العدد 4862 - الثلثاء 29 ديسمبر 2015م الموافق 18 ربيع الاول 1437هـ

إليك يانون

خلال مسيرة عملي في حقل الإعلام التي امتدت 19 عامًا، التقيت بالكثير من النساء... نساء يعملن في مواقع متعددة، منهن من هي في أعلى قمة عملها وأكثرهن عطاء، وأخريات يعملن بمثابرة في مواقع متوسطة وأخريات هن سيدات بيوتهن... خلال تلك اللقاءات الرسمية والاجتماعية، اعترفن بصوت مليء بالحسرة بأنهن حبيسات قفص الانتظار! هذا القفص الذي تأخذ جدرانه بالضيق شيئًا فشيئًا... الانتظار بأن ينتبه أحدهم لوجودهن وأن يعي بأنهن يستحقن مكانًا ومستوىً أفضل مما هنَّ فيه، وأن بقاءهن حيث هنَّ غير ذي جدوى! ذلك يشعرهن بعجزهن عن تغيير هذا الواقع.

الانتظار، هذه الصفة التي تلاحقنا منذ الصغر في كل مفاصل حياتنا خاصة عندما يكون الحديث عن الزواج والإنجاب، فتلك تنتظر فارس الأحلام وتلك تنتظر الإنجاب وبينما أخرى تنتظر الغائب بغير علم متى وكيف سيأتي، حتى تحولت تلك الصفة إلى جزء من تركيبتنا النفسية نحن معشر النساء وأخذناها معنا حيث نرسم حياتنا المهنية، فعملنا بكل جد واجتهاد ولكن مازلنا ننتظر من يشعر بوجودنا في عملنا وأن ينتبه لما نقدمه، وأن يقدر هذا العطاء الذي لا يقل بأي شكل من الأشكال عن عطاء نظيرنا الرجل.

إذن ما الذي نحتاج إليه؟ هل الاستمرار في ممارسة لعبة الانتظار حتى يتغير العالم من حولنا حتى يفوتنا القطار ونورث لبناتنا ذات الورث الفكري؟ ماذا لو، بدلًا من انتظار أن يكتشفنا الآخر أو أن يظهر فجأة من يؤمن بِنَا وبما نقدمه من مجهود لا يقل بل قد يزيد في مواقع كثيرة عما يقدمه الرجل، ماذا لو فكرنا بأنفسنا نحن النساء؟ ماذا لو آمنا بذواتنا وإمكانياتنا وقدراتنا؟ ماذا لو قلنا لذواتنا كل يوم “أنت تستحقين”؟

نعم عزيزتي نُون، وأنا أُولاكن، تستحقين أن تَأخذي الفكرة بجدية، فأنت لستِ بما ترتدينه من أثواب سواء كانت من أغلى الماركات أو أفقرها، بل أنت بمضمونك الفكري والعقائدي، تستحقين أن تكوني في المكان المناسب لإمكانياتك التي لم تتواني لحظة طوال سنواتك في تنميتها وتطويرها، تستحقين أن تجني ثمار ما زرعتِه منذ الصغر حتى بلغت ما بلغتيه، هذه ليست الصورة التي نحلم بها بل هو العالم الذي نستحق أن نحيا فيه.

ما نحتاج إليه هو أن نبحث عن أصواتنا ونستخدمها كي يرانا الآخرون بدلًا من الانتظار والتمني... أن نرفع صوتنا ونقول ما نحن في حاجة إليه لنسمع العالم نجاحاتنا... لنستخدم صوتنا في الدفاع عن أنفسنا، فإن عجزنا أن نفعل ونقدم لأنفسنا ما نستحق فلا أحد سيقدم لنا ما عجزنا نحن عن فعله لأنفسنا، حتى لا نكون نحن من يجني على أنفسنا وذاتنا، وحتى لا نربط مصيرنا بالآخرين ونكون كمن يرى العالم بمنظارهم، فلنكن التغيير الذي نريده في العالم كما قال المهاتما غاندي وهو القول نفسه الذي جعله يقود العالم، وتأكَّدي بأنه لا يستحق السعادة من لم يفعل شيئًا للحصول عليها .

إيمان مرهون

إعلامية بحرينية

العدد 4862 - الثلثاء 29 ديسمبر 2015م الموافق 18 ربيع الاول 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً