العدد 4864 - الخميس 31 ديسمبر 2015م الموافق 20 ربيع الاول 1437هـ

فايننشال تايمز: الشركات الخليجية تستعد لحقبة التقشف المالي

الوسط - المحرر الاقتصادي 

تحديث: 12 مايو 2017

انتشر شعار لاذع على شبكات التواصل الاجتماعي في دول الخليج خلال موسم الأعياد يقول «كل ما نتمناه في السنة الجديدة هو أن ترتفع أسعار النفط ، وفق ما نقلت صحيفة "القبس" الكويتية اليوم الجمعة (1 يناير / كانون الثاني 2016).

حطت الكآبة على المنطقة بعد أن انخفضت أسعار النفط الخام الى النصف منذ أكثر من 18 شهرا مبددة معها 360 مليار دولار من عائدات التصدير خلال العام الماضي.

المقاولون المتعاقدون مع الدولة والقطاع العقاري وحتى المستثمرون الأجانب يشعرون بالمعاناة، حيث يدفع الركود الحكومات الى خفض الانفاق.

 «2015 كان عاما صعبا، لكن هذا ليس الا مجرد بداية لعملية تكيف ستستغرق عدة سنوات: 2016 سيكون عاما صعبا أيضا وبنفس القدر ثم هناك 2017 و2018»، بحســب ما يقول مسعود أحمد، مديــر صندوق النقد الدولي لمنطقــة الخليج، مضيفـا أن «وتيرة التباطؤ لن تخف العام الحالي».

عمليات خفض الانفاق الصارمة والكبيرة أثارت توتر شركات القطاع الخاص في السعودية، أكبر اقتصاد في المنطقة، وغيرها، فضلا عن تقويض سياسة السخاء الحكومي التي استخدمت لفترة طويلة لنزع فتيل التوترات الاجتماعية.

وهو تناقض ملحوظ وواضح مع العقد السابق الذي مثل حقبة سادها الارتياح بفضل الأرباح السهلة والانفاق الحكومي المرتفع، الذي توقف لفترة وجيزة نسبيا بسبب الأزمة المالية العالمية وانهيار سوق العقارات في دبي.

يقول طارق فضل الله، الرئيس التنفيذي لبنك نومورا أسيت مانجمنت في الشرق الأوسط ومقره دبي «مر على دول مجلس التعاون الخليجي عام لا ينسى، فثقة المستثمرين المحليين ضعيفة ومن المرجح جدا أن يستمر تدفق الأنباء السيئة».

ويضيف «التقشف المالي وتشديد السياسة النقدية لا يمكن تجنبهما، وقد استعدت الأسواق للآثار السلبية المتوقعة. ان الأدلة المبنية على الأقوال اضافة الى الاحصاءات التي تشير الى وجود تباطؤ في النشاط الاقليمي تتزايد وغير قابلة للجدل».

وفي مواجهة تراجع أسعار النفط، وحرب مكلفة في اليمن وارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة، لا يوجد خيار أمام حكومات دول الخليج سوى شد الأحزمة.

وبعد تحقيق فائض مالي اجمالي تجاوز %10 من الناتج المحلي الاجمالي في عام 2013، دخلت اقتصادات دول الخليج عميقا في اللون الأحمر (العجز). ففي أكتوبر، قدر صندوق النقد الدولي أن العجز الاجمالي لدول الخليج الست سيكون %13 من الناتج المحلي الاجمالي في 2015 ولن يشهد تغييرا يذكر خلال العام الحالي.

وتدرس حكومات دول الخليج الآن فرض ضريبة على المبيعات والشركات لايجاد مصادر جديدة غير نفطية من الايرادات لرفد خزينة الدولة.

وينظر الى مثل هذه التحركات بريبة وشك من قبل الشعوب التي اعتادت على الدعم الحكومي، كما أن الأعمال والشركات تستعد للدخول في حقبة جديدة أكثر صعوبة. وكما يقول أحمد من صندوق النقد الدولي «بالنسبة للقطاع الخاص، فان ذلك معناه تباطؤ في النشاط».

وتركت الأزمة الاقتصادية بالفعل آثارا سلبية كبيرة على القطاع العقاري، الذي يرمز أكثر من أي شيء آخر لسنوات الاندفاع في العقد الماضي.

ويشتكي المهندسون المعماريون من قلة العمل مع تعليق المشاريع وتأجيلها. وقدرت وكالة التصنيف الائتماني ستاندرد آند بورز تراجعا بنسبة 10 - %20 في أسعار العقارات السكنية في دبي لعام 2015. وقد أعلنت شركات التطوير العقاري التي تتخذ من الامارات مقرا لها، مثل أرابتك ودريك آند سكال، عن تكبدها خسائر في عام 2015.

ويتوقع يو تاو، المدير الاداري في الشرق الأوسط لشركة كونستراكشين انجنيرينغ كوربوريشن المملوكة للحكومة الصينية والتي تعد واحدة من أكبر شركات المقاولات في العالم، أن يؤثر التباطؤ سلبا في سوق البناء في الخليج بشكل عام.

ويضيف «من المرجح أن يظهر ذلك التأثير في عام 2016 وفي العام التالي وسيكون هناك تعطيل في صناعة البناء والتشييد».

ويشاركه المسؤولون التنفيذيون والمسؤولون الصينيون الآخرون الحذر ذاته، على الرغم من أن بكين التي تفوقت على الهند لتصبح أكبر شريك تجاري لدبي في 2015، تعتبر دبي قناة رئيسية للدخول الى منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.

تقول تشانغ يي، المستشارة الاقتصادية والتجارية في القنصلية الصينية في دبي ان الشركات الصينية في الخليج، بما في ذلك أكثر من 3000 شركة في دبي، تعاني من «تأثير غير مباشر» لتراجع أسعار النفط.

وتضيف «بشكل عام تعاني تلك الشركات من صعوبات»، في اشارة الى كيف أدى انخفاض أسعار النفط الى تراجع ثقة الشركات، وبالتالي يترجم هذا الأمر الى مشاكل بالنسبة لشركات تجارة الجملة الصينية. لكنها تشير الى أن شركات التكنولوجيا المتطورة تتوقع «مستقبلا أكثر اشراقا». واحدة من الأسباب الرئيسية لهذه المشاكل هو أن تكلفة الأموال آخذ في الارتفاع مع انخفاض سعر النفط، وهي الظاهرة التي ضربت ليس قطاع العقارات وحسب بل الخدمات المالية والعديد من القطاعات الأخرى أيضا.

يقول واحد من كبار المصرفيين في المنطقة «انخفاض عائدات النفط وارتفاع أسعار الفائدة الأميركية تسببا بنقص السيولة وارتفاع تكلفة الاقتراض».

الحكومات التي تعاني من ضائقة مالية تسحب من ودائعها في البنوك المحلية لتمويل العجز في ميزانياتها، ويتوقع المصرفي أن يزداد شح السيولة حدة مع استمرار تراجع ايرادات النفط الحكومية.

وتقوم كل من المصارف المحلية والعالمية بخفض عدد الموظفين بسبب مزيج من اعادة الهيكلة العالمية، وزيادة تكاليف الامتثال وتعرض هوامش الأرباح للضغوط.

ومع اغلاق بعض الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم لأعمالها وخروجها من السوق بسبب ارتفاع تكلفة رأس المال، من الصعب أن تجد للتفاؤل مكانا في ظل الأوضاع الحالية. فكل قطاع تقريبا يتأثر بالأزمة.

ويحذر المصرفي قائلا «أضف تزايد المشاعر والأجواء السلبية تجاه المنطقة الى هذا المزيج، والنظام لا يزال هشا»، وهو سبب اضافي لتمني المواطنين أن ترتفع أسعار النفط لتعفيهم من المعاناة.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً