خاص - بيللا:
لا تشك سيدة الأعمال الأستاذة ديما عبدالرسول الحداد إطلاقًا في أن المرأة البحرينية (ناجحة) في كل المجالات، بل تبرهن على ذلك بالإشارة إلى أنه في الماضي، حيث كان الرجال يخرجون في موسم صيد اللؤلؤ إلى البحار لمُدد تتراوح بين 4 إلى 6 أشهر، كانت المرأة تقوم بواجباتها في رعاية أسرتها وتدبير أمورها على أكمل وجه.
وبالطبع، فإن التحاور مع شخصية نسوية بحرينية بارزة مثل السيدة ديما الحداد يتيح الفرصة للخروج من حيز المشاريع والأعمال التجارية والاستثمار إلى حيز يأخذنا إلى حياتها اليومية، ولهذا حين سألناها عن قربها من الحياة الاجتماعية العامة وعن أهم قضايا المرأة والمجتمع التي تسيطر على اهتمامها أجابت بالتأكيد على أن التقصير وارد في كثير من الأحيان، ذلك لأن المرأة العاملة تحاول دائمًا التوفيق بين العمل والعائلة وحياتها الاجتماعية والالتزامات الأخرى، وما أرادت توضيحه هو أنها لا تحب أبدًا أن تتأخر عن تلبية الدعوات خصوصًا إذا كانت مرتبطة بالجوانب التي تهتم بها وعلى رأسها تمكين المرأة سياسياًّ واقتصادياًّ وفي كل مجال ترى فيه قدرتها على المشاركة والعطاء.
أُنجز كل شيء بنفسي
سيدة ديما، هذا يجعلنا نفتح أفقًا آخر لنقترب أكثر من قضايا بعينها تنضوي تحت اهتماماتك الشخصية، فما هي أبرزها؟
ديما الحداد: لا أخفي القول حين أتكلم عن أنني أفخر بأن أكون (موجهة) لرائدات الأعمال أو الأمهات بشكل عام، فاهتماماتي متعددة مع حبي للجانب الاقتصادي، ولذلك، فإن أي إنسان يلجأ لي طالبًا المشورة أكون في خدمته، وقد مكنتني مشاركاتي في عدة جهات من التعرف على الكثير من الأمور، فمثلًا، لنتحدث عن برنامج (مشروعي) الهادف إلى دعم رائدات الأعمال بالتعاون بين مختلف الجهات ذات العلاقة، فقد كان عندي 10 فرق وهذه الفرق تحتاج إلى الخبرات، وكم كنت سعيدة وأنا أنقل لهم خبراتي وكيف أنشأت العمل وما هي الطريقة التي تجاوزت بها العقبات، فكل ما نعيشه في حياتنا كما تعلم نكتسب منه المهارة والخبرة المهنية، وللعلم، فإنني أحب أن أعمل كل شيء بنفسي.
كل شيء.. لماذا؟
ديما الحداد: حين تقوم بكل شيء، وهذا منهجي، فإنك تكون قريبًا من سير العمل والمعوقات في كل مجال ثم إنك إن اعتمدت على شخص آخر فلن تتعلم! سواء للمرأة أو للرجل، فلابد من مباشرة الأعمال أولًا بأول لتحقيق تراكم الخبرة والمعرفة وحتى لا تضطر لإعادة الكثير من الأمور من جديد لأنك بذلك أتقنت الطريقة.
دعونا نهتم بذوي الاحتياجات الخاصة
ورجوعًا إلى السؤال المتعلق بالقضايا التي تثير اهتمامي، أقول إنني عضو في مركز الرحمة لذوي الاحتياجات الخاصة وتشرفت بعضوية الاتحاد البحريني للمعاقين لفترة من الزمن، وفي هذا المجال أود القول إننا حتى الآن لم نقدم شيئاً مهماًّ وفق ما تحتاجه فئة ذوي الاحتياجات الخاصة لا سيما من المنتسبين لذوي الدخل المحدود، وبالمناسبة، أنا مع سن قوانين تلزم الأم أو الأب أو أسرة ذوي الاحتياجات الخاصة بمضاعفة الاهتمام بهذه الفئة، فالدولة تمنح كل رب أسرة المساعدة التي تعينهم في رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة من ناحية توفير متطلبات المعيشة والدراسة والاستقرار النفسي وكذلك إدراجهم في سوق العمل، فالكثير من المؤسسات ولله الحمد أدركت دورها بتدريب وتوظيف تلك الفئة، لكن للأسف، أنت تعلم بأن بعض الأسر ترفض الفرصة لتدريب وتأهيل المعاق، وبذلك، يصبح وجودهم في الطرقات خطرًا نتيجة تعرضهم للتحرش أو الاغتصاب بالنسبة للجنسين، فأنا دائمًا أطالب بقوانين تحميهم بل وأطالب القطاع الخاص أن يضاعف مشاركته في مجال ابتكار برامج ومنها في المدارس لتحقيق الفائدة لا سيما للأطفال الذين يعانون من التوحد.
لم (نصلْ) إلا بدعم الرجال
واسمح لي أن أنتقل للحديث عن القطاع التجاري، فأنا عضو في مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة البحرين، وفي المجلس نحن 4 نساء نتعاون مع زملائنا الرجال وهم دائمًا يبادرون للتعاون والمساعدة، ونحن ما وصلنا إلى ما وصلنا إليه إلا بدعم الرجل في كل المجالات، فحين يؤمن الرجل (الأب، الأخ، الزوج، المدير) في قدرات المرأة ويثقون بها فإن النتائج المتحققة تكون كبيرة، والإنسان المناسب هو الذي يصل إلى الرتب العالية وأنا ضد الحصص أو (الكوتا) في كل شيء، ودعنا نتفق على أن الرجل أو المرأة حين يمتلكان الخبرة والقدرة على الإنجاز فإن هذا هو الأساس السليم.
سيرة عمل سبقت الإنجاز
وفي البحرين، فالمرأة ولله الحمد تحصل على كل حقوقها السياسية والاجتماعية، وفي عهد جلالة العاهل المفدى، توسعت الحقوق المكتسبة للمرأة، وأعتقد أنه من المفروض أن نواصل منطلقين من أن المرأة شريك في بناء الأسرة والمجتمع وهذا دورها الطبيعي، ولابد من التفكير ملياًّ في الإنجازات والمكتسبات التي حققتها الكثير من النساء اللواتي عملن وحصدن الثمار، فالقيادة الرشيدة والمجتمع البحريني منحوا المرأة الثقة عبر معرفة دورها الصحيح، وهذا ما يجب أن يعرفه الجيل الجديد.. يلزم أن يتعرف هذا الجيل على أن هناك سيرة عمل سبقت تحقيق الإنجاز، وإذا سلمنا بأن الرجل يعمل مرة، فالمرأة تعمل ثلاث مرات وعليها الالتزام بمتطلبات عملها وبيتها في آنٍ واحد.
مكتسبات للمرأة العاملة
إذن، على هذا الأساس تضعين منهجك في التوفيق بين العمل والأسرة والتزاماتك الحياتية والاجتماعية، هل هو كذلك؟
ديما الحداد: أول وأهم شيء هو الأسرة، ولك أن تعرف أنني من الناس الذين يؤمنون بأن على الرجل والمرأة أن يعملا جنبًا إلى جنب لتوفير متطلبات المعيشة واحتياجات العيال والأسرة، فتكاليف الحياة باهظة ومرهقة مهما كان مستواك الاجتماعي، وهنا أمر حبذا لو ناقشناه وهو أن بعض النساء يدخلن سوق العمل قبل الزواج، ثم ينجبن ويتوقفن ويرجعن من جديد للعمل، ولذلك، فإن القوانين الجديدة التي صدرت بدعم من المجلس الأعلى للمرأة ساهمت في إضافة مكتسبات للمرأة العاملة كإجازة الوضع وساعات الإرضاع وغيرها، وأهم ما في ذلك الأمر هو ألا تكون المرأة في نهاية المطاف عنصراً غير مطلوب في العمل.
نحن البحرينيات، تعلمنا أيضًا من أمهاتنا وخالاتنا وقريباتنا كيفية التوفيق بين العمل والمنزل بتنظيم الوقت والإنتاج، ويمكنك أن تجد الكثير من النساء يجلسن في المنزل ولكن الوقت الذي يقضينه مع أسرهم وأولادهم أقل بكثير من الوقت الذي تخصصه المرأة العاملة، بل يختلف حتى من ناحية نوعيته وجودته، فالمسألة تكمن في القدرة على التنظيم بمعرفة استغلال الوقت وتغطية الالتزامات، وكلما كبر الأولاد أصبحت المرأة متفرغة بدرجة أعلى للعمل في فترة العمل ثم للمنزل بعد العمل، ولها أن تتعامل مع (الوقت المرن) من ناحية التزاماتها الاجتماعية وشئون الحياة الأخرى.
كُتُب التاريخ وسِيَر الشخصيات
في وسعنا أن ننتقل للحديث عن مساحة القراءة، ما هي المجالات التي تحبين اقتناء الكتب والقراءة فيها؟
ديما الحداد: أحب كثيرًا القراءة في مجال التاريخ، وأحب القراءة عن سير الشخصيات من رجال ونساء من مختلف الحضارات، وبشغف، أحب القراءة في مجال المجوهرات والأحجار الكريمة، وعلى كل حال، كل كتاب أقرأه أو كل ندوة أو محاضرة أحضرها استفيد منها ولو بكلمة، وأنا من محبي القراءة (أونلاين) وليس القراءة من الكتب الورقية، ولا أقرأ الكتب والقصص والروايات الخيالية، بل حتى الأفلام الخيالية لا أميل إليها...أحب الواقعية، وفي شبكة الإنترنت، يذهلني تصفح موضوع تلو الآخر بخيارات مفتوحة واسعة.
“الهند”... بلد العجائب
ومن القراءة إلى السفر.. أي الوجهات مفضلة لك؟
ديما الحداد: الهند... بلد العجائب، وما يدهشني في الهند أنها حضارة عريقة وبلد تبعث الراحة، كما أحب المدن والدول التي تزخر بالحضارة والثقافة واللغات والمكونات الاجتماعية المتعددة، أضف إلى ذلك حبي للسفر إلى إنجلترا وروسيا وكل مكان فيه الجمال والهدوء.
الجذور القوية الثابتة
لكل سيدة أعمال متميزة قاعدة ذهبية تنقلها إلى غيرها من النساء، فماذا لدى الأستاذة ديما الحداد في مسك ختام هذا الحديث الجميل؟
ديما الحداد: أنا سعيدة للغاية بهذا الحوار حقيقةً، ما أعتبره قاعدةً ذهبيةً هو أن المرء يعمل ويتقن كل شيء يعمله سواء في البيت أو في عمله أو في أي مكان آخر، لابد من إكمال كل عمل وألا يتركه ناقصًا بالمثابرة والجد للوصول إلى النجاح، وليس هناك شيء اسمه حظ، فحتى الحظ ينتهي! وما لم تمتلك جذورًا قويةً ثابتةً فأي ريح عابرة ستقتلعك من مكانك.
إن المثابرة والجدية والاعتماد على العقل له فعل كبير نحو النجاح، والمرأة التي تعمل مع الرجال عليها أن تفكر أولًا في احترامها لذاتها وتبرز بالمظهر اللائق وتفرض على الرجل احترامها، وهذا ما أثبتته المرأة البحرينية التي نجحت في كل المجالات، حتى أنك حين تسافر إلى الخارج تجد الآخرين يعرفون البحرينيين ويرحبون بهم لأننا رواد في عدة مجالات ولابد أن نحافظ على هذه الريادة.
العدد 4862 - الثلثاء 29 ديسمبر 2015م الموافق 18 ربيع الاول 1437هـ