شقت القوات السورية طريقها إلى داخل بلدة تسيطر عليها المعارضة في محافظة درعا بجنوب البلاد أمس الأربعاء (30 ديسمبر/ كانون الأول 2015) في هجوم قال المعارضون إنه مدعوم بأعنف قصف جوي روسي في الجنوب حتى الآن.
وقال الجيش السوري في بيان إن القوات دخلت منطقة الدوار الرئيسي ببلدة الشيخ مسكين وسيطرت على الأحياء الشرقية والجنوبية من البلدة التي تقع على طريق إمداد رئيسي من العاصمة دمشق إلى مدينة درعا.
وأكد مصدر بالمعارضة دخول القوات الحكومية أجزاء من البلدة وقال إن اشتباكات عنيفة تدور في حي بالشرق يعرف باسم المساكن وهي منطقة تضم عشرات المباني السكنية التي شغلها في السابق ضباط كبار بالجيش.
وقال قائد في فصيل معارض بارز يشارك في القتال بالمنطقة إن القصف الروسي العنيف لمواقع المعارضة لعب دوراً حاسماً في تحويل الكفة في غير صالح المعارضة التي أحصت مئة غارة على الأقل عليها خلال اليومين الماضيين.
وقال قيادي بجبهة ثوار سورية المشاركة في المعارك «هذه أعنف غارات روسية لدعم الأسد شفناها في درعا من بداية العدوان الروسي وبدونها جيش النظام الذي يعاني النقص وكان متقهقراً ما كان حقق هذا التقدم».
وقالت عناصر بالمعارضة المسلحة على الأرض لـ «رويترز» إن معارضين من طيف واسع من الجماعات- بعضها مدعوم من قوى غربية وتشمل حركة المثنى الإسلامية- قاتلوا لصد الهجوم قرب قاعدة جوية سابقة إلى الشمال من الشيخ مسكين.
وهجوم الجيش على الشيخ مسكين جزء من أول هجوم كبير للقوات الحكومية في جنوب سورية منذ بدأت مشاركة روسيا في القتال في 30 سبتمبر/ أيلول الماضي لدعم الأسد.
وإذا استعادت القوات الحكومة الشيخ مسكين فسوف تعزز سيطرتها على المنطقة شديدة التحصين التي شكلت خط دفاع جنوبياً لحماية دمشق.
ولم تؤكد روسيا شن الغارات وتركز الهجمات الروسية حتى الآن على مناطق الشمال الغربي والمناطق الساحلية.
وسوف تتيح السيطرة على الشيخ مسكين للجيش مواصلة الضغط جنوباً صوب بلدات تسيطر عليها المعارضة مثل إبطع وداعل وعتمان قرب مدينة درعا.
من جانب آخر، أعلنت واشنطن الثلثاء أن وزير الخارجية الأميركي، جون كيري أعرب لنظيره الروسي سيرغي لافروف خلال مكالمة هاتفية الإثنين عن اسفه لمقتل قائد «جيش الإسلام» زهران علوش في غارة جوية في غوطة دمشق الأسبوع الماضي.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية، مارك تونر إن الولايات المتحدة لديها حتماً تحفظات على خطاب وتكتيك جيش الإسلام، الفصيل المعارض الاقوى في ريف دمشق والمدعوم من السعودية، لكنها لا تغفل أن علوش كان مستعداً للمشاركة في مفاوضات سلام برعاية الأمم المتحدة.
وأضاف «نأمل أن لا يرسل هذا الأمر (مقتل علوش) رسالة تحبط عزيمة باقي أعضاء المعارضة السورية (...) الذين أبدوا استعدادهم للمشاركة في عملية» السلام.
وكان وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير اعتبر الثلثاء أن مقتل علوش لا يخدم عملية السلام في سورية.
من جهتها، وصفت وزارة الدفاع الروسية أمس اتهامات واشنطن بأن الضربات الروسية تقتل المئات من المدنيين في سورية بأنها «سخيفة» و»لا أساس لها».
وأوضحت الوزارة في بيان «كل هذه التصريحات المجهولة التي لا أساس لها حول الاستخدام المزعوم للطيران الروسي ضد أهداف مدنية في سورية تذكرنا على نحو متزايد بأداء المنوم المغناطيسي في السيرك».
كما نددت الوزارة الروسية بـ «الصمت المطلق عن العمليات، وقبل كل شيء، نتائج قصف الطيران الأميركي في هذه المنطقة»، الذي خلف «عدداً كبيراً من الضحايا (المدنيين)، بحيث بات من المستحيل إخفاء ذلك أو تحميل المسئولية عنه إلى طرف آخر».
وفي تطور آخر، اعتقلت السلطات السورية أمس إثنين من أعضاء هيئة التنسيق الوطنية عند الحدود مع لبنان، أثناء توجههما إلى الرياض للمشاركة في اجتماع تعقده الهيئة العليا للتفاوض المنبثقة عن اجتماع المعارضة الأخير، وفق ما أكد أحد زملائهم.
وقال أمين سر هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي، أبرز مكونات معارضة الداخل المقبولة من النظام، يحيى عزيز لوكالة «فرانس برس»: «أوقفت السلطات السورية أمس الزميلين أحمد العسراوي ومنير بيطار عند نقطة الحدود السورية اللبنانية خلال توجههما لحضور اجتماع الهيئة العليا للتفاوض في الرياض، وتم اقتيادهما إلى جهة مجهولة».
وفي سياق آخر، طلبت روسيا من أنقرة أمس الأربعاء توقيف تركي تتهمه بقتل طيارها الذي تمكن من الهبوط بالمظلة حين أسقطت مقاتلات إف-16 تركية طائرته على الحدود السورية في 24 نوفمبر/ تشرين الثاني.
وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زخاروفا «نطالب بإجراءات فورية من جانب السلطات التركية لتوقيف الب أرسلان جيليك وكذلك المتآمرين معه وإحالتهم إلى القضاء بتهمة قتل الطيار الروسي».
وفي مقابلة مع صحيفة «حرييت» التركية نشرت الأحد قال المواطن التركي، جيليك الذي يقاتل مع المعارضين التركمان في سورية إن «ضميره لا يؤنبه على شخص يلقي قنابل على السكان التركمان يومياً» في إشارة إلى الطيار الروسي.
وقال جيليك إن «الثأر هو حق طبيعي» بدون أن يتبنى إطلاق النار أو إعطاء الأمر بإطلاق النار على الطيار.
وقالت زخاروفا في بيان «لقد أقر بضلوعه المباشر في قتل الطيار الروسي، وهو غير نادم عن أفعاله».
وعبرت زخاروفا عن «استغراب واستنكار» موسكو لرؤية إحدى أبرز الصحف التركية تفرد «مساحة واسعة لقتلة وإرهابيين يفاخرون بجرائمهم وينشرون الحقد ضد روسيا والشعب الروسي عبر خطاب قومي».
العدد 4863 - الأربعاء 30 ديسمبر 2015م الموافق 19 ربيع الاول 1437هـ