي عايشتها في تلك الزيارة للعراق الشامخ بأهله وطيبته ومقدساته وثرواته المهدورة.
أولاً - الجانب الروحاني، نعم... لامست سلامًا داخليّاً في كل من القلب والجسد والذهن بمجرد أن اتخذت قرار الزيارة «وبالخصوص قرار اصطحاب الوالدة والعمة والزوجة»، ومن الوهلة الأولى لدخول المدن المقدسة سواء كانت الكاظمية أو النجف أو كربلاء، أو مشاهدة الزوار الذين جاؤوا زحفًا من بقاع الأرض وهم يمشون على أرجلهم الكيلومترات الطويلة ينامون في الطريق يلتحفون السماء حيث كان الطقس باردًا جدًّا. ومن الطريقة التي ترى فيها أساليب وإبداعات عديدة فقط من أجل خدمة الحسين وزواره. ولايزال عنفوان السلام الداخلي والطاقة الإيجابية ملازمين لي، حتى بعد الرجوع إلى أرض الوطن.
ثانياً - الجانب الإنساني، لامست جانبًا إنسانيًّا كبيرًا وعميقًا في الإنسان العراقي البسيط، سواء كان زائراً ماشياً أو متطوعاً لخدمة مشهد الإمام الحسين أو لزواره؛ لما يبذلونه على رغم المستوى المعيشي المتدني للغالبية العظمى لسواد الشعب العراقي من حيث فتح البيوت والمضائف على طول الطريق بين النجف وكربلاء (80 - 90 كيلومتراً) وتقديم جميع أنواع الضيافة، وكلها من دون مقابل. هذا بالإضافة إلى حبّ العراقيين الفطري للبحرينيين، الذي تشعر به وتلمسه حالما تذكر جنسيتك لهم، إذ عايشت العديد من المواقف التي تدلل على هذا الشعور.
ثالثاً - الجانب الأمني، حيث كان واضحا التعاون الوثيق لجميع المؤسسات الأمنية (الرسمية والشعبية) وبذل جميع الجهود الأمنية على مدار الساعة لتأمين سلامة العشرين مليوناً زائراً (اذا كان هذا الرقم دقيقاً) نحو أرض كربلاء، وهذا كان يؤدي إلى تعطيل كبير في خط سير الرحلة والتي استغرقنا فيها 6 ساعات بين بغداد والنجف، ومثلها بين النجف وكربلاء. هذا بالإضافة إلى تأمين المناطق المقدسة ومنطقة الحرم بالكثير من نقاط التفتيش وتسمى «سيطرة»، إذ يكون التفتيش فرداً فرداً، وكان حصيلة التركيز على هذا الجانب هو عدم حدوث أية حوادث أمنية أو تفجيرات أثناء الزيارة على رغم الحشود الهائلة، وهذا يعتبر إنجازًا أمنيًّا هائلاً للعراق (رسميًّا وشعبيًّا).
رابعاً - الجانب الطبي، شاهدت العديد من العيادات الطبية المنتشرة سواء داخل الحرم الشريف أو خارجه، في مراكز طبية، أو في خيام تم تشييدها لهذا الغرض، وتسمى «المفرزة الطبية»، وفيها العديد من الكوادر الطبية من مختلف الجنسيات التي تقدم عملها طوعًا لخدمة زوار الإمام الحسين، وهذا حتمًا مدعاة للفخر.
خامسًا - الجانب السلبي، ومنها عدة مشاهدات، ترى شواهد عديدة على تفشي الفقر سواء في البُنى التحتية المهترئة وخاصة في بغداد أو في الأعداد الهائلة من المتسولين في كل المدن التي زرتها. الطاقة الاستيعابية للأماكن المقدسة التي لا تستوعب تلك الأعداد الغفيرة للزوار، وهذا يحدث إرباكًا شديدًا في جميع المجالات الخدمية في الفنادق وتوفير المرافق الصحية النظيفة وتراكم النفايات في الشوارع على رغم الجهود غير العادية لعمال البلدية والمتطوعين، ويؤدي التدافع الشديد «من قبل بعض الزوار» عند بوابات الحرم إلى عدم وصول العديد من الزوار وخاصة كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة وحتى الأناس العاديين. إن تراكم الزوار ونومهم في الشوارع والممرات التي تؤدي إلى الحرم أو داخل الحرم وهذا يؤدي إلى التزاحم الشديد على رغم جهود المنظمين.
ان الطاقة الاستيعابية لنقل الزوار بين المدن المقدسة سواء في الحدود أو في المطارات التي لا تستوعب تلك الأعداد الهائلة، وأخص بالذكر مطار النجف الأشرف والذي شاهدت بأم عيني الأفواج البشرية والفوضى نتيجة تأخير جميع الرحلات المغادرة، وصغر حجم القاعة وقلة المرافق الصحية وصغر مساحة المطعم الوحيد داخل المطار.
حتماً لن يتوقف زوار الإمام الحسين من جميع بقاع الأرض عن زيارة الأماكن المقدسة في العراق سواء في أيام المناسبات أو في خلال الأيام العادية على مدار العام، لذلك يجب على المسئولين والساسة في العراق التركيز على الاهتمام بجميع البنى التحتية في مناطق العراق كافة، وضرورة تطوير جميع المرافق الخدمية، وبناء مطارات متطورة وكبيرة لتستوعب الزوار الملايين.
الإنسان العراقي ثروة والعراق الأبي الشامخ ثروة. وحتمًا يستحق العراق وشعب العراق بطوائفه كافة أن تستغل ثرواته من أجل ناسه ومستقبله وإنمائه على رغم جميع التحديات الداخلية والخارجية والحروب والنزاعات الطائفية والسياسية التي واجهته وتواجهه.
إقرأ أيضا لـ "نبيل حسن تمام"العدد 4866 - السبت 02 يناير 2016م الموافق 22 ربيع الاول 1437هـ
احسنت يا زائر الحسين
لقد ايقضت رغبة لدي لزيارة ابي الأحرار ، سيبقى الحسين محرابا لطلاب الحق والعدل، عندما تصل الصحن الشريف تتجلى لك كثير من معاني الاباء ، اللهم اكتبنا من زوار الحسين السائرين على دربه المتبعين على خطاه الشريف ، السلام على الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أنصار الحسين
الله يعودك
تقبل الله
وهل تركواالعراق لحاله؟
تعليقاًعلى الفقرة الأخيرة من المقالة الموفقة، وعلى زائر5أطرح سؤال: هل ترك أعداءالعراق العراق لحاله حتى يتمكن من بناءذاته؟فالحرب عليه قائمة منذ المحاولات الإرهابية .......حتى المحاولات الإرهابية الداعشية المدعومة بكل قوى الإمبريالية وأياديها الرجعية والطائفية والمصلحية والجاهلة..... ووووو. وإلا فإن العراق من أغنى الدول في العالم غني بما يمتلك في باطن الأرض وفوق الأرض وأهم من ذَا وذاك غنيٌ بإنسانه البسيط الذي يمثل قمة الروعة والإنسانية مع وجود الشواذ. والله يتقبل.
لعل هناك لبس
ذكر الكاتب أن البحرينين كانو جلهم من المشاية، ولعله يقصد الخمسة عشر مليوناً من العراقيين الذين كانو جلهم من المشاية فتقدمت جملة وغيرت المقصد..
الشكر للكاتب على تناول هذا الحدث ، وتقبل الله زيارتكم وجدد الله سفركم ورزقانا وإياكم دوام زيارتهم والسير على نهجهم ونيل شفاعتهم.
كربلاء
انا الله وفقني لزيارة الاربعين لمدة خمس سنوات متتالية واخرها قبل شهر ،، شعب العراقي الابي جداً محترم وخدوم لجميع زوار الحسين وبالاخص للبحرينين ، ولكن انا الذي لاحظته خلال الخمس سنوات بان للاسف ليس هناك تغير جدري فكل سنة لايتغير شيء بمعنى هاذي هي البنية التحتية لم تتغير المطار جداً صغير الحرم ضيق ولا يوجد به اي توسعة .. فالله يساعد العراق نتمنى له الافضل
الحسين قربان هذه الأمّة الخاتمة فهو من رسول كما صحّ في الحديث (حسين مني وأنا من حسين) بموقف الأمام الحسين حدّدت معالم الإسلام الأصيل ونهج السماء في ارساء العدالة والحرية والكرامة لبني الإنسان وتأصل مبدأ المجاهرة بالحقّ وإن كلّف النفس والنفيس لذلك خلدت كربلاء وخلدت قضية الامام الحسين وكل ذلك بارادة الله والا فمن عمل على اطفاء قضية الامام الحسين كثر لكنهم عجزوا وبقيت كربلاء
ببساطه ليش تروح العراق
لا يستوعب الاخوان السنه ماالذي يجعل الشيعي يخاطر بحياته ويذهب لبلد لا يوجد فيه مستوى كافي من الامن والرفاهيه وخصوصا لمن يقصد السفر في الباصات نقول ببساطه وفقط لادخل واكون بالقرب من عظماء وشهداء واقعة كربلاء واقول السلام عليك يا ابا عبدالله وعلى الارواح التي حلت بفناءك
الحمد لله
تقبل الله وجعل الله في ميزان حسناتك
زيارة مقبولة دكتور
هنيأ لكم والله يعودك