قبل 11 عاماً، كانت أنامل البحريني أحمد التتان، تحط إبداعاتها في «الوسط»، حيث البيئة التي شكلت محطة ضمن مشواره المكثف، في إشارة لتنقله للعمل في عدد من الشركات في مجال التصميم والإخراج، قبل أن يستقر في العام 2009 على تأسيس شركته الخاصة «Brandin You»، المتخصصة في تصميم الهويات البصرية.

وقبل 8 أشهر، تحديداً في مايو/ أيار 2015، كان للتتان ذي الـ 36 ربيعاً، بصمته التي تخطت حدود مملكة البحرين، حين أنتج كتابه الموسوم بـ «علامات عربية»، والذي «يسد ثغرة على المستوى العربي في مجال تصميم الهويات البصرية»، على حد تعبير مؤلفه.

نشوة الإنجاز الذي يتشارك فيه فريق العمل بشركة «Brandin You»، لم تخلُ من ملاحظات سجلها التتان عبر قوله «يمكنني القول إننا أمام عمل بحريني، لم ينل ما يستحق من دعم وتقدير على المستوى المحلي، في الوقت الذي كان الخارج حاضراً كبديل لكل ذلك»، قبل أن يرجع بعض أسباب ذلك لحجم السوق البحريني مقارنة بغيره من أسواق المنطقة، إلى جانب الحاجة للتسويق للكتاب.

في ذلك، يشير التتان لـ «الدعم الذي تحصّل عليه من معرض أبوظبي الدولي للكتاب، وذلك عبر قبولهم لمشاركتنا واستضافتنا وتقديم كل التسهيلات حتى قبل إصدار الكتاب، وطباعته في المطبعة المتحدة في أبوظبي، ثم عبر الإقبال على اقتناء الكتاب الذي نفدت منه حتى الآن نحو ألفي نسخة، جلها خارج البحرين»، متسائلاً في هذا الصدد عن أسباب غياب دور النشر المتخصصة في البحرين.

يتحدث التتان عن مولوده الأول بالقول «علامات عربية، هو أول كتاب للهويات البصرية العربية، وقد جاء ليسد النقص الكبير على مستوى الإثراء العربي فيما يخص الأعمال العربية»، مبيناً أن تخصص التصميم للهويات يعتبر تخصصاً حديثاً نسبياً في المنطقة العربية، وما هو متوفر للمحتوى، أجنبي، وحين بحثنا عن بديل له باللغة العربية لم نجد، فقررنا طرح فكرة الكتاب الذي يعتبر الأول عربياً ويختص بالإلهام في الهويات البصرية.

ويضم «علامات عربية» بين دفتيه، مشاركة لـ 23 شركة ومصمم، و300 شعار، و72 هوية بصرية، و8 مقالات، وسط حضور للشركات البحرينية، محدد بـ 4 شركات.

وتوضيحاً لمحتوى الكتاب، قال التتان «بدايةً كان الهدف منه، صناعة مرجع للهويات البصرية حتى نتمكن من تعريف الناس بالفرق بين الهوية البصرية والهوية التجارية، نظراً لأن المشكلة تطال تعريف المصطلح»، مُعرّفاً الهوية البصرية على النحو التالي «هي كل ما نراه من شعار للمؤسسات وملحقاته من أشياء بصرية، ويشمل الشعار (LOGO)، بطاقة الأعمال (BUSINEES CARD)، الرسالة (LETTER HEAD)، الظروف (ENVELOPS)، البنر، الملصقات، الختم، الموقع الإلكتروني...».

وأضاف «الكتاب يحتوي على أعمال مشاريعٍ لشركات عربية ومصممين عرب، ومحتواه موجه بشكل تخصصي لفئتين، المصممين والمهتمين بالتصميم، ورواد الأعمال، وذلك لاشتماله على مقالات تتحدث عن تأسيس العلامات البصرية والتجارية، وهنا نتحدث عن حاجة لأصحاب الأعمال فيما يتعلق بالمعرفة الضرورية والصحيحة لتصميم الهويات البصرية لأية مؤسسة».

في الإطار ذاته، تطرق التتان لقيمة الهويات البصرية للمؤسسات، فقال «الهوية البصرية أو التجارية لأي مشروع تعبر عن قيمة كبيرة جداً، وهنا سأستشهد بمثال الهويات البصرية والتجارية للشركات العالمية المتخصصة في تقديم مشروبات القهوة الساخنة، عبر تقديمها في كوب يحمل هوية الشركة، وبأسلوب التعامل الذي تعامل به معك موظف هذه الشركة، بالرائحة، بالصوت الموجود، بالتجربة الذي عشتها داخل هذا المقهى، وكل ذلك خصصت له الشركة مبالغ للوصول للمستوى الذي بلغته، بما في ذلك إخضاع الموظفين للتدريب واتباع سلوك وظيفي معين».

ونوه إلى أن الهوية البصرية هي مفتاح الهوية التجارية، فكل ما يقوم به الموظف ينعكس مباشرةً على هوية المؤسسة، مستشهداً في هذا الصدد بمشاريع بحرينية في مجال «فاست فود»، لـ «يتمكن أصحابها من منافسة الشركات العالمية، وذلك بفضل هويتها البصرية بما في ذلك الشعار، الأوراق التي تلف بها «السندويتشات»، الأكياس، الكوب، بطاقة العمل، إعلان قائمة الطعام، لباس الموظفين، الهدايا التي تقدم للزبون...، وكل ما يمكن الزبون من تمييزه للشركة»، مؤكداً أن الهوية البصرية تمثل أحد أهم عوامل نجاح أية مؤسسة.

كما بين أن الأرقام تتحدث عن تأثير غلاف الكتاب على قرار الزبون الساعي لاقتنائه، بنسبة تبلغ 70 في المئة، فيما يؤثر بنسبة 41 في المئة على الزبون في حالة عدم سعيه المباشر للحصول على الكتاب، وعقب «إذا عرفنا ذلك، ونحن نتحدث هنا عن مجرد كتاب، فسنعرف القيمة البالغة للهويات البصرية التي هي أوسع وأشمل».

بحرينياً، انتقد التتان الوعي المتدني بقيمة الهويات البصرية، مشيراً إلى أن «صحيح أن هيئة صندوق العمل (تمكين)، طرحت برامج خاصة بالتسويق، غير أن المشكلة تتمثل في أن الشركات والمصممين لا يعون قيمة الهوية»، وأضاف «علينا الإقرار بما نعانيه، بحرينياً وخليجياً عدا دبي، من مشكلة تتعلق بفهم قيمة الهوية البصرية والتجارية، فالدراسات الخاصة بالتصميم بدأت متأخرة، على العكس منها هو الحال في دبي، التي منها بدأت تبرز مشاريع كعلامات تنافس العلامات التجارية العالمية، وكل ذلك بسبب إيمانهم بقيمة الهوية».

وعودة للحديث عن برامج «تمكين» الداعمة للتسويق، قال التتان «المشكلة أن المستفيد من البرنامج لا يدرك معنى الهوية البصرية، وتأثيرات ذلك تطال القبول بأي خدمة أو عمل يقدم في هذا الصدد بلا انتقائية، وهنا يتبين الدور المهم لكتاب «علامات عربية»، الذي يقدم الحلول والأسس المناسبة لصياغة وتصميم هوية كل مؤسسة، بما يتناسب مع شخصيتها وتوجهات زبائنها، بما في ذلك الجوانب النفسية والاجتماعية». وبشأن الصدى الذي تمكن الكتاب من تركه، أوضح التتان «الصدى في غالبه خارج البحرين، من بين ذلك مشاركاتنا في المعارض، أحدثها معرض جدة، إلى جانب الإشادة التي تحصلنا عليها من قبل وزير الإعلام العماني الذي اقتنى الكتاب بشكل شخصي، بالإضافة إلى اقتناء الكتاب من قبل دور نشر أجنبية ومكاتب عربية، وإشادتهم بالكتاب من حيث المحتوى والطباعة».

أما المطالب الخاصة بتطوير واقع التعاطي مع مجال الهويات البصرية، فعبر عنها التتان بالقول «بداية لا بد من وجود فهم للهوية البصرية، وقبل ذلك لا بد من فهم للاختلاف بين الشعار والهوية»، مبيناً أن المسئولية تقع على عاتق الأطراف ذات العلاقة، ومثنياً على برامج «تمكين»، قبل أن يستدرك ليؤكد على أن بداية التغيير ورفع مستوى الوعي يبدأ منها، معبراً في هذا الصدد عن أسفه لتعاطي «تمكين» السلبي مع «علامات عربية». وضمن طموحاته، التي يقول عنها صاحبها إنها لاتزال في بداياتها، قال التتان «نعمل على النسخة الثانية بعنوان «علامات عربية 2»، ونأمل أن يرى النور في النسخة المقبلة لمعرض أبوظبي الدولي للكتاب، إلى جانب السعي لتأسيس دار نشر متخصصة»، مفضلاً التعبير عن تحوله من موظف لصاحب عمل بـ «التمرد»، وصولاً لمواجهة التحديات والوصول بالشركة المتكئة على 5 بحرينيين، لحالة الاستقرار.

يختتم حديثه بالقول «دائماً ما أضع نصب عيني عبارة «الحاجة أم الاختراع».