العدد 4859 - السبت 26 ديسمبر 2015م الموافق 15 ربيع الاول 1437هـ

الـ «نوموفوبيا»... حين يتحول الأحياء لمومياء

في شهر أغسطس الماضي أثار مذيع «بي بي سي»، كريس ميتشيل، ضجة حينما تظاهر بأنه يستخدم جهاز «آي باد» في نهاية فقرته الرياضية، في حين كانت يداه فارغتين من الجهاز، فكأنما كان ينقر على أصابعه كما لو كان معه. لا نعلم حقيقة ما دفعه لذلك، إلا أن التحليلات تفترض أن ميتشيل قد نسي إحضار الجهاز وتقرر إظهار الجزء الأعلى من جسده فقط في ختام الفقرة، وهو ينظر لأسفل في إشارة لاستخدام الـ «آي باد»، لكن يبدو أن فريق التصوير لم يتدارك الأمر وكشف عن سائر جسده.
على رغم كونه موقفاً مضحكاً ومحرجاً، إلا أنه يُخلِّف حوله الكثير من التساؤلات، خصوصاً فيما يتعلق بالهوس والإدمان في استخدام الإلكترونيات، فأنت أو ربما أنا سنقع في ذلك الموقف يوماً ما إذا أصررنا على مواصلة تعاطي الإلكترونيات كمدمنين. حيث صارت الأصابع لا إرادياً تتجه نحو الهواتف بين حين وآخر.
وتظهر الإحصاءات أرقاماً مخيفة، حيث تثبت أن مستخدمي الهواتف المحمولة يتفحصون هواتفهم نحو 150 مرة في اليوم الواحد، أي مرة كل 6 دقائق؛ على افتراض أننا ننام 8 ساعات في اليوم.
وأدى ذلك إلى ظهور نوع جديد من الرهاب يسمى «نوموفوبيا»، عرفته موسوعة ويكيبيديا بأنه عبارة عن مرض يصيب الفرد بالهلع من فقدان الهاتف المحمول أو التواجد خارج نطاق تغطية الشبكة، ومن ثم عدم القدرة على الاتصال أو استقبال الاتصالات.
وأشارت دراسة أجرتها شركة «سكيوريتي إنفوي» المتخصصة في الخدمات الأمنية على الأجهزة المحمولة، إلى أن 66 % من مستخدمي الهواتف المحمولة في بريطانيا وحدها يعانون من الـ «نوموفوبيا».
وأظهرت الدراسة التي نشرتها صحيفة «الدايلي ميل»، أن معدلات الإصابة بالـ «نوموفوبيا» تنتشر بصورة أكبر بين فئة الشباب من عمر 18 إلى 24 عاماً، حيث أفاد 77 في المئة منهم بأنهم لا يستطيعون التواجد بعيداً عن هواتفهم المحمولة لثوانٍ معدودة، بينما بلغت هذه النسبة 68 في المئة بين الفئة العمرية من 25 إلى 34 عاماً. وبيّنت كذلك أن النساء بتن مهووسات بفقدان هواتفهن أكثر من الرجال.
دراسة أخرى قامت بها إلكترونيات ويلسون، أكدت إن 62% من النساء، و48% من الرجال اعترفوا بأنهم يتفحصون الهواتف المحمولة الخاصة بهم حتى أثناء ممارسة الجنس. وهذا يدل حقاً على أننا نسينا حياتنا الاجتماعية والخاصة في ظل الإلكترونيات.
لا توجد نسبة دقيقة لعدد مدمني الإلكترونيات في الخليج العربي أو البحرين، ولكن هنالك مؤشرات تؤطر حجم المشكلة؛
فمثلاً نسبة تشغيل نظامَي «أبل» و«أندرويد» قد شهد نمواً في الفترة الأخيرة، وحسب إحصاء عُمل بين يناير/ كانون الثاني إلى مارس/ آذار 2013، أظهر أن البحرين من أعلى الدول في تشغيل هاذين النظامين بمعدل 75%. إلى جانب ذلك هنالك نمو في مبيعات شركات الإلكترونيات كشركتَي «سامسونج» و«أبل» وغيرهما من شركات الإلكترونيات.
وتشير آخر التصريحات إلى أن عدد الهواتف المحمولة في البحرين للعام 2014 قد وصل إلى مليون؛ أي بنسبة 183 % لكل 100 مواطن، وبلغ عدد أبراج الاتصال إلى 1177 برجاً، وعدد الموظفين في هندسة أو مجال قطاع الاتصال 3000 موظف، حسب ما صرح الأستاذ المشارك في هندسة الاتصالات اللاسلكية في قسم الهندسة الكهربائية والالكترونية بجامعة البحرين مهاب منجود، وذلك على إثر محاضرة له بمركز عبدالرحمن كانو الثقافي تحمل عنوان «الجيل الخامس ومستقبل شبكات الهواتف المحمولة» في فبراير/ شباط من هذا العام.
إذا كنت مستعداً حقاً للتحرر من إدمان الهاتف، فهنالك أمور عدة ستساعدك:

إيقاف الإخطارات:
اعمل على إيقاف إخطارات أو تنبيهات رسائل «إنستغرام» أو «تويتر» أو «واتس أب»، واضبط فقط ما تحتاج حقاً له، فإذا كنت بانتظار رسائل طارئة عبر البريد الإلكتروني فعِّل تنبيهات الـ «Gmail».
وبهكذا؛ خصِّص لك وقتاً مستقطعاً في اليوم لرؤية الرسائل التي ستتراكم سريعاً، بدلاً من أن تقوم بمراجعتها طوال اليوم كل خمس دقائق أو أقل.

إيقاف تثبيت التطبيقات:
إذا كان إيقاف الإخطارات لم يعمل بشكل جيد بالنسبة لك، كن شجاعاً وألغِ التطبيقات غير الضرورية من هاتفك، ألغِ التطبيقات التي بإمكانك العيش من دونها. فمثلاً إذا كنت لست بحاجة إلى «فيسبوك» و«تويتر» على هاتفك قم بحذفهما، واكتفِ بمطالعتهما من كمبيوترك المحمول في وقت مستقطع باليوم.هذا الأمر سيزيد مساحة التخزين على هاتفك ويقلل من فوضى التطبيقات على شاشتك.

تنشيط وضع الطيران:
وضع الطيران هو وسيلة سهلة وسريعة لإيقاف تشغيل جميع الاتصالات اللاسلكية على الكمبيوتر. كما يوحي الاسم، يكون استخدام هذا الوضع مفيداً، خصوصاً عندما تكون مسافراً على متن طائرة. يتضمن الاتصال اللاسلكي اتصالات «WiFi»، وشبكات الجوال المستخدمة للوصول إلى الإنترنت، و«Bluetooth» و«GPS» أو «GNSS»، والاتصال بالحقل القريب (NFC)، وجميع أنواع الاتصالات اللاسلكية الأخرى.
وبهكذا سيقطع اتصالك بالآخرين إلا إذا كنت بحاجة فعلاً للاتصال لأحد ما، فحينها ستلغي وضع الطيران. ستكتشف مع الوقت أن بإمكانك البقاء على قيد الحياة بضع ساعات خالية من إخطارات ورسائل غير مهمة ولا فائدة منها سوى إهدار الوقت.
ستبدأ حياتك بشكل طبيعي، فبدلاً من أن تتحقق من هاتفك بمجرد استيقاظك من النوم، ستكون بدايتك طبيعية، وستعود للعالم الحقيقي مرة أخرى.

استخدام أدوات مخصصة لذلك:
هنالك تطبيقات خاصة تضع لك حدوداً في نشاطك على الهاتف المحمول، فمثلاً تطبيق «BreakFree» يساعدك في تعقب المدة التي تقضيها في استخدام الهاتف، كما يذكّرك بأوقات الاستراحة أو التوقف عن استخدامه. يرصد لك التطبيق إذا كنت تجري الكثير من المكالمات أو أنك تهدر وقتك في استخدام تطبيق معين. فإذا استخدمت هاتفك لأكثر من ساعة سيطلب منك التوقف، وسيقترح عليك إيقاف تشغيل الجهاز أو إلغاء الاتصال بشبكة الإنترنت أو تجاهل المكالمات الواردة. هذا التطبيق يحدد لك نسبة إدمانك ويساعدك على تقليل نسبة استخدامك للهاتف الذكي مع مرور الوقت.

العدد 4859 - السبت 26 ديسمبر 2015م الموافق 15 ربيع الاول 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً